المتحدث الرئاسي ينشر صور الرئيس السيسي أثناء افتتاح البطولة العربية للفروسية العسكرية بالعاصمة الإدارية | إشادة دولية.. الهلال الأحمر يكشف كواليس زيارة الأمين العام للأمم المتحدة والوفد الأوروبي إلى ميناء رفح | قرار من النيابة ضد بلوجر شهيرة لاتهامها بنشر فيديوهات منافية للآداب العامة على المنصات الاجتماعية | الهلال الأحمر المصري: إسرائيل تعطل إجراءات دخول الشاحنات إلى قطاع غزة | "الحوثيون": استهدفنا مدمرة أمريكية في خليج عدن وسفينة إسرائيلية بالمحيط الهندي بطائرات مسيرة | الطرق الصوفية تحتفل برجبية "السيد البدوى" فى طنطا | الإسماعيلى .. برنامج تدريبي جديد لتجهيز اللاعبين استعدادًا للقاء الأهلي الأربعاء المقبل باستاد برج العرب | رئيس تنشيط السياحة: الخزانة العامة تستفيد بـ 35% من تذاكر الحفلات العالمية بمصر | حزب "المصريين": حضور السيسي فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية رسالة مهمة للشباب العربي | أستاذ علوم سياسية: المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان تزيد من تفاقم الحروب |
Close ad

ضد التصور الأسطوري للمرأة (7)

14-2-2021 | 16:41
الأهرام اليومي نقلاً عن

يظهر لنا يوما بعد يوم بطلان طريقة التفكير القائمة على إصدار أحكام عامة دون تمييز، تلك الطريقة التى نجدها فى الخطاب الدينى البشرى التقليدي، والتى تكرر الأنماط التقليدية لكل شيء، بما فى ذلك تصورها للمرأة.

وهى طريقة تهدر السياق فى فهمها للقرآن الكريم، وهى أيضا لا تفسر القرآن بالقرآن، وحتى عندما تزعم تفسير القرآن بالقرآن، فإن زعمها يقف عند الحدود النظرية وليس الممارسة الفعلية. كما أنها لا تفسر عمليا القرآن بالسنة الصحيحة أو المتواترة على الرغم من أنها ترفع هذا الشعار. وفى مقابل ذلك فإن الخطاب الدينى الجديد يسعى جاهدا لتلافى هذه الأخطاء، سواء فى المنهج أو فى التصورات، أو فى القوالب النمطية المتوارثة من بعض الأعراف الاجتماعية أو من قصص الأولين.

ومجددا نجد أدلة وأمثلة عديدة على ذلك، والتى تكشف أن التصورات والقوالب النمطية المتوارثة من بعض الأعراف الاجتماعية أو من قصص الأولين دون أسانيد من الوحى الكريم الثابت تاريخيا ثبوتا يقينا، تسيطر على طريقة فهم البعض للقرآن الكريم، وكأنها عدسات يرى من خلالها بعض المفسرين نصوص الوحى الكريم، وهذه العدسات ملونة بشكل مسبق، فإذا كانت حمراء فإنها ترى كل شيء أحمر، وإذا كانت خضراء فإنها ترى كل شيء أخضر، وإذا كانت صفراء فإن كل شيء معها سوف يبدو باللون الأصفر، وهكذا. وعلى سبيل المثال، فإذا كان القالب النمطى المتوارث والمستقر فى الأذهان (أن الذكر أفضل من الأنثى)، فإنه فى ضوء هذا القالب النمطي، والذى هو بمثابة عدسة غير مادية لأنه منظور ذهنى عقلي، فسوف يتم فهم أى نص على أنه يشير إلى أن (الذكر أفضل من الأنثى)، حتى وإن كان لا يوجد فى النص ما يدل على ذلك، لكن هذا القالب النمطى يتعزز باستدعاء المرويات التاريخية غير الثابتة والمتوارثة عبر الثقافة الاجتماعية أو حتى الدينية البشرية والتى تنتقل عبر العصور.

تأمل معى أيها القارئ العزيز الآيات الكريمة التالية: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين. ذرية بعضها من بعض والله سميعٌ عليمٌ. إذ قالت امرأت عمران رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محررا فتقبل منى إنك أنت السميع العليم. فلما وضعتها قالت رب إنى وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإنى سميتها مريم وإنى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم. فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) (آل عمران: 33- 37).

ننظر أولا كيف فهم الأكثرون هذه المقاطع من الآيات الكريمة السابقة: (قالت رب إنى وضعتها أنثى)، (وليس الذكر كالأنثى)، ونبدأ بالبغوى (المتوفى: 510هـ) فى تفسيره (معالم التنزيل فى تفسير القرآن) (1/ 432)، حيث قال: «كانت حنة بنت فاقوذا أم مريم عند عمران، وكان قد أمسك عن حنة الولد حتى أيست. وكانوا أهل بيت من الله بمكان، فبينما هى فى ظل شجرة بصرت بطائر يطعم فرخا فتحركت بذلك نفسها للولد، فدعت الله أن يهب لها ولدا، وقالت: اللهم لك عليّ إن رزقتنى ولدا أن أتصدق به على بيت المقدس، فيكون من سدنته وخدمه، فحملت بمريم فحررت ما فى بطنها، ولم تعلم ما هو، فقال لها زوجها: ويحك ما صنعت؟ أرأيت إن كان ما فى بطنك أنثى لا تصلح لذلك؟ فوقعا جميعا فى هم من ذلك، فهلك عمران وحنة حامل بمريم. (فلما وضعتها)، أي: ولدتها، إذا هى جاريةٌ، والهاء فى قوله: وضعتها راجعة إلى النذيرة لا إلى ما فى بطنها، ولذلك أنث، قالت حنة، وكانت ترجو أن يكون غلاما، رب إنى وضعتها أنثى اعتذارا إلى الله عز وجل، والله أعلم بما وضعت، بجزم التاء إخبارا عن الله تعالى عز وجل، وهى قراءة العامة وقرأ ابن عامر وأبو بكر ويعقوب وضعت برفع التاء جعلوها من كلام أم مريم، وليس الذكر كالأنثى، فى خدمة الكنيسة والعباد الذين فيها للينها وضعفها وما يعتريها من الحيض والنفاس».

لاحظ أيها القارئ الكريم أن تلك القصة التى يستند إليها البغوى ليست حديثا صحيحا عن النبى صلى الله عليه وسلم، وليس لها أى سند صحيح فى الإسلام. وفى هذه القصة تسيطر فكرة أفضلية الذكر، حيث تذكر أنها «دعت الله أن يهب لها ولدا»، وقالت «إن رزقتنى ولدا أن أتصدق به على بيت المقدس»، و«رب إنى وضعتها أنثى» اعتذارا إلى الله عز وجل. وهذا وغيره مما أوردته القصة المروية على الرغم من أنه ليس مذكورا فى القرآن الكريم، فإن البغوى وغيره فهموا الآيات الكريمة فى ضوئه.

ولا يبعد عن هذا المسار الزمخشرى المعتزلى (المتوفى: 538هـ) فى تفسيره (الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل) (1/ 355 وما بعدها)، فيذكر أنه: «روى أنها كانت عاقرا لم تلد إلى أن عجزت، فبينما هى فى ظل شجرة بصرت بطائر يطعم فرخا له فتحركت نفسها للولد وتمنته، فقالت: اللهم إن لك على نذرا شكرا إن رزقتنى ولدا أن أتصدق به على بيت المقدس فيكون من سدنته وخدمه، ـــ فحملت بمريم وهلك عمران وهى حامل ــ محررا معتقا لخدمة بيت المقدس لا يد لى عليه ولا أستخدمه ولا أشغله بشيء، وكان هذا النوع من النذر مشروعا عندهم. وروى أنهم كانوا ينذرون هذا النذر، فإذا بلغ الغلام خير بين أن يفعل وبين أن لا يفعل. وعن الشعبى (محررا) مخلصا للعبادة، وما كان التحرير إلا للغلمان، وإنما بنت الأمر على التقدير، أو طلبت أن ترزق ذكرا، (فلما وضعتها) ... فإن قلت: فلم قالت: (إنى وضعتها أنثى)، وما أرادت إلى هذا القول؟ قلت: قالته تحسرا على ما رأت من خيبة رجائها وعكس تقديرها، فتحزنت إلى ربها لأنها كانت ترجو وتقدر أن تلد ذكرا، ولذلك نذرته محررا للسدانة. ولتكلمها بذلك على وجه التحسر والتحزن ...».

وسار فى إطار المعانى السابقة أيضا القرطبى (المتوفى: 671هـ) فى تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) (4/ 64-68)، كما سار الكثيرون لاحقا، ومنهم السيوطى الأشعرى (المتوفى: 911هـ) فى تفسيره (الدر المنثور فى التفسير بالمأثور) (2/ 180- 181)، حيث يورد رواية أخرجها إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس، ذكر فيها :«... فقال زوجها: أرأيت أن كان الذى فى بطنك أنثى - والأنثى عورة - فكيف تصنعين؟ فاغتمت لذلك فقالت عند ذلك: (رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محررا فتقبل منى إنك أنت السميع العليم)، يعنى تقبل منى ما نذرت لك، (فلما وضعتها قالت رب إنى وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى)، والأنثى عورة...».

تلك كانت عينات نموذجية من نصوص بعض المفسرين التى تكرر الأنماط التقليدية السابقة على الإسلام فى فهم كل شيء وأى شيء، بما فى ذلك تصورها للمرأة.

والسؤال الآن: ما الدليل على أنها طريقة تهدر السياق فى فهمها للقرآن الكريم؟ وما الدليل على أنها لا تفسر القرآن بالقرآن، ولا بالسنة الصحيحة أو المتواترة؟ وما الدليل على أنها تعكس التصورات والقوالب النمطية المتوارثة من بعض الأعراف الاجتماعية أو من قصص الأولين دون أسانيد من الوحى الكريم؟ الإجابة فى المقالات القادمة إن شاء الله.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
ضد التصور الأسطوري للمرأة (9)

رأينا فى المقالات السابقة كيف أن الخطاب الدينى البشرى التقليدى تجاوز فى كثير من الأوقات حدود الوحى فى تفسيره للوحي، وأهدر السياق فى فهمه للقرآن الكريم،

ضد التصور الأسطوري للمرأة (8)

هل تجاوز الخطاب الديني البشري التقليدي حدود الوحي في تفسيره للقرآن الكريم؟ وكيف استخدم التصورات والقوالب النمطية المتوارثة من بعض الأعراف الاجتماعية أو من قصص الأولين دون أسانيد من الوحي الكريم؟

ضد التصور الأسطورى للشيطان (11)

سوف تستمر المعتقدات المزيفة طالما ظل يتمسك البعض بإتباع الفرق وتقديس الرجال، وسوف يستمر الإيمان بالأباطيل طالما يصر بعض المتحدثين باسم الدين على التمسك

الأكثر قراءة