Close ad

تطوير القرى والارتقاء بالبعد الإنساني

11-2-2021 | 12:09
الأهرام اليومي نقلاً عن

حينما نكون أمام انطلاق مشروع قومي عملاق لتطوير القرى المصرية، فإننا لابد أن نتأكد أننا على الطريق الصحيح لتقدم بلدنا.. إلا أنني هنا أتوقف أمام البعد الإنساني؛ لأنه حجر الزاوية في تقديري لاستكمال ونجاح هذا المشروع الكبير.. فمن الضروري أن نضع خطة مواكبة لتطوير الإنسان في الريف تمكنه من مواكبة العصر الحديث، وتخرج به إلى آفاق جديدة، وأن نضع منظومة قيم تجعل المواطن في الريف مواكبًا للتقدم في المباني والإنشاءات والخدمات وقادرًا على استيعاب متطلبات التقدم مع الاحتفاظ بالهوية المصرية، وأن نتنبه إلى أننا في حاجة إلى تغييرٍ موازٍ في كثيرٍ من الموروثات الثقافية التي لا تتناسب مع متطلبات زمن الحداثة وعصر المعرفة..

إننا نريد مواطنا واعيا ومستنيرا قادرا على المشاركة فى التقدم والانتاج والتنمية وبما لا ينتقص من شخصيته المصرية العريقة ..ان تطوير القرى الذى أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسى كان حلما راود كل المصريين وبانطلاقة ستحدث بقفزة ببلدنا الى الامام .. وهو سيتم على ٣مراحل حيث تتضمن الخطة تطوير ٤٥٠٠ قرية بتوابعها ستسهم فى تغيير حياة ٥٥ مليون مواطن ورفع مستوى الدخول وتقديم مجموعة من الخدمات العامة، كما سيتم توفير الموارد اللازمة لتنفيذ هذا المشروع والتى تبلغ ٥٠٠ مليار جنيه.. ومن ناحية أخرى أرى انه من أجل تطوير القرى المصرية بشكل سليم فاننا فى حاجة الى خطة مواكبة للارتقاء بالمواطن المصرى فى القرية ايضا.. وأتمنى من الرئيس ان يقوم المسئولون عن ادارة القرى بوضع خطة هدفها الاهتمام بالبعد الانسانى الذى هو أساس التقدم . فمن ضروريات المرحلة التى نعيشها الآن ان ننظر الى تطوير منظومة القيم والعادات والتقاليد المتوارثة وتطوير أسلوب حياة وسلوكيات الاهالى وغرس قيم جديدة تتناسب مع منظومة التقدم التى تعيشها مصر والتى تمكننا من العبور بالمواطن الى قيم التنوير والانتماء والمشاركه فى بناء مصر الحديثة المستنيرة ..إننا فى حاجة الى نشر التوعية الصحية والثقافية والاجتماعية فهناك فى القرى ما تزال عادات واعراف وممارسات ضارة تقف حجر عثرة امام اى تقدم منشود. ولابد ان تعمل الدولة والاعلام والمثقفون على تغييرها، ومن ثم القضاء عليها بالتوعية والإقناع والمتابعة والتحفيز والقوانين.. ومن الضرورى ان نستبدلها بقيم جديدة تتلاءم مع التطوير فى المبانى والخدمات الحديثة .. فعلى سبيل المثال ان يكون التعليم للاطفال الزاميا، وان نوقف التسرب من التعليم فى القرى، وان نتصدى لوحش الزياده السكانية الذى سيلتهم ثمار التنمية والتقدم اولا باول حيث ان هناك امثلة شعبية متداولة فى القرى تعتبرها العائلات فى الريف حكما مقدسة يتبعونها فى اسلوب حياتهم بلا مناقشة مثل كثره الانجاب, بما يعنى أننا امام تناقض كبير بين متطلبات التقدم والمفاهيم الثقافية المتوارثة ... ومن الممارسات الضارة ايضا زواج البنات فى سن صغيرة وزواج القاصرات.

ان هذه امثلة فقط لعادات اهل الريف لكنها تعكس المفاهيم المتوارثة فى الريف المصرى منذ القدم مما يستوجب غرس منظومة قيم متطورة فى اسلوب التنشئة السليمة لطفل القرية على قيم الاستنارة والمساواة بين البنت والولد والتسامح وقبول الآخر ومواجهة افكار التطرّف والتشدد والعنف..ورفع درجة الوعى لدى الامهات والآباء..وايضا الاهتمام بالرياضة وإنشاء ساحات رياضية لبناء اجسام سليمة خالية من الامراض المعروفة فى الريف .. ونشر الفنون بإنشاء دور سينما ومسارح ومدارس فى كل قرية واكتشاف المواهب الفنية والرياضية فى المدارس بالقرى والاهتمام بتحسين نوعية الحياة للمرأة فى القرى بان نسهم فى رفع درجة وعيها بحقوقها فى التعليم والعمل والإنتاج واختيار الزوج فى سن مناسبة بعد سنوات الطفولة وحمايتها من الممارسات الضارة مثل العنف المنزلى والتحرش والختان وغيرها من الممارسات التى تُرتكب ضدها منذ الصغر فى الريف..

ان أى تطوير فى القرى ان لم يصاحبه ويواكبه اهتمام بالبعد الانسانى، وان لم يصاحبه ويواكبه تغيير وتطوير فى العادات والتقاليد والقيم المتوارثة فانه لن يؤدى الى تطوير شامل وكامل وحقيقى ..لان اساس التطوير الصحيح يبدأ بتطوير الإنسان ليكون قادرا على مواكبة التقدم السريع فى المشروعات الكبرى والطموحة فى بلدنا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
تحولات التعليم وتبعاتها في زمن كورونا

غالبية البيوت ستكون أمام مسئولية اختيار جديد مستجد عليها مع استمرار جائحة كورونا وبسبب ما نتج عنها من تحولات في نظم التعليم بالمدارس والجامعات والمعاهد