بعد مرور أكثر من عام على محاكمة ترامب الأولى - وكان وقتها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية - يجد دونالد ترامب نفسه محور محكمة ثانية غير مسبوقة في مجلس الشيوخ الذي سيتعين على أعضائه أن يقرروا أن ترامب قد حرض أنصاره على الهجوم على مقر الكونجرس أو "الكابيتول هول" كما يٌطلقون عليه هٌنا في واشنطن..
ستكون تجربة أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي تجربة غير مسبوقة عندما يجتمعون لاتخاذ قرار بشأن عزل رئيس لم يعٌد في منصبه ولا يزال مركز قوى في الحزب الجمهوري؛ ولكن من دون السلطة التي كان يمنحه إياها البيت الأبيض..
المٌحاكمة ستبدأ اليوم (الثلاثاء) وستتركز على الفوضى التي شهدها يوم 6 يناير الماضي أو "الأربعاء الأسود" عندما اقتحم المئات من أنصار ترامب مقر الكونغرس واصطدموا مع الشرطة محاولين منع انعقاد جلسة رسمية للمصادقة على فوز جو بايدن ووصف التحرّك الذي يعتبره نواب ديمقراطيون محاولة انقلابًا على أيدي إرهابيين من الداخل بأنه أخطر هجوم على الديمقراطية منذ الحرب الأهلية الأمريكية، وتسبب الاعتداء على الكونجرس في غضب الكثيرين؛ مما دفع الديمقراطيين لبدء إجراءات عزل ترامب تزامنًا مع انتهاء فترته الرئاسية، وفي شهر يناير الماضي - وتحديدًا يوم 13 - وجه مجلس النواب لترامب تهمة التحريض على التمرد ليصبح ترامب الرئيس الأمريكي الوحيد الذي يتم عزله مرتين، ولم يسبق أن تمت إدانة أي رئيس أمريكي خلال مٌحاكمة لعزله.
وهدف الديمقراطيين من محاكمة ترامب رغم خروجه من البيت الأبيض إلى منعه من تولي أي منصب فيدرالي في المستقبل؛ وذلك في حالة ما لو توصلوا إلى إدانته في مجلس الشيوخ رغم أن أمكانية ذلك تظل ضئيلة للغاية..
ومشاهد الهجوم على مبنى الكونجرس كانت صادمة للغاية؛ خاصة تلك التي أظهرت أنصار ترامب وهم يقتحمون قاعات الكونجرس ويتجولون في مكاتبه وبعضهم يرتدي الريش ويحمل السيوف والسهام وهم يٌرددون: أن ترامب "يريدنا هنا"؛ وهو ما يٌرجح لدى الكثيرين بأن ترامب لعب دورًا كبيرًا في الهجوم على الكابيتول عبر انتهاك قسمه وتحريض أنصاره..
وذلك على الرغم من أن ترامب وأنصاره يرون أن المٌحاكمة في حد ذاتها غير دستورية؛ إذ بإمكان مجلس الشيوخ إدانة رئيس في منصبه وإقالته.. لكن لا يمكنه القيام بذلك تجاه مواطن عادي.. وأصرّت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب والتي شكّلت فريقًا من تسعة ديمقراطيين لإدارة إجراءات العزل وتوجيه التهم لترامب على ضرورة إجراء المحاكمة؛ معتبرة أن الفشل في إدانته سيضٌر بالديمقراطية الأمريكية.
وتحتاج إدانة ترامب إلى أصوات أكثر من ثٌلثي أعضاء مجلس الشيوخ ما يعني أنه سَيتعيّن على 17 جمهوريًا الانشقاق عن صفوف باقي أعضاء الحزب والانضمام إلى جميع الديمقراطيين البالغ عددهم 50 عضوًا في سيناريو يبدو شبه مستحيل في الوقت الراهن.. وفي كافة الأحوال سيخسر ترامب الكثير جراء المحاكمة.. وللحديث بقية.