المناوشات القائمة حاليا بين إثيوبيا والسودان ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.. فقد سبقتها مناوشات سقط خلالها ضحايا مدنيون وعسكريون.. ولا يلوح فى الأفق أمل لحل مشاكلهما الحدودية سلمياً!
فأديس أبابا لم يرق لها أن تسترد الخرطوم فى ديسمبر الماضى بعض أراضيها المغتصبة فى منطقة الفشقة الحدودية.. ونددت بتلك الخطوة وحذرت من تبعاتها.. ورغم أن الفشقة تتبع السودان بموجب اتفاقيات دولية تعود إلى عام 1902.. راحت حكومة أبى أحمد تفرض شروطا تعسفية للتفاوض من جهة،وتستعرض عضلات القوة من جهة أخرى.. ففى الوقت الذى أعلن فيه المتحدث باسم وزارة خارجيته أن بلاده ملتزمة بحل سلمى للأزمة بشرط أن ينسحب السودان إلى أراضيه التى كان يسيطر الإثيوبيون عليها .. كان الجيش الإثيوبى يحشد أسلحة ثقيلة على حدود السودان وينشر دبابات وبطاريات مضادة للطائرات بالمنطقة!
إلا أن السودان لم يقف مكتوف الأيدى؛ حيث أعلن وزير دفاعه ياسين إبراهيم أن المماطلة الإثيوبية عامل مشترك بين مفاوضات سد النهضة ونزاع الفشقة الحدودى، مؤكدا عزمه استعادة ما تبقى من أراضيه الواقعة تحت سيطرة إثيوبيا، وقال نائب رئيس أركان جيش السودان عبد الله البشير لدينا حدود موروثة ومعروفة عبر الأجيال، ولم نسع لقتال، ولن نصبر على قتل النساء والأطفال، مشددا على عدم التفريط فى شبر واحد من أراضى الفشقة!
التحركات، هذه المرة، خطيرة.. واللغة، كما هو واضح، عنيفة.. والمناوشات تزيد من مخاوف اندلاع حرب شاملة قد تؤثر على أمن البحر الأحمر والمنطقة برمتها.. وهو تطور لا نتمناه.. ولكنه يضعنا أمام تساؤل لمعرفة من أين تستمد حكومة إثيوبيا كل هذا الصلف والعناد،والتعنت والمماطلة ومحاولة فرض الأمر الواقع.. سواء فى مفاوضاتها حول سد النهضة.. أو فى مناوشاتها العسكرية على حدود السودان.. وكلاهما يكشف عن وجهها كدولة تسعى لعلاج أزماتها الداخلية على حساب دول الجوار!