لكمة هائلة. إنها مسئوليتى. لا يمكن تخيل منافستنا على اللقب حاليا. هكذا تأوه يورجن كلوب المدير الفنى لليفربول بعد الخسارة أمام بيرنلى فى الدورى الإنجليزى قبل أيام ليواصل سلسلة النتائج المخيبة للآمال بالموسم الجديد. ما لم يقله كلوب أن طبيعة كرة القدم الحديثة، خاصة الإنجليزية، تستبعد تماما البطل الأوحد المسيطر على كل شيء، والجميع راض بذلك بل ويصفقون له.
كنت بلندن قبل ربع قرن لمدة 4 سنوات. عام 1995، فاز بلاكبيرن بالدورى، تبعه مانشستر يونايتد لعدة مرات، وليظهر بطل آخر وهكذا .أين بلاكبيرن الآن؟ من يسمع عنه؟.. إنها المنافسة التى أودت به لغياهب النسيان وأعلت من شأن فرق أخرى. إنها الحياة بما فيها من صراع وتدافع، وليس مواتا وتراخيا ومجاملات. بدأ الدورى الإنجليزى نهايات القرن الـ 19. فاز به مانشستر يونايتد 20 مرة وليفربول 19، وهما الأعلى. الأندية الفائزة بالبطولات عمال على بطال غير موجودة.
الناس تقبل على مشاهدة الدورى الإنجليزى من شتى أنحاء المعمورة لأن هناك كرة حقيقية. أعلى درجات التنافس الإنسانى المحكوم بقوانين وقيم. النتيجة تتحدد بأقدام اللاعبين وبمهاراتهم. لا تدخلات لمحاباة أحد، فالكل سواء، والمخطىء ينال عقابه كائنا من كان. الدورى الإنجليزى صورة مصغرة للمجتمعات المتقدمة. مستحيل أن تعرف من سيفوز به حتى آخر مباراة. لا احتكار لبطولة. المجال مفتوح للمبدعين لا فرق بين أبيض وأسود، لاعبين ومدربين ومستثمرين. الأندية كالدول تتسابق على شراء أحدث الأسلحة لتكون الأقوى. الصفقات بالمليارات. هناك الجديد دائما.. أبطال جدد وإثارة ومتعة.
يتعانق العلم والتخطيط والفن الكروى معا لإخراج منظومة شديدة التميز والحداثة. لا مجال للفهلوة والاتفاقات الجانبية. الشفافية هى العنوان، والإعلام مرآة تنعكس فيها الصورة بكل تفاصيلها. بريطانيا لم تعد قوة عظمى، لكن قوتها الناعمة، وكرة القدم تحديدا، تجعل العالم يتطلع إليها ويستمتع بما تقدم. لم تفز إنجلترا بكأس العالم منذ 1966 لكنها احتفظت لنفسها بالمكانة الأولى لدى محبى الكرة بالعالم. أصبح الدورى الإنجليزى المثال والنموذج. أين نحن، وأين الدورى المصرى وأين المنافسة وأين العدالة؟.