اليوم يبدأ بايدن مسيرته الرئاسية، وشعاره وحدة الأمة بعد 4 سنوات عاصفة قلب فيها ترامب التربة الأمريكية وغرس فيها أشجار الغضب والكراهية والانقسام لتتكلل باقتحام غوغاء تابعين له الكونجرس .سيكرر الكلمة كثيرا ..حسنا، ليس بالأماني فقط تتحقق الوحدة ويعود التلاحم. سيتسلم الرئيس الـ 46 لأمريكا، أمة منقسمة، أبناؤها غاضبون، يتوجسون خيفة من المستقبل. ليس لديهم استعداد لمد اليد .حزبه الديمقراطي يضغط كي ينفذ أجندة تقدمية ليبرالية طال انتظارها معتقدين أن الفرصة ذهبية لتحقيق ما عجز عنه أوباما.
روبرت رايش وزير العمل الأسبق» ديمقراطي ،«كان صريحا جدا إذ كتب مقالا رفض فيه الوحدة قائلا: أسمع أن بايدن سيحكم من الوسط لأنه ليس لديه خيار، فأغلبيته ضئيلة للغاية بالكونجرس ..كيف سيقترب من حزب جمهوري تحرك أنصاره لأقصي اليمين، ويعيشون في عالم غير واقعي مليء بالأكاذيب والمؤامرات؟. نصف الناخبين الجمهوريين يعتقدون أن ترامب فاز، و45% منهم ايدوا اقتحام الكونجرس، و57% يقولون إنه يجب ترشح ترامب للرئاسة 2024 كيف يمكن التوصل لحلول وسط مع طائفة بيضاء متعصبة تكره المهاجرين وترفض تغيير المناخ وتعتقد أن الديمقراطيين يديرون مؤامرة عالمية للاتجار الجنسي بالبشر؟
يرد الجمهوريون بأن ترامب دعا في البداية للوحدة، وقاطع المشرعون الديمقراطيون تنصيبه، ومزقت بيلوسي خطابه حول حالة الاتحاد. سنتعامل بنفس الطريقة مع بايدن. كيف يتجاهل الديمقراطيون 74 مليونا صوتوا لترامب ويقررون محاكمته.. هل يخدم ذلك توحيد الأمة؟.
أمضي بايدن حياته السياسية عاقدا الصفقات مع الجمهوريين، وكان أوباما يستغله عندما تحتدم الخلافات بالكونجرس، لكنه الآن يقود حزبا اتجه يسارا، وشبابه يرفضون المساومة مع الترامبية ويصرون علي إطلاق مشروع سياسي تقدمي. هل سينحاز لغرائزه الوسطية أم أن المتشددين سيدفعونه لليسار؟ .ستكون مشكلته أيضا أن الجمهوريين لن يساعدوه علي الاقتراب من الوسط بل سيحملون أجندة ترامبية بدون ترامب.
اليمين واليسار يدفعانه لنبذ الوسط. يبدوان كما لو أنهما ينصحانه بتبني دعوة الراحل أمل دنقل: لا تصالح إلي أن يعود الوجود لدورته الدائرة: النجوم لميقاتها والطيور لأصواتها والرمال لذراتها. فماذا سيفعل بايدن؟. لحظة الحقيقة بدأت.