لن تكون عملية اغتيال محسن فخرى زاده أبو البرنامج النووى الإيرانى، الأخيرة فى تاريخ الصراع بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة، فإيران تفرض هيمنتها على اليمن والعراق وسوريا والعراق، وتبتعد عن مواجهة أمريكا وإسرائيل. فى حين تستخدم واشنطن وتل أبيب امكاناتهما الاستراتيجية وينتقمان مباشرة من إيران التى لم تقم بأى فعل حتى الآن لتثأر من اختراقات أمريكا وإسرائيل لها.
فإسرائيل اقتحمت بطن إيران، لتغتال فخرى زاده أحد أهم المقربين للمرشد الأعلى على خامنئى، باعتباره عقله النووى. وقبل أسبوعين، اغتالت أبو محمد المصرى الرجل الثانى فى القاعدة فى طهران، مما يؤكد توافر كل المعلومات لتصفية ما تريده حتى لو كان تحت حراسة مشددة كما الحال بالنسبة لزاده.
ويبدو أن إيران التى اكتفت بالتهديد بالثأر من مقتل رجلها النووى، لم تكترث كثيرا بما ذكره رئيس الوزراء الاسرائيلى فى معرض كشفه فى إبريل 2018 عن الأرشيف النووى الإيرانى الذى حصل عليه الموساد من داخل إيران. وقال نيتانياهو وقتها: زاده هو أبو البرنامج النووى العسكرى الإيرانى..تذكروا هذا الاسم. تعاملت إيران برعونة وسخرية مع كشف نيتانياهو، وهو الذى أعاد تهديده للإيرانيين فى يونيو الماضى عندما هدد بكبح التوسع الإيرانى فى المنطقة.
ورغم أن التوقعات التى سبقت اغتيال زاده أشارت بقوة الى أن الضربة القادمة لإيران ستكون أمريكية وبقرار مباشر من ترامب لكى يقطع أى مسعى إيرانى للتقارب مع خلفه بايدن، فإن الرئيس الأمريكى بات فى وضع يصعب معه توجيه ضربة عسكرية لها حتى لو كان أمامه بعض الوقت لتنفيذ تهديده بتقليم أظافر إيران النووية والعسكرية، ولهذا ترك لصديقه نيتانياهو تنفيذ تهديده.
لم يعد الشعب الإيرانى يحتمل ضربات أخرى فوق الرأس، ويكفيه اغتيال قاسم سليمانى قائد الحرس الثورى منفذ إستراتيجية التوسع الإيرانى فى المنطقة بضربة أمريكية بداية العام الجارى، ثم تعرض مفاعل نطنز النووى لهجوم إسرائيلى، ثم اغتيال زاده.
كل هذا ولم ترد إيران وكأن المتضرر دولة أخرى، وبات الشعب الإيرانى على أحر من الجمر لرؤية كيف سينتقم حكامه من كل هذه الضربات الموجعة فى الرأس والقلب.. ويبدو أنه سينتظر طويلا!.
* نقلًا عن صحيفة الأهرام