فى كل مرة يبدأ فيها السباق المحموم من أجل الوصول إلى البيت الأبيض.. تبدأ هوجة استطلاع للرأي.. وهو اختراع ظهر فى أمريكا فى ثلاثينيات القرن الماضى بغرض معرفة احتياجات الأسواق التجارية.. لكن مع اندلاع الحرب العالمية الثانية دخلت استطلاعات الرأى مجال السياسة ومجالات أخرى عديدة..
وأمام الانتشار السريع لمؤسسات استطلاع الرأى توقف «هربرت شيللر» أستاذ مادة وسائل الاتصال بأمريكا وألقى هذا السؤال: هل الأمر مجرد استطلاع للرأى أم هو فى الحقيقة توجيه للرأى بل تضليله فى أحيان كثيرة؟.. الإجابة عن السؤال وضعها فى دراسة قال فيها إن استطلاعات الرأى فى أمريكا تمارس منذ عقود جهدا متعمدا لتوجيه الرأى العام والسيطرة على العقول.. فمن أجل خدمة أهداف سياسية وإرضاء الجهات التي تمولها أطاحت بالحيادية.. وكرست مظهرا خادعا للموضوعية.. وعززت وهم الديمقراطية.. ففى عام 1971 أظهر استطلاع للرأى أن غالبية الأمريكيين يعارضون سحب القوات الأمريكية من فيتنام..
وكان هذا الاستطلاع قد تم اجراؤه بناء على تكليف من البيت الأبيض الذى أراد أن يدعم قرار الرئيس برفض تحديد موعد معين للانسحاب من فيتنام.. أيضا كيف يصدق الناس نتيجة الاستطلاع الذى أجرى لمعرفة آراء الآباء والأمهات فى الإعلانات التى تذاع خلال برامج الأطفال فى التليفزيون إذا كانت الجهة التى قامت بتمويله هي مكتب استعلامات التليفزيون. .. إلى جانب الأمثلة التى أوردها «هربرت شيللر» هناك العديد من الأمثلة الصارخة لاستطلاعات لجأت إلى التحريف المتعمد حتى تضمن الخروج بنتائج ترضي جهات التمويل.. ومن هنا لم يعد كثير من الناس فى أمريكا وخارجها ينظرون إلى نتائج استطلاعات الرأى على أنها حقائق علمية.
فى تاريخ استطلاعات الرأى الأمريكية.. استطلاعات شملت أسئلة لا تخطر على بال.. كالاستطلاع الذى أجرى لمعرفة من الذى يضحك أكثر الرجل أم المرأة؟.. وفى أى بلد يردد الناس بكثرة كلمة أحبك؟..
أما أغرب سؤال فهو السؤال الذى طرحته إحدى مؤسسات الاستطلاع قبل أن يغادر الرئيس كلينتون البيت الأبيض.. وهو: من هم أغبى الأغبياء فى أمريكا؟.. وجاءت الإجابة بأنه الرئيس كلينتون الذى تصدر قائمة الأغبياء بسبب حماقاته العديدة فى عامه الأخير فى الرئاسة.
* نقلًا عن صحيفة الأهرام