استطاعت اليابان السيطرة على الصينيين قبل الحرب العالمية الثانية، واستخدمت اليابان في ذلك سلاح المخدرات، وغزت الصين بأقل جهد وأقل تكاليف، وبواسطة المخدرات تمكنت من كبح جماح سكان الصين الذي كان يبلغ خمسة أضعاف سكانها.
وعلى نفس النهج، تكشف صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن تاريخ ترويج إسرائيل للمخدرات لإضعاف العرب؛ بل توضح امتداد نطاق تجاراتها للمخدرات إلى دول أوروبا والولايات المتحدة، ويعرض الكاتب الصحفي الإسرائيلي "يوسي مليمان" مقتطفات فيما جاء في كتاب المؤرخ "حاجي رام" بقسم الدراسات بجامعة بن جوريون المتخصص في نشأة تجارة المخدرات.
ويحكي أن واحدا من عملاء المخابرات الإسرائيلية في عام 1955 أرسل إلى قادة إسرائيل أن الجامعة العربية ستعلن تقريرا عن وضع المخدرات في الشرق الأوسط.
وقال الصحفي الإسرائيلي مليمان، إن الجامعة العربية أرسلت وقتها تقريرها إلى هيئة الأمم المتحدة، تدين فيه إسرائيل لارتكابها جريمة نشر المخدرات إلى الدول العربية، ويؤكد التقرير كذلك، ضلوع إسرائيل في نشر المخدرات لأوروبا وأمريكا، وتصدرها إليهم عن طريق قبرص.
ويبدو أن الرأسمالية أيضا لا تعرف مصلحة شعوبها، وتتحول إلى عدو ضد مجتمعاتها في سبيل مكتسباتها المادية، ويتجاوز ضررها إلى خارج مجتمعاتها، وتهدف بشكل رئيسي إلى مضاعفة أرباحها، وتنتج شركاتها أدوية من مركبات الأفيون لتطرحها في الأسواق تحت مسمى مسكنات.
وقد أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي ترمب حالة الطوارئ منذ فترة سابقة على خلفية انتشار إدمان مسكنات من مشتقات الأفيون، ولاحظت الإدارة تزايد نسبة إدمانها في العقدين الأخيرين.
وأوضحت دراسات علمية، أن إدمان هذه العقاقير المسكنة من مشتقات الأفيون أدت إلى وفاة أكثر من 15 ألف أمريكي عام 2015 نتيجة تناول جرعات زائدة، غير أن مبيعات تلك الشركات لا تقتصر على بلد المنشأ وهي أمريكا، إنما تتخطى دول العالم ومنها الدول العربية.
وتقدم المدعي العام بولاية ميتشجن الأمريكية بدعوة قضائية تطالب عددا من شركات الدواء بدفع تعويضات ضخمة لدورها في نشر إدمان هذه العقاقير الأفيونية، وتعتبر الرأسمالية في هذه الحالة مارقة على القوانين والأخلاق وهي عدو خفي للشعوب.
ولم يستسلم أعداء الشعوب، بعدما طورت من أدائها، وهذا ما حدث في موسكو بواسطة إنشاء مختبر لتصنيع المخدرات تحت الأرض ونجحت الأجهزة الأمنية الروسية في تدميره.
ووفقا لبعض الدراسات، فإن تجارة المخدرات تكلف البشرية خسارة كبيرة في الأرواح تتجاوز ما خلفته الحربان العالميتان من ضحايا، ورصدت التقارير الدولية إلى وقوع أكثر من مليار شخص في تعاطي المخدرات، ويمثل الشباب النسبة الغالبة من ضحايا التعاطي.
وفي جانب آخر، من التقارير يشير إلى أن حجم التجارة العالمية من المخدرات والعقاقير الممنوعة تجاوزت الـ 800 مليار دولار سنويا، وحاصل أرباح تجارة السموم هذه تدخل في ميزانية الدول بطرق سرية، وهناك عدة دول تسمح باعتماد ميزانيتها على استثمار الأموال القذرة من تلك التجارة، وتسبب مخاطر بالغة على اقتصاديات الدول الحليفة لها.
وتحتوي المخدرات على مكونات طبيعية وعناصر كيميائية ومواد مهلوسة، ومنها مواد تفتك بحياة المدمن في وقت قصير، لاحتوائها على عناصر شديدة السمية مثل مخدر الأستروكس.
ولا يمكننا وصف فداحة حجم الخسائر الاقتصادية والاجتماعية على الدول النامية خاصة، التي تتضاعف عامًا بعد عام، وحدث ولا حرج عن انهيار شمل الأسرة حيال إدمان أحد أفرادها، وهو نفس شأن المجتمعات في فقدانها لأعز ما تملك من ثروة وهي شبابها.
Email: [email protected]