Close ad

التعليم الجامعي عن بعد وتحدي الكورونا

15-11-2020 | 15:36

وباء كورونا ينتشر بسرعة فى عدد كبير من الدول والقارات التى لم تكن تعانى الوباء سابقا خاصة فى إفريقيا وأمريكا الجنوبية ودول شرق آسيا. تفاديا لتفشى المرض على نطاق واسع كان على هذه البلدان فرض الإغلاق الشامل. بما يشمل التعليم أكثر القطاعات تأثرا سواء المدرسى أو الجامعي، حيث لا يمكن لأعضاء هيئة التدريس والطلاب الاجتماع شخصيًا مما حدا جميع الأطراف بالوصول إلى المعاهد والجامعات لفترة طويلة. 

بعض الجامعات لجأت لخيار التعليم الإلكترونى وسارعت فى تطبيقه متجاهلة أهمية وجود تكنولوجيا تساند العملية التعليمية وأهمية تدريب الكوادر عليها، سواء من المحاضرين أو الإداريين.

خلال السنوات الماضية عملت بعض الجامعات وخاصة الأوروبية والأمريكية على تطوير التعليم الالكترونى أو التعليم عن بعد لعدد من المساقات التعليمية. الآن بعد أن تحول التعليم الإلكترونى إلى خيارعلى نطاق أوسع، أصبحت هذه الخطوات التدريجية والمدروسة ضرورية وتم تبنيها بتسارع كبير بسبب الضغط لإغلاق الصفوف الجامعية من أجل سلامة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس. 

جامعات أخرى وهى الأغلبية فى العالم لم يكن لديها أى خبرة بالتعليم الإلكترونى ومع الضغط باشرت بالتعليم عن بعد الذى بدا غير عملى وكثرت المشاكل التقنية من جانب، ومن جانب آخر عدم دراية المحاضرين بأساليب التعليم الحديثة التى تعتمد بشكل كامل على جهاز الحاسوب والكاميرا المثبتة عليه بدل المحاضرات فى القاعات الكبيرة ومتابعة الامتحانات. نظرًا لأن الجامعات قد اندفعت إلى التعلم عن بعد دون إعداد كافٍ أو بنية تحتية إلكترونية، فإنها بحاجة الآن إلى الاستثمار فى الأدوات اللازمة لتقديم نفس المستوى من التعليم.

جامعة university of the people التى تأسست قبل أحد عشر عامًا، كأول جامعة غير ربحية وخالية من الرسوم الدراسية على الإنترنت ومعتمدة فى الولايات المتحدة، بهدف جعل التعليم متاحًا وبأسعار معقولة وعالية الجودة. واعتمدت بشكل حصرى على التعليم الإلكترونى، وكانت بحاجة لعدة سنوات لضبط وتعديل العملية التعليمية واستطاعت الحصول على الاعتراف بها فى الولايات المتحدة كأول جامعة إلكترونية حصرًا. دربت المحاضرين والإداريين، وكذلك اخترعت نظامًا محوسبًا يتناسب مع التعليم عن بعد. التحدى لم يكن سهلًا، ولكن بعد سنوات أنجزت المهمة وبنجاح. فالكتب والمساقات والمحاضرات وتقييم الامتحانات كلها كانت محسوبة.

لا يتطلب التدريس الناجح عبر الإنترنت البنية التحتية التكنولوجية والتدريب فحسب، بل يتطلب أيضًا نهجًا تربويًا مختلفًا. تكمن الاختلافات فى عدة جوانب مثل التفاعل بين الطلاب أنفسهم، وكذلك بين الطالب والمعلم. الطالب فى عالم التعليم الإلكترونى بحاجة لإرشاد أكثر بكثير من الجامعات التقليدية ليفهم كيف يسجل ويكتب الاستمارة وكيف يقدم الامتحان وهو جالس فى غرفة صغيرة فى بيته. 

فى الجامعات التقليدية ببساطة ينطلق الطالب مع زملائه لقسم التسجيل وكما يفعلون فهو يفعل بما يسمى الجهد الجماعي، لكن فى التعليم عن بعد هو وحده فى كل شيء ولهذا يحتاج للمساعدة. بالإضافة إلى ذلك، عندما يتمكن الطالب من التواصل شخصيًا مع المعلم، يمكن أن يمكّنه من فهم المحتوى الذى يتعلمه بشكل أفضل وفهمه على مستوى أعمق. 

تُعد ميزات الحياة الجامعية الشخصية التفاعلية مع الزملاء ذات قيمة لأولئك الذين يمكنهم الوصول إليها. ولكن، لحسن الحظ، فإن التعلم عن بعد، بينما يفتقد لبعض العناصر الشخصية المذكورة أعلاه، له نقاط قوة فريدة خاصة به. أحد الأمثلة على ذلك هو تنوع البيئة الطلابية التى تستطيع الجامعات عبر الإنترنت الوصول إليها. فى University of the People، تقوم بتدريس الطلاب من جميع أنحاء العالم بغض النظر عن خلفيتهم. 

لا يوجد فصل يضم مجموعة متجانسة من نفس الدولة لها خلفية ثقافية موحدة. قد يكون هناك طلاب من السودان وألمانيا وسنغافورة يتعلمون ويتواصلون معًا. يتمتع الطلاب أيضًا بفرصة رائعة للتفاعل مع بعضهم البعض من خلال التعلم من نظير إلى نظير والتعلم التعاونى هذا أمر عملت هذه الجامعة على سبيل المثال على تطويره وإتقانه على مدى العقد الماضي.

تدرك البرامج الناجحة عبر الإنترنت أيضًا أن الطلاب بحاجة إلى توجيه ودعم فردي. لهذا تقدم هذه الجامعة الدعم من خلال المرشدين الأكاديميين. ويتم تعيين مرشد أكاديمى لكل طالب ويبقى معه منذ اليوم من بدء دراسته إلى يوم التخرج. يزود المرشدون الطلاب بالدعم والتحفيز اللازمين للنجاح فى بيئة الإنترنت.

مؤخرًا، كان هناك طلب قوى على التعليم العالى فى البلدان الناطقة باللغة العربية. وتمشيًا مع مهمتها المتمثلة فى توفير تعليم يمكن الوصول إليه وبأسعار معقولة للجميع، افتتحت UoPeople قسمًا للغة العربية فى الجامعة لتوفير أول برنامج درجة جامعية فى إدارة الأعمال باللغة العربية عبر الإنترنت، على الطراز الأمريكي، ومعتمد، وبدون رسوم دراسية. ولكن استغرق الأمر عامين من الاستعداد لإطلاق فقط مساق إدارة الأعمال، لأن وراء هذا الإنجاز المئات من الأشخاص المدربين القادرين على تنظيم العملية التعليمية لكى تكون على مستوى راق وتوفر جودة تعليمية يستفيد الطالب منها وليس فقط الحصول على شهادة جامعية دون الاستفادة من التعليم نفسه والذى يشكل جوهر الجامعة.

بدأ العالم يدرك قوة التعليم الإلكتروني، ليس فقط بسبب جائحة فيروس كورونا، ولكن أيضًا؛ لأنه يمثل جزءًا كبيرًا من مستقبل التعليم العالي. يقولون فى المثل العربى الحاجة أم الاختراع، وبينما كانت UoPeople فى الصدارة لبعض الوقت الآن، إلا أننا نحتاج لتعليم عن بعد، ولهذا يجب أن نخترع الأدوات الكفيلة بتحقيق جودة تعليمية ليتم تطويره وقبوله عالميًا حتى يتمكن كل طالب من تحقيق أعلى مستوى من التعليم.

* نقلًا عن صحيفة الأهرام

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة