أكبر (سلعة) يصدرها نظام أردوغان إلى عدد كبير من دول الشرق الأوسط والعالم الآن هى الإرهاب، ولذلك فقد تهاوى الاقتصاد التركى وفقدت الليرة التركية أكثر من 30% من قيمتها هذا العام فقط بسبب المخاوف من تبديد الاحتياطى من النقد الأجنبى الموجود لدى البنك المركزى التركى، نتيجة تأثير الصراعات السياسية التى أقحم أردوغان بلاده فيها بحثا عن أوهامه الإمبراطورية، من الصراع فى القوقاز إلى التدخل فى ليبيا مرورا بالتوتر المستمر مع الاتحاد الأوروبى لتهديداته لقبرص واليونان ونشاطه غير المشروع فى محاولة نهب ثروات البحر المتوسط، علاوة على جرائمه فى العراق وسوريا ورعايته للمجموعات المسلحة واستخدامها كمرتزقة فى مناطق متعددة ضمن سياسته الداعمة للإرهاب ودعم الجماعات الإرهابية.
انتشرت بصمات أردوغان الإرهابية فى أرجاء الشرق الأوسط، ولم تعد الفاشية التركية تواجه غضب الحكومات فقط، ولكن غضب الشعوب أيضا التى كشفت خطورة هذا النظام الإرهابى، لذلك لم يكن غريبا أن تشهد بعض دول الخليج خاصة السعودية والإمارات حملات شعبية مكثفة لمقاطعة المنتجات التركية ووقف السفر والتعامل فى السوق العقارية التركية، مما تسبب بخسائر فادحة باعتراف أذناب اردوغان انفسهم، وأكد اتحاد مصدرى الملابس فى اسطنبول أن عددا كبيرا من المصنعين والمصدرين الأتراك تأثرت تجارتهم بسبب تلك الحملة، وتحدث خبراء اتراك عن أن سياسات أردوغان التى تسببت فى حملة المقاطعة تضر بالشركات التركية، وذكرت صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية أن هذه المقاطعة ستزيد من عجز الميزان التجارى التركى، وانتقد على باباجان وزير المالية التركى الأسبق طريقة تعامل اردوغان مع حملات المقاطعة مؤكدا أن العاملين الأتراك فى الصناعة والتصدير يبكون دما لما يحدث، وأن الاقتصاد التركى فى أسوأ حالاته منذ 20 عاما، وأن نسبة الفقر فى تركيا سجلت أرقاما قياسية تاريخية. وقد أدى الضغط الشعبى خاصة فى السعودية، إلى مبادرة معظم المحلات الكبرى والسوبر ماركت والشركات فى مختلف المجالات بالإعلان عن عدم تعاملها مع السلع والمنتجات التركية، مع وضع لافتات على مقارها تؤكد ذلك، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى وصفحات الجرائد بيانات من الشركات المختلفة لا تختلف صيغتها عن الآتى: تعلن مؤسسة التجارية تضامنها ودعمها لوقف جميع التعاملات التجارية والاستثمارية المباشرة وغير المباشرة مع كل موردى الخدمات والسلع التركية، وتؤكد أنها قد اتخذت هذا القرار إيمانا منها بأن الوطن يأتى فوق كل المصالح والاعتبارات.
هذه البيانات توضح مدى تفاعل الشركات والمؤسسات السعودية مع حملة المقاطعة مهما تكن خسائرها إعلاء لمصالح الوطن، واستجابة لإرادة الشعب، وبدأت الدعوة تجد صداها فى دول عربية أخرى، إيمانا بأن كل ريال أو جنيه أو درهم أو دينار يدفع لمنتجات تركية يساهم فى تمويل جرائم أردوغان ضد الشعوب العربية، وكالعادة حاولت اللجان الإلكترونية التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية التشويش على حملة المقاطعة ودخلت فى جدال كثير مع مستخدمى السوشيال ميديا لإقناعهم بالتراجع عن الحملة بزعم أن تركيا دولة إسلامية ومقاطعتها حرام، وأن اردوغان لم يلوث يديه بدماء المسلمين كما فعلت دول كبرى مثل الصين.
وبالطبع تتجاهل عناصر جماعة الإخوان الإرهابيين أن رعاية أردوغان لهم واحتضانه للعناصر الإرهابية وتوفير سبل الدعم السياسى والإعلامى واللوجيستى لهم واستخدامهم للقتال فى مناطق مختلفة تسبب فى إزهاق أرواح مسلمين أبرياء كثر فى مصر وليبيا وسوريا والعراق واليمن وغيرها، بل فى داخل تركيا نفسها من خلال جرائمه الوحشية ضد الكرد الذين يشكلون ربع سكان تركيا وضد معارضيه من مختلف الأعراق والاتجاهات، وأن اطماعه الاستعمارية هى السبب فى إثارة الفوضى وعدم الاستقرار فى كثير من تلك الدول. وقد بدأت معظم دول الشرق الأوسط فى الانتباه إلى خطورة التعاملات التجارية مع تركيا التى تصب غالبا لحساب أنقرة، وهو ما دعا دولة مثل المغرب إلى إعادة النظر فى اتفاقية التجارة الحرة الموقعة مع تركيا عام 2004، وصادقت الحكومة التركية على تعديلها لتصحيح الاختلال فى الميزان التجارى بين البلدين الذى يصل إلى 1٫9 مليار لمصلحة تركيا، وبدأت المغرب بالفعل منذ منتصف شهر أكتوبر الحالى فى فرض قيود على المنتجات وسلاسل السوبر ماركت التركية، وزيادة الضرائب على السلع التركية المستوردة بنسبة تصل إلى 90%، وتحدث عدة مسئولين مغاربة بشكل صريح عن أن اتفاقية التجارة مع تركيا ضارة باقتصاد المغرب.
ولذلك فإن هناك أصواتا مصرية كثيرة الآن تدعو إلى ضرورة إعادة النظر فى اتفاقية التجارة بين مصر وتركيا، تلك الاتفاقية الموقعة عام 2005 ودخلت حيز التنفيذ الفعلى عام 2007، ويحق لمصر إعادة النظر فيها قبيل نهاية هذا العام مثلما فعلت المغرب، إما بإلغاء الاتفاقية وإما فرض رسوم وضرائب إضافية على السلع التركية، خاصة أن الميزان التجارى منذ توقيع الاتفاقية حتى الآن يميل لمصلحة تركيا بنحو 14٫5 مليار دولار خلال تلك الفترة، ومعظم السلع المستوردة من تركيا لها بدائل مصرية كثيرة، لكن المنتجات التركية رخيصة السعر لأنها تدخل مصر بدون جمارك طبقا لهذه الاتفاقية، مما يعطى لها ميزة نسبية عن المنتج المصرى وهو خلل كبير يستوجب المعالجة حفاظا على الصناعة المصرية. إن جرائم نظام اردوغان الإرهابية ضد مصر لا تتوقف، ولابد من حملة شعبية كبرى لمقاطعة السلع التركية ردا على هذه المواقف، فمصلحة الوطن فوق الجميع، ولابد من تلقين النظام فى تركيا الذى يصدر لنا العمليات الإرهابية ويحاول المساس بالأمن القومى المصرى والعربى ويحتضن فضائيات الجماعة الإرهابية، درسا لا ينساه من الشعب المصرى، ليعلم كل مواطن تركى أن المصريين يقفون خلف قيادتهم صفا واحدا دفاعا عن وطنهم، وأن نظام اردوغان هو السبب فى أى خسائر تصيب الأتراك نتيجة حملات المقاطعة العربية لهم.
نقلا عن صحيفة الأهرام