حسب استطلاع أجرته مؤسسة زغبي الأمريكية، تبين أن غالبية الشباب العربي؛ خاصة في مصر والسعودية والإمارات، تؤيد تحركات السلام الأخيرة، وبينها خطة ترامب للسلام.
بغض النظر عن دقة الاستطلاع، يثور التساؤل: ماذا عن موقف الإسرائيليين؟ هل حصل تغير في الاتجاه نفسه؟
حالة إنسانية واحدة كفيلة بالتعرف على نظرة الإسرائيليين للعرب.
قبل أيام، جرى نقل صائب عريقات المفاوض الرئيسي الفلسطيني مع إسرائيل خلال السنوات الماضية إلى مستشفى «هداسا عين كارم» بالقدس المحتلة، عقب إصابته بـكورونا، وهو حاليًا يخضع للتنفس الصناعي، وحالته خطرة لكن مستقرة.
انفجرت مواقع التواصل الاجتماعي الإسرائيلية بتعليقات عنصرية خلاصتها: دعوه يموت، مع تساؤلات عن الميزة الأخلاقية عندما تعالج «مخربًا»، وهو اللفظ الذي يطلقه المتطرفون الإسرائيليون على الفلسطينيين؟ وافق آخرون على علاج عريقات، إذا حصلت إسرائيل على تنازلات من حماس، لم يكتف المتطرفون بذلك بل تظاهروا أمام المستشفى منددين بعلاج المسئول الفلسطيني الكبير.
نواب بالكنيست شنوا حملة من التعالي والعنصرية ضد الفلسطينيين، واتهموهم بإضاعة جهدهم في «الإرهاب»، وهو المسمى الإسرائيلي للنضال، بدلا من الاستثمار بالرعاية الصحية، قائلين لو فعلوا ذلك لكانوا عالجوا عريقات عندهم، حتى الرافضين لهذا المنطق المتطرف، ألقوا قصائد فخر في التقدم الطبي والسمو الأخلاقي والتحضر الإسرائيلي، الذي جعل عشرات البعثات الطبية تطوف العالم لعلاج المرضى، واستعانوا بنص توراتي عن إسرائيل: سأجعلك نورًا للأمم، وسـآتي بخلاصي إلى أقاصي الأرض.
عريقات لم يُعرف عنه التحريض أو الدعوة لحمل السلاح، بل تفاوض من أجل السلام، وشارك بمفاوضات سرية جلبت عليه انتقادات شديدة من أبناء شعبه، ومع ذلك، فهو مخرب عند إسرائيليين. هل هذه المواقف الإسرائيلية التي تتراوح بين الاحتقار للفلسطينيين والمن عليهم، تؤشر لتغير بالمزاج العام في وقت يملأ نيتانياهو الدنيا بتصريحاته عن اليد الممدودة بالسلام والتعاون والخير للمنطقة؟
السلام الحقيقي أساسه الاحترام المتبادل، والذي يعني عودة الحقوق لأصحابها وعدم التعامل مع الآخرين بعنصرية. السلام الحقيقي ليس في قاموسه متاجرة بالمرض أو مساومة به. إنه بالتأكيد ليس ما صنعه إسرائيليون مع عريقات ووضعه الصحي الخطير.
* نقلًا عن صحيفة الأهرام