أنفق الإنسان آلاف السنين حتى شكل العالم على هواه. أسس الإمبراطوريات والدول وأقام الأنظمة الاجتماعية والسياسية وروض الطبيعة حتى اعتقد أنه سيطر عليها وأصبح السيد المطلق. ثم جاء كورونا، فإذا به هلوعا ضعيفا لا يملك من أمره شيئا، وإذا بالدولة الأكبر تهتز وتترنح بسبب احتجاجات شعبية على مقتل فرد بسبب سلوك عنصري. هل الإنسان وعالمه فى أمان، أم هو بحاجة لإعادة النظر بسلوكه وممارساته؟.
عاشت الطحالب على الأرض منذ 350 مليون عام، ونجت من كل الكوارث.. لماذا؟ تجيب عالمة الأحياء الأمريكية روبن كيميرير: لأنها تعلمت أن تعطى أكثر مما تأخذ، وأن تنصاع للقانون الرباني، وتتضامن، مع بعضها البعض. تعلمت الكائنات، تقول كيميرير، فى كتاب صدر مؤخرا،عنوانه: حكمة الأصليين.. المعرفة العلمية وتعاليم النبات، التكيف مع الطبيعة، والتعامل مع بعضها بتصالح وامتنان، وهى تواجه الخطر معا، وأن تعيش أوقات السعادة معا.
النباتات، مثلا، لديها ذكاء، يجعلها مذهلة ومبدعة، تقدم الهدايا للبشر والعالم، كالتمثيل الضوئي، دون انتظار جزاء ولا شكورا. ومن أسف، أن معظمنا لا يفهم النباتات حقا وينظر إليها على أنها موجودة من أجلنا. لا نراها كأصدقاء بل كتابعين. تقول المؤلفة، فى حوار مع الجارديان: هناك حاجة للتعامل مع الكائنات الأخرى بل والجبال والبحيرات، كأقرباء لهم حقوق، نابعة من تشاركنا فى الحياة على الأرض.
قد تكون الأفكار حالمة وغير عملية بالنظر لعبث البشر اللانهائى فى الطبيعة، لكنها دعوة لإدراك أن كوكبنا استمر على مدى الزمن لأن هذه الكائنات أصلحت ما أفسدناه. إنها محاولة لإقناعنا بتغيير تفكيرنا حتى نغير تعاملنا مع من حولنا، وندرك أن قدرتنا على مواجهة المخاطر تبدأ بتحسين علاقتنا بالطبيعة وعدم التعالى عليها.
فى محكم تنزيله يقول الخالق: »وَمَا مِن دَابَّةٍ فِى الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم«. الكائنات الأخرى على الأرض ليست عناصر ثانوية فى عالم يقوده الإنسان البطل الخارق. وإذا أراد هذا الخارق أن يعيش آلاف أخرى من السنوات فعليه أن يتعلم من زملائه على الكوكب وأن يتصالح معهم.
نقلا عن صحيفة الأهرام