Close ad

"برنس" بدون "بلطجة" وميلودراما بروح مصرية

16-5-2020 | 14:21

تؤكد أعمالنا الدرامية دائمًا أن الشعوب العربية لها ميل طبيعي للميلودراما، وأحيانًا يقال عنه "نكدي بطبعه" مع إن فن الميلودراما الذي عرف في المسرح الإغريقي منذ مئات السنين، وأصبح رائجًا في الأعمال الفنية، وأكثر الأفلام التي تحقق نجاحًا تلك التي يغرق فيها صناعها المشاهد في حالة الشفقة والتأثر.. ووصف المخرج الكبير حسن الإمام بأنه ملك الميلودراما، لفهمه لطبيعة جمهوره، فقدم في معظم أعمالها صورًا مؤثرة للحياة.

في لقطة للفنان الموهوب أحمد زاهر يرد فيها على متصلة غاضبة من تصرفه بأحد مشاهد مسلسل "البرنس" عندما أوقف سيارته، وقام بترك ابنة شقيقه "محمد رمضان" والتي تدعى مريم في الشارع.

يحاول أحمد زاهر إقناع المتصلة بأنه من قام بالتصرف ليس هو بل "فتحي" الذي يجسد شخصيته، لكنه غير مقتنعة، وهو ما يؤكد أن طبيعتنا كمصريين تميل كثيرًا إلى الأخذ بالعواطف في كل تصرفاتنا، وأننا شعوب محبة للإنسانية، وأن كل ما يثار على صفحات التواصل من محاولات لنزع تلك الروح المتأصلة فينا مجرد وهم، ولن ينجح فيه فصيل ما، أو جماعة، فإن كان عدد من المتشددين قد استخدموا وفاة الفنان الكوميدي الأصيل إبراهيم نصر بشكل غير أخلاقي، عندما قال بعضهم "ياه ما كنتش أعرف غنه مسيحي" وهي ليست في طبيعة الإنسان المصري الأصيل الذي تربى على الروح السمحة.

وأعود إلى ميلودراما مسلسل "البرنس" التي نجح فيها المؤلف والمخرج محمد سامي، فمن تجاربه السابقة في الدراما التليفزيونية، عرف محمد سامي السر، إن هذا شعب عاطفي فدوس له على الجرح، حتى تصل إليه الرسالة التي يريدها أن تصل من مسلسله، أنه لا بقاء للظلم مهما كانت قوته، فإذا كان أشقاء فتحي من الأب قد قتلوا زوجته وابنه، وتسببوا في دخوله السجن، وحاولوا التخلص من ابنته مريم، فإنه سيستعيد حقه وهي طبيعة انتصار الخير التقليدية في الدراما المصرية، لكنه هنا وبذكاء من "سامي" ومن بطل الحكاية "محمد رمضان" تركوا الأحداث مفتوحة للجميع، هناك قوة أكبر من سيطرة شخص، الطمع، المتمثل في أشقائه، وكان موفقًا في اختياره للشخصيات، ومعظمهم تعاونوا معه من قبل، وخاصة أحمد زاهر ودنيا عبدالعزيز، وروجينا التي تقدم أهم أدوارها على الإطلاق، وآخرون مثل سلوى عثمان، ونور اللبنانية، وإدوارد، ومحمد علاء، ومحمد مهران، والرائعة صفاء الطوخي.

الميلودراما التي يقدمها مسلسل "البرنس" حققت هدفها في جذب أكبر عدد من جمهور مسلسلات رمضان، وابتعد كثيرًا عن البلطجة، ولم يكن الانتقام منه متمثلًا في شكل دموي، بل انتقام الخلاص من الشر.

ويحسب هنا للنجم محمد رمضان إنه ترك للمخرج أن يفرش لكل الشخصيات، حتى وإن كان الانتقام في الحلقات الأخيرة بدافع مقتل زوجته وإبنه، فالجمهور هنا سيقف بجانبه، وسيتقبل أداءه، عكس الأعمال السابقة التي ظهر فيها في شخصية البلطجي، وتعرض لانتقادات كثيرة.

خبرة المخرج هي سر نجاح مسلسل "البرنس" استفاد من تجارب وأخطاء كثيرة حتى على مستوى الصورة عندما اتهم بالفذلكة في مسلسل "كلام على ورق" أو المط والتطويل فى "ولد الغلابة" تجاوز محمد سامي الكثير من أخطائه ليقدم عملا بروح متزنة، وأداء جاذب للمشاهدين، برغم تقليدية الحدوتة، وتميز عادل حقي في موسيقى معبرة وصوت أحمد سعد الذي أعطى إحساسًا جميلًا للأحداث، وتصوير وإضاءات مميزة لأحمد فهيم، ومونتاج هادئ لا يشعرك بسرعة الأحداث وتدفقها لغادة عزالدين.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: