Close ad

كورونا والمشاكل الأسرية

11-5-2020 | 12:16

يشكل البقاء (الإجباري) بالبيوت تحديًا كبيرًا لكل أفراد الأسرة، ويضعهم أمام اختيارين لا ثالث لهما؛ الأول الاستفادة منه لتحسين ما يمكن تحسينه من العلاقات (والتنبه) للتخلص أولًا بأول مما يلقيه غبار الضغوط المستجدة من كورونا على كل واحد منا؛ وجعله أقل صبرًا وأكثر قابلية للتوتر من تصرفات كان يحرص ويرغب بتجاهلها قبل كورونا.

والاختيار الثاني ترك نفسه (فرسية) سهلة لتوقعاته من أفراد أسرته دون مراجعتها (بأمانة) مع نفسه والتصرف وفقًا لها دون قراءة توقعات الآخرين منه.

نبدأ بكثير من الزوجات اللاتي توقعن من بقاء الأزواج بالمنزل وحلمن بأنهن سينعمن بالتدليل وبأوقات سعيدة وأن الأزواج سينتهزون هذه الفرصة لتعويض أنفسهم عن الابتعاد عن الزوجات قبل كورونا؛ للانهماك بالعمل أو لقضاء أوقات طويلة خارج البيت مع الأصدقاء.. وهذا توقع غير واقعي؛ يتجاهل أن الأزواج يعانون من ضغوط بسبب تغير نظام حياتهم (فجأة) وبلا رغبة منهم، وأنهم يحتاجون لبعض من الهدوء والاختلاء بالذات للسيطرة على التوتر الداخلي ولإعادة ترتيب أمورهم والسعي لتقليل خسائر البقاء بالبيت؛ المادية والنفسية، وأن غالبيتهم لا يرون أنهم مقصرون تجاه أسرهم، بل يثقون أنهم رائعون بما يكفي وأكثر.

وللأمانة، هذا ما تراه أيضًا غالبية الزوجات، لذا من غير الواقعي أن يفكر بعض الأزواج أن الزوجات ستنتهز هذه الفرصة لتغيير تصرفاتهن التي لا تعجب الأزواج والتوقف للأبد عنها.

نوصي بدلا من انتظار تغير الطرف الآخر ومسارعته بالإرضاء والتدليل، أن نتحلى جميعًا بالواقعية، فيبدأ كل طرف حياة جديدة مع الطرف الآخر بلا شروط (ويستفيد) من طول البقاء سويًا بالبيت لإذابة الجليد المتراكم منذ سنوات ولبدء صفحات جديدة لطيفة وبحسن معاملة الطرف الآخر ومجاملة أهله بالاتصالات الهاتفية للاطمئنان.. ووضع أسس أفضل للتعاملات اليومية وتجنب كل ما يعرف بالعشرة أنه يثير غضب الطرف الآخر أو يضايقه، حتى لو كان غير مقتنع بذلك، ويفعل ذلك ليس من باب التنازلات أو الرضوخ ولكن ليسعد نفسه (أولًا) ويغلق بعض أبواب المشاحنات والنكد التي يتأذى منها الجميع.

كما أنه سيحرض الطرف الآخر على حسن التعامل وتقليل المضايقات، ولو بعد حين، ففي ذلك مكاسب رائعة ستعود بالخير على الأسرة كلها.

وننبه لمصدر جديد للنزاع الأسري بسبب كورونا، حيث تتفاوت وأحيانًا بشدة درجة الحرص على الالتزام بالمطهرات بين أفراد الأسرة وتنشأ الخلافات ويتبادل البعض الاتهامات والسخرية من المبالغة أو الضيق والتذمر من الاستهانة.

ويجب مراعاة الفروق الفردية بين من يعيشون سويًا، وأن كورونا لن تجعل الجميع متشابهين في الوعي أو بالحرص على الوقاية ولا يعني ذلك الخضوع للمبالغات أو للاستهتار بخطر كورونا، ولكن أن نتعامل بوسطية ونتجنب الكلمات الحادة والانفعالات الزائدة وألا نجعل ذلك بابًا للمشاكل وأن نسارع باحتوائه أولًا بأول ومنع تصعيدها.

ونتوقف عند محاولة بعض الأزواج تغيير جذري لنظام الحياة في البيت وإشعار الجميع أن حياتهم سيئة وتدخلهم الحاد في كل تفاصيل الحياة اليومية، حتى شئون المطبخ وخلافه، ومن حق الرجال، بل ومن واجبهم أيضًا جعل الحياة أفضل للجميع، ولكن المبالغة في كل شيء تفسده، كما أن بعضهم يتعامل بعنف أحيانًأ ويبالغ بالانتقادات مما (يحرض) متلقيها "الزوجة أو الأبناء" على العناد، فلا أحد يرحب بوصفه بما يقلل من شأنه، ونوصي بضرورة إشادة الرجال بمزايا الزوجات والأبناء، وفتح قنوات تواصل أفضل معهم، وبذل النصيحة بأسلوب لطيف وبلا كلمات مسيئة؛ لتزداد فرص الاستجابة ولمنع المشاجرات.

نود الانتباه للأبناء، فلا نبالغ بتدليل الصغار وتجاهل أخطائهم بدعوى يكفي بقاؤهم بالبيت وحرمانهم من التنزه، فيتمادون في الأخطاء وسيصعب السيطرة عليهم بعد انتهاء كورونا وستصبح الأخطاء عادات (وحقوقًا) لن يتنازلوا عنها بسهولة، وليتذكر الأهل أنهم غير مسئولين عن كورونا وأنهم متضررون منها أيضًا.

مع منع التجاوزات بين الأبناء والأهل أو بين الأبناء وبعضهم أولًا بأول وعدم السماح بتراكمها، والحرص على إشغال أوقات الأبناء بما يفيدهم، وعدم المبالغة بدفعهم لتعلم اللغات أو تطوير القدرات، حتى لا تأتي النتائج عكسية، فالنفس تكره ما يفرض عليها والاعتدال مطلوب دوما.

ولنشجع الأبناء على احتضان هواياتهم وتخصيص وقتًا يوميًا لها ليفوزوا بفوائدها النفسية والحياتية أيضا، وممارسة الرياضة عبر يوتيوب، لإفراغ شحنات التوتر ولاكتساب اللياقة البدنية والحيلولة دون زيادة الوزن بسبب قلة الحركة، مع مشاركتهم بعض اهتماماتهم وإقامة صداقات معهم والاستمتاع معهم ببعض الألعاب، حتى لا تكون العلاقة معهم أوامر وتعليمات فقط، وتعليمهم القيام ببعض المهام المنزلية.. مع أهمية السماح لكل فرد من الأسرة بقضاء وقته الخاص ليستريح وليفعل ما يحبه وليتواصل مع أصحابه بالصوت والصورة ليقلل من تأثيرات كورونا السلبية وليسعد نفسه.

ولنعتدل جميعا بتوقعاتنا من أسرنا (وبتقديرنا) لما نفعله ونتأمل ما ذكره استطلاع أمريكي ذكر أن ما يقرب من نصف الرجال الذين شملهم الاستطلاع (أكدوا) أنهم يقضون وقتًا أطول في تدريس أولادهم من زوجاتهم؛ بينما وافقت 3% فقط من النساء على ذلك.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة