بخلاف العنف المتأصل والمتجذر في تركيبة جماعة الإخوان الإرهابية، منذ نشأتها الإجرامية والمريبة في نهايات عشرينيات القرن الماضى، فإن الفساد يشكل ملمحا بارزا في بنيتها العضوية، ليؤكد بما لا يدع مجالا للشك زيف ما يرفعونه من شعارات كاذبة وخادعة يضللون بها من يسوقهم حظهم العاثر إلي الوقوع في شباك أكاذيبهم وضلالاتهم بأنهم يعملون لمصلحة الدين، وأنها جماعة ربانية.
الحقائق خير شاهد وبرهان علي فسادهم العفن الذي أزكمت رائحته العطنة الأنوف، والأمثلة التالية ليست سوي عينة بسيطة وحديثة من سجل طويل وممتد من سيرة الإخوان الفاسدين ومخازيهم التي تكشف عن أنهم مستقرون في الدرك الأسفل من مستنقع الفساد والإفساد.
الشهادة الأولي صاحبها القيادي الإخواني الهارب إلي تركيا أمير بسام عضو مجلس شوري الجماعة الإرهابية، الذي قال عبر تسريب صوتي أخيرا إن نائب مرشد الجماعة محمود حسين، اعترف بأنه أخذ ما لا يحق له من أموال التبرعات هو وآخرون من قيادات الجماعة، وأن نجل محمود حسين اشتري سيارة ثمنها ١٠٠ ألف دولار من هذه الأموال التي تحصل الجماعة عليها بخدع وحيل لا حصر لها، وايهام من يدفعها بأنها موجهة لخدمة قضايا إنسانية نبيلة.
أمير كشف أيضا عن وجود خلافات حول ٢ مليون دولار جري توزيعها علي ٣ قيادات إخوانية في تركيا ومعهم قيادي بالتنظيم الدولي للإخوان، فهم يستحلون هذه الأموال وينعمون بها هم وأولادهم، بينما يدعون قواعدهم وشبابهم الهارب بتركيا إلي تحمل شظف العيش ومكابدة آثاره دون أن ينطقوا بكلمة اعتراض واحدة.
وإذا عدنا للوراء قليلا خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، حينما كان الإخوان يحكمون قبضتهم علي النقابات ويجمعون تبرعات بالملايين تارة بدعوي مساعدة الفلسطينيين وتارة أخري لأفغانستان.. إلخ، ثم اكتشفنا لاحقا أن القائمين عليها كانوا يستغلونها لقضاء مصالحهم الشخصية، والإنفاق علي الأنشطة الهدامة لجماعتهم.
الشهادة الثانية المؤكدة لتغلغل واستشراء الفساد بالجماعة الإرهابية، مصدرها تقرير مطول نشرته قناة "سكاي نيوز " حمل تقييما شاملا لعدد من المتخصصين بالشئون الاقتصادية بالسودان، وخلص ذلك التقرير إلي أن حكم الإخوان للسودان علي مدى ٣ عقود كان سببا في تخريب اقتصاده، وإهدار أكثر من تريليون دولار، جراء تورط عناصر إخوانية نافذة في عمليات فساد ضخمة بالقطاعات الإنتاجية والخدمية، الأمر الذي أفقد السودان فرصا استثمارية وتنموية كبيرة، وأن حكمهم لهذا البلد قاد لانخفاض قيمة الجنيه السوداني لمعدلات مذهلة غير مسبوقة، وارتفاع البطالة إلي ١٩ في المائة، والتضخم إلي ٦٧ في المائة، وعاني السودانيون بشدة من توابع فسادهم المستشري بحدة.
علاوة علي احتضان إخوان السودان لفترة معتبرة من الوقت، أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي، في تسعينيات القرن المنصرم، فهم لا يدخلون بلدا إلا أفسدوه وأتوا علي مقدراته وخربوه، لأنهم لا يعترفون بفكرة الوطن من الأصل، ويؤمنون بأنه لا حدود لدولتهم وغيرها من الخرافات والخزعبلات التي يحشون بها رؤوس تابعيهم، وانظروا إلي ما يفعلونه الآن بليبيا وإصرارهم علي تخريبها، لرفض غالبية الليبيين توليهم مقاليد السلطة بالبلاد المنكوبة بهم، وفتحهم الأبواب لتقاطر مئات الإرهابيين الذين يتلقون أوامرهم ومعها الأموال من قطر وتركيا.
الشهادة الثالثة علي الفساد والخداع الإخواني، جاءت من تونس، بعد إعلان حركة النهضة الإخوانية الدفع بمرشح في انتخابات الرئاسة المزمع إجراؤها، في تناقض واضح مع إعلانها سابقا عدم خوضها، حرصا علي استقرار تونس التي تابع شعبها الفصول الانتهازية والكذب الإخواني، وتبدل مواقفهم وفسادهم وعدم التزامهم بموقف ثابت، وأن تفكيرهم منحصر في الاستحواذ علي الحكم وجني المكاسب والعطايا من الكرسي.
وهو ما يذكرنا بما فعلوه في مصر بعدما قالوا إنهم يريدون مشاركة لا مغالبة، ولن يخوضوا الانتخابات الرئاسية التي جرت عقب تنحي مبارك، ثم انقلبوا على موقفهم هذا بقرارهم أولا ترشيح رجلهم القوى خيرت الشاطر، ثم محمد مرسي، ليفضحوا كذبهم ونفاقهم، وإظهارهم غير ما يبطنون وأنهم طالبو سلطة حتى ولو أتت على حساب استقرار وأمن البلد.
هذه الجماعة وكل من خرج من رحمها الخبيث، خطر مستطير يجب التصدي له، لأنها محترفة غسيل أدمغة الشباب وحشوها بأفكار التكفير ونبذ الأوطان، وارتداء قناع خلف قناع، حتى تخفي وجهها الحقيقي القبيح من الفساد، والحض على العنف والإرهاب والمتاجرة بالدين.