Close ad

ليلة العيد عند الفاطميين

31-5-2019 | 20:00

بالغ خلفاء الدولة الفاطمية في الاحتفال بقدوم عيد الفطر، حيث كانت توزع فيه كسوة العيد على الخاصة والعامة التي بلغت نفقاتها في القرن السادس الهجري ما يقرب من عشرين ألف دينار، وكانت الثياب تصنع في المصانع الحكومية الموجودة في دمياط والإسكندرية؛ لتوزيعها ليلة العيد، إلى جانب كميات كبيرة من الكعك والحلوى وكعب الغزال، يبدأ الإعداد لها من شهر رجب حتى نصف رمضان، وتبلغ ميزانياتها ستة عشر ألف دينار؛ لشراء الدقيق وقناطير السكر واللوز والجوز والفستق والسيرج والسمسم والعسل وماء الورد والمسك والكافور، بالإضافة إلى المناديل والمفارش الحريرية لإعداد الفوط التي يغطى بها الكعك عند توزيعه على الخاصة والعامة.

أما الاحتفال بعيد الفطر فكان يبدأ في ختام شهر رمضان؛ حيث كان الخلفاء يختتمون الليلة الأخيرة من رمضان باستدعاء المقرئين للاحتفال بليلة العيد؛ فيبدأون في قراءة آي الذكر الحكيم من الحمد إلى الخاتمة تلاوة وترتيلا بأحسن الأصوات، ثم يحضر بعض المقرئين الخطباء، ثم يكبر المؤذنون ويهللون وينشدون أدعية صوفية إلى أن ينثر عليهم الخليفة من الشرفة الدنانير والدراهم وتوزع عليهم أطباق القطائف مع الحلوى على الخطيب وغيره، كما توزع الدراهم على المقرئين والمؤذنين، فإذا ما انتهى مجلس المقرئين والخطباء انتقل الخليفة إلى قاعة الذهب فيجلس في الإيوان وعلى يمينه الوزير، ثم يجلس بعده الأمراء بعد أداء التحية، كل في المكان المخصص له، ويتبعهم الرسل الوافدون من جميع الأقاليم وهم وقوم في آخر الإيوان، ثم يتقدم متولي كل إسطبل من الرواد وغيرهم فيقبل الأرض، ثم يستعرض الخليفة ومن معه الدواب بفرسانها وبملابسهم المهداة لهم إلى أن يتم عرض جميع ما أحضر رسل الأقاليم؛ وهو ما يزيد على ألف فرس.

وبعد العرض يعاود المقرئون القراءة مختارين آيات من القرآن الكريم مثل قوله تعالى: "زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ"، وفى هذا العصر لا يوجد من أهل المحروسة إنسان في ليلة العيد إلا والابتسامة على وجهه.

هل فكرت أو سألت نفسك ماذا ستقول لربك في ليلة القدر؟ وما هو الدعاء الذي قد تدعو به ربك إذا أكرمك ورأيت بقلبك وروحك ليلة القدر؟ سألت السيدة عائشة رضى الله عنها رسول الله "صلى الله عليه وسلم": ماذا تدعو إذا صادفت ليلة القدر فأوجز رسولنا الكريم كعادته، وأجمل في الإيجاز وقال لها قولي: "اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة" وفى قول آخر "اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا"، وهل هناك ما هو أجمل وأعظم من العفو والعافية في الدنيا والآخرة؟

ماذا لو صادفت ليلة القدر؟ ماذا ستدعو؟ وكيف سترفع يديك للسماء تبتهل وتطلب من ربك ما تريد؟ هل استعددت لتلك اللحظة؟ وهل قدمت لهذه الليلة؟

لست واعظًا، ولست داعية دينيا، لكني أحاول بقلب الإنسان، وعقل الصحفي أن أسأل نفسي وأسأل كل إنسان: ماذا أعددت لهذه الليلة؟ هل قدمت لهذه الليلة ونحن في العشر الأواخر من رمضان؟

الاستعداد لهذه الليلة يبدأ مع أول يوم في رمضان بحسن الصيام وحسن التوبة والاستغفار، كلنا نخطئ، وكل منا له سيئاته التي لا يعلمها إلا الله، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهما وأيام للتوبة والاستغفار، فهل نظفنا قلوبنا بالتوبة ومنحنا أنفسنا الأمل والاستغفار؟ كلنا نخطئ، وكلنا نحمل أوزارًا وأخطاء؛ بل وخطايا، لكن رحمة الله أوسع وأعظم، فهل تعلمت أن تعفو حتى يعفو الله عنك؟ تطلب التوبة وتستغفر ربك وتسأله الرحمة والمغفرة وأنت قلبك مازال يحمل السوء ونقاطًا سوداء تجاه البشر، فبأي قلب تتجه إلى ربك؟ وهل عفوت عن أخيك الذي أخطأ في حقك حتى تطلب عفو الرحمن؟ أعلم أننا بشر، وكلنا خطاؤون إلا أن خير الخطائين التوابون، ولكي نتوب توبة حقيقية لابد أن يكون هناك إخلاص وصدق في النية.

ولابد أن نعلم أنفسنا كيف نعفو ونسامح حتى يقبل الله توبتنا فيعفو عنا ويسامحنا؟! الصدق في النية والإخلاص في العمل هما أساس كل عمل صالح فلا تنظر لما مضى، وثق في ربك، وأنظر لما هو قادم.

حاسب نفسك بحب وصدق تجد ربك هو الأعلى والأعظم يعفو عنك ويمنحك فرصة أخرى، وقد يجعلك من عتقائه من النار ومن المقبولين، اعف عمن أخطأ، وسامح من ظلمك، وتجاوز عن حقك تجد العفو والسماح من الله الذي يتجاوز عن سيئاتك، بل قد يبدل سيئاتك حسنات؛ لأن الله هو الأكرم والأعظم؛ ولأنه ليس كمثله شيء، فأنت إن عفوت فإن عفو الله أعظم وأكبر، وكرمه ليس مثله كرم آخر فيبدل حسناتك سيئات!

هل استعددت لتلك الليلة بعفو وتسامح ونية صادقة مخلصة لوجه الله؟ هل صمت الأيام الماضية عن الظلم والنميمة والقيل والقال؟ هل كان صيامك فقط عن الطعام والشراب أم عن كل ما يغضب الله؟ حاسب نفسك قبل أن يحاسبك الله، ومازالت أمامك الفرصة، فما زلنا في العشر الأواخر.

احرص على اقتناصها بحب وصدق وإخلاص وقلب مفتوح مع الله، افتح صفحة جديدة مع الناس خاصة أهلك وأهل رحمك، وأصدقائك وجيرانك وزملاء العمل. افتح صفحة جديدة مع نفسك وحاسبها حسابا عسيرًا، وأعلن الندم والتوبة والنية الصادقة في أن تفتح صفحة جديدة بلا أخطاء.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
لم المغالاة؟

في الوقت الذي تسعى فيه الدولة المصرية إلى تعمير الصحراء وتدبير احتياجات المصريين من الغذاء، بل تحارب البناء على الأرض الزراعية بقوانين وإجراءات رادعة،

انتخابات ساخنة في نقابة المحامين

• اشتعلت المنافسة في انتخابات النقابة العامة للمحامين، وذلك بعد إعلان الكشوف النهائية للمرشحين في الانتخابات التي تجري بعد غد الأحد 15 مارس على منصب نقيب

يوم الشهيد

يوم الشهيد

حوادث المرور

لا يمر يوم واحد دون أن نقرأ في الصحف ونشرات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي عن حوادث المرور التي يسقط فيها عشرات المواطنين، وهذه الظاهرة أصبحت الآن كوارث

الثورة المنسية!

الثورة المنسية!

النقشبندي صوت المآذن الشامخة

• 44 عامًا مرت على وفاة الشيخ سيد النقشبندي، زاد في كل عام فيها شهرة ونجومية، كانت أكبر مما حظي به في حياته، حتى إن الابتهال الشهير"مولاي إني ببابك" أصبح

الأكثر قراءة