برغم قسوة حادث محطة مصر، ومشاهده البشعة، والذي راح ضحيته 22 شخصًا وإصابة أكثر من 40 آخرين، بعضهم في حالة حرجة، إلا أن الحادث ذكرني بفيلم "الطيب والشرس والقبيح" للممثل والمخرج الأمريكي الشهير كلينت إيستوود؛ حيث أفرز هذا الحادث مجموعة من المشاهد التي يمكن أن تحمل نفس عنوان هذا الفيلم، برغم اختلاف المضمون بالطبع.
فقد تمثل المشهد "الطيب" في الشاب وليد مرضي العامل بالشركة الوطنية لخدمات ركاب قطارات النوم، الذي خاطر بحياته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المواطنين الذين أمسكت بهم النيران، ولم يفر كالآخرين، ونجح مع زميله محمد عبدالرحمن في إنقاذ أكثر من عشرة أشخاص من الموت.
كما تمثل أيضًا المشهد "الطيب" في مئات من الشباب الذين توافدوا على المستشفيات للتبرع بالدم؛ لإنقاذ حياة المصابين من الحادث المؤلم، وعندما تشاهد صور تزاحم المتبرعين، تظن أنهم يتكالبون للفوز بالتبرع بالدم، في مشهد إنساني راق، ثم تلك النداءات التي انطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي، للنزول للمستشفيات لاستضافة أسر المصابين، أو تقديم المساعدات الغذائية أو البطاطين وغيرها من المساعدات الإنسانية، التي أظهرت المعدن الرائع للمصريين وقت الأزمات.
أما المشهد "الشرس" فيمكن أن ينطبق على سائق جرّار الموت، الذي ظهر بعد ساعات من الحادث على إحدى الفضائيات المصرية الخاصة؛ ليعترف أنه كان يقود الجرارات من الورشة إلى المحطة والعكس، وأنه ترك الجرار ونزل لسائق آخر؛ لمعاتبته على ما حدث وأثناء حديثهما ترك كبينة قيادة القطار، وأنه لم يكن يتوقع أن تصل الأمور إلى هذا الحد، أو أن تقع تلك المأساة، وكان بارد المشاعر، برغم قسوة المأساة، فعندما سأله المذيع عن "المحاسبة" قال بلا مبالاة "مفيش حد بيتحاسب".
وقد أصدر المستشار نبيل صادق النائب العام بيانًا عن الحادث جاء فيه: أنه بالفحص الفني للحركة الميكانيكية للجرار تبين وجود ذراع التشغيل للقاطرة في وضع التشغيل على السرعة الثامنة والتي تعادل 120 كم/ساعة. وأن الحادث نجم عن اصطدام الجرار بالمصد الخرساني بنهاية الرصيف؛ ما أدى إلى اندلاع النيران، وعدم وجود أي آثار أو مخلفات تشير إلى استخدام عبوات مفرقعة بموقع الحادث.
أما تقرير الإدارة المركزية للمعامل الكيماوية، فأفاد - طبقًا لتقرير النائب العام - أن العينات المأخوذة من المتهمين وجدت إيجابية لآثار مخدر "الأستروكس"، المدرج بالجدول الأول لقانون المخدرات لدى عامل المناورة المرافق للجرار رقم 2302 المتسبب في الحادث، دون باقي المتهمين؛ وربما هذا يبرر حالة البلادة التي ظهر فيها على شاشة الفضائيات، دون أن تشعر أنه يأسف أو يندم للحادث المأساوي.
أما المشهد القبيح، فتمثل في تلك الفتاة، التي يبدو أنها "مجنونة شهرة"، فعلقت ردًا على إحدى صديقاتها التي دعت للتبرع لضحايا حادث محطة مصر، فقالت إن "الفقراء هم أقل وطنية وشرف من الأغنياء الوطنيين" مما أثار موجة عارمة من الغضب والاستياء بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين شنوا هجومًا حادًا عليها واعتبروا تعليقها تحريضًا على الكراهية ضد فئة مجتمعية، فما كان منها إلا أن وصفت مهاجميها بالرعاع والأوباش، ويبدو أنها حققت ما تبغيه من شهرة من خلال كلماتها القبيحة.
[email protected]