أغفلنا ولسنوات طويلة الاندماج والتقارب الإفريقي، مع أنه لم يكن يختصم من الفنون المصرية شيئًا، بل يضيف إليها، وحتى ما قبل رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي كانت المحاولات تقتصر فقط على حدث سينمائي واحد هو "مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية".. الذي أكد في دوراته السبع الماضية أن محاولات إعادة الفنون الإفريقية إلى سابق عهدها؛ بل وبشكل أقوى مع الشعب المصري تحتاج إلى مجهود كبير جدًا، وإن كان قد تبلور وأصبح واضحًا وملموسًا في الدورة الماضية.
والتجاهل؛ سواء كان متعمدًا أوغير متعمد خلال سنوات طويلة، يحتاج بالفعل لأن ندعم مبادرات ومجهودات الأقصر الإفريقي في دوراته المقبلة، ومنها الدورة الثامنة التي كشف عن تفاصيلها رئيسها، وهو السيناريست سيد فؤاد ومديرتها عزة الحسيني، وتقام في الفترة من 15 إلى 21 مارس المقبل، تحت شعار" السينما حيوات أخرى".
السينما الإفريقية التي تجاهلناها لسنوات، تنافس بقوة في مهرجانات مهمة قد نغيب عنها نحن، ومنها مهرجان برلين في دورته الـ69 التي انتهت مؤخرًا والذي أحدث فوز الفيلم السوداني "الحديث عن الأشجار" على جائزة أفضل فيلم وثائقي في قسم البانوراما.
وهو للمخرج صهيب قسم الباري، وتتواجد السينما الإفريقية في مهرجانات مثل "كان" و"فينيسيا"، ولا ننسى أن أفلامًا لمخرجين من تونس والمغرب والجزائر ومالي وجنوب إفريقيا وتشاد والصومال وحتي اليمن وغيرها، تعرض في معظم دول العالم.
برمجة الدورة الثامنة لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية، بها ما يكفي لفتح نوافذ مهمة بين المصريين وإفريقيا، من هذه البرمجة التي ركز فيها القائمون على المهرجان على التواجد الإفريقي في كل الأقسام والتكريمات.. تواجد يحقق الهدف؛ وليس كباقي المهرجانات التي تحمل مسميات دون هدف؛ لمجرد أن تقام فقط في مدن مصرية هي بحاجة إلى السينما والثقافة وليست السجادة الحمراء واختراع مسميات لا تضيف شيئًا.
فالبرمجة التي وضعها الأقصر السينمائي حافلة ففي التكريمات مثلا تكريم التشادي محمد صالح خارون وهو أول مخرج تشادي ومن كبار السينمائيين في إفريقيا، وفانتا ريجينا من بوركينا فاسو، ومن السودان الممثلة المعروفة فايزة عمسيب والتونسية درة بوشوشة، مع النجوم المصريين لبلبة وعمر عبدالعزيز وآسر ياسين.. هذا بالإضافة إلى أن الدورة الثامنة تحمل اسم البوركيني إدريسا وادراجو وتهدي إلى الموسيقار أندريا رايدر وفنان الرسوم المتحركة من النيجر مصطفي حسن، والمخرج الكبير الراحل توفيق صالح.
أقسام المهرجان الذي يقام بمدينة الأقصر بها عناصر كثيرة تمثل التواجد الإفريقي، من لجان تحكيم وتكريمات وأفلام، وندوات.. وتونس ضيفة شرف ويعرض لها ثمانية أفلام، وورش للسناريو والأفلام الوثائقية وغيرها من الأنشطة.
وبالطبع ثمانية أيام بها فعاليات متنوعة، لا تكفي لصناعة الجسر الذي يربط بين السينمائيين المصريين والأفارقة، بل نحتاج إلى محاولات قد تكون من خلال هذا المهرجان، محاولات تتبناها النقابات كنقابة السينمائيين برئاسة مسعد فودة، وعمر عبدالعزيز رئيس اتحاد الفنانين، ودكتور أشرف زكي رئيس نقابة الممثلين.. والدكتور خالد عبدالجليل بصفته رئيسًا للمركز القومي للسينما، كل هذه الجهات إن نجحت في ربط الجسور والوقوف جنبًا إلى جنب مع سيد فؤاد ومهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، ووضع خطط، تهدف لاستقطاب السينمائيين الأفارقة وتوقيع برتوكولات تعاون لتصوير الأفلام بين البلدين، وعرض أفلامنا في كل هذه الدول وعرض أفلامهم في دور العرض المصرية، ومشاركات في الإنتاج تصبح لدينا سوق جديدة، تدعم السينما المصرية والإفريقية معًا..
ويكون مهرجان الأقصر هو من يحتوي كل هذا بمشاركة الأفلام التي تنتج، والتعريف من خلال دورهم وخبرتهم في ثمان دورات بأهمية الفيلم الإفريقي، وكشف النقاب عن أسماء مهمة كما هو الحال.. أسماء قد لا يعرفها الجمهور المصري.. فيكفي ما حدث للفيلم المصري في دول شمال إفريقيا، وغيابه ليس فقط عن هذه الدول، بل عن دور العرض العربية لعدم وجود مبادرات ومشاركات تعزز من انتشاره.