Close ad

"جريما" عبدالباقي في "المعادي".. تحطم رتابة المسرح!

2-11-2018 | 23:18

منذ 32 عامًا كانت نقطة البداية الحقيقية لفنان يبحث عن فرصة يؤكد بها أنه موهوب.. ومنذ هذا التاريخ الذي هو بالتحديد 1986، وعلى مسرح الريحاني، الذي يعود إليه.. كان الشاب المكافح "أشرف عبدالباقي" يعرض مسرحية "خشب الورد" مع النجم الكبير محمود عبدالعزيز وإلهام شاهين، والمبدع عبدالمنعم مدبولي، والمخرج هاني مطاوع.. وعندها قال مدبولي - رحمه الله-  إن "عبدالباقي" سيكون فنانا له مستقبل مختلف.

هذه السطور أكتبها بمناسبة عودة "عبدالباقي" لمسرح الريحاني ليعيد إليه الروح، فمن مكان أشبه بقصر مهجور، إلى مسرح بمقاعد وواجهات ومداخل مضاءة، وكأنه يفتتح لأول مرة.. ليقدم عليه تجربته المجنونة جدا "جريما في المعادي"، "جريما" بالألف..

فهو لم يتوقف عند مرحلة "مسرح مصر"، التي إن انشغل بها أي فنان وحقق نصف ما حقق بها من نجاح منقطع النظير، وتحريك للمياه الراكدة في مسرح القطاع الخاص.. وبشباب جدد.. أصبحوا نجومًا حتى في الأعمال الدرامية والسينمائية؛ لاكتفى بها وظل يراقب نجاحه ويتمتع به ويواصل تطويره فقط..

لكن أشرف عبدالباقي لم يكتف بكونه ممثلًا ومنتجًا.. بل بدأ مرحلة صناعة فن المسرح.. وصناعة الفن هي أن يصبح الفنان جزءًا من حركة فنية متكاملة، فيقوم بدور المؤلف والمخرج والممثل، وسبقه في هذه الميزة نجوم كبار كالسيد بدير، وبديع خيري، والريحاني، ومدبولي، ثم محمد صبحي، ويضاف إلى هذه الأسماء اسم جديد هو "أشرف عبدالباقي".

التجربة التي اختار لها عنونا كتب عن قصد بالغلط "جريما في المعادي"، اختارها لتكون البداية لتغيير مفردات المسرح ليس "ستاند أب"، أو "الكلاسيكي" أو "الفرجة"، بل حتى الكلاسيكي، فهو يقدم مسرحًا كلاسيكيًا من حيث الشكل.. عرض مكون من ممثلين ونص في فصلين، لكنه ليس كما اعتدنا من مسرح.

هي فكرة عن نص أجنبي، اختارها ليجرب بها، ويقدم لنا عرضًا أقل ما يمكن وصفه أنه حالة إبداعية، ينقصها بعض التعديلات التي قد تفرضها استمرارية العرض.. وهي عن جريمة في حي المعادي، في عائلة المانسترلي، يتهم فيها كل من هم في القصر، حيث الأحداث تدور في فترة العشرينيات، تسهم كل مفردات المسرح من ديكور وملابس وموسيقى في رسم ملامح الجريمة حتى كشف الغموض.. وهنا يتحول الديكور إلى بطل مكمل للشخوص، ويبني كل شيء على الخطأ الذي يدفع المتفرج للبحث عن تفسير له وهو يتابع العرض.

فريقان يقدمان عرضًا واحدًا، هذا هو ما فاجأنا به "عبدالباقي" فهو يقدم عرضًا واحدًا من فصلين بفريقين، كأن يقدم المسرحية بـ 20 ممثلًا في عرض ماتينيه، ونفس العرض يقدمه 20 آخرون في عرض سواريه، أو اليوم الثاني..

تبقى المشكلة التي قد يواجهها العرض؛ وهي أن التجريب في المسرح يتطلب التغيير والتطوير لأنه ضد الثبات، وكل شيء في هذا العرض يؤكد أنه عمل تجريبي بداية من الفكرة والشكل والمضمون وحتى تفاعل الجمهور.. وهو كمخرج ومدرب للممثلين لجأ إلى العنف كمحرك وجاذب للمتفرج، والمسرح كفرجة قد لا يتفاعل معه الجمهور بسبب تكرار لوحات العنف، وهو ما يجب أن يلتفت إليه هو كمخرج ليطوره.

و"عبدالباقي" سبق أن قدم عروضًا كان التجريب فيها أساسيًا كمسرحية "الحادثة" للمؤلف لينين الرملي، وقام ببطولته وكانت به حالة تكامل..

ومن المؤكد أن هذه التجربة "جريما في المعادي" ستكون نقطة بداية لمسرح جديد يحطم رتابة العروض التقليدية، ويغير من مفردات التقليدي - كما حدث معه في "مسرح مصر".

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة