Close ad

الأثرياء.. هل يدخلون الجنة؟!

20-6-2018 | 23:43

وسط أهوال تحيط بنا؛ بعضها مُفجع؛ وبعضها مُؤلم؛ يبدو من المناسب البحث عن حلول عملية؛ تؤدى إلي نتائج إيجابية؛ قد تُحول حياة نسبة كبيرة من الفقراء؛ قُدرت نسبتهم في أحد الإحصاءات بنحو 40% من عدد السكان؛ أي 36 مليون مواطن تقريبًا تحت خط الفقر؛ من عدد سكان يصل لـ 100 مليون نسمة!

ومع صعوبات الحياة التي زادت بعد تعويم الجنيه؛ والتحرير النسبي لأسعار الخدمات؛ وصولاً لأسعارها الحقيقية؛ تحريرًا للدعم الذي لا يصل لمستحقيه؛ يكون من المهم الوصول لطريقة ندعم بها الفقراء محدودي الدخل؛ منهم الجائعون؛ ومنهم المحتاجون؛ ومنهم من لا يستطيع إعالة نفسه أو أسرته!

ويجب ألا ننسى؛ أن من تتعسر ظروفهم المعيشية؛ عددهم ليس بالقليل؛ ليتم إضافتهم لنسبة الفقراء؛ بما يعنى من يعانون من ضغوط الحياة الصعبة؛ أكثر من 40% من المصريين؛ بالفعل هي نسبة كبيرة؛ مقارنة بنسبة أخرى أقل؛ محددة بعدد المتيسرين؛ لا تتأثر أحوالهم بتغيرات الأسعار ولا بارتفاعها؛ يسكنون القصور؛ وفي المقابل أضعاف مضاعفة منهم؛ يسكنون القبور!

قد يرغب أحدهم في عمل حفل زفاف لنجله بملايين كثيرة؛ فهذا ماله وهو حر في إنفاقه؛ وفي المقابل أضعاف مضاعفة قد يبيتون بدون عشاء!

ولكن؛ كيف ينظر كل من الطرفين للآخر؛ الفقير يشعر بالحرمان الشديد؛ يتمنى أن يجد ما يؤويه ويسد رمقه ويعينه على مجابهة صعوبات الحياة؛ فلو وجد طعامه؛ قد لا يجد علاجه؛ ولو وجد مأوىً يحميه؛ قد لا يمتلك مصدر رزق ثابتًا؛ وهكذا!

الثري؛ لديه القناعة بأن ماله يخصه؛ ولا يخص غيره؛ ينفقه كما يشاء؛ فهذا ماله؛ ولا يحق لأحد أن يعقب عليه؛ أو يوجهه؛ ولكن فاته أمرًا مهمًا جدًا؛ أن المال في كثير من الأحيان - وليس بعضها - يكون نقمة على صاحبه؛ وليس نعمة؛ بمعنى أن الله قد يبتلي الإنسان بأن يهبه المال؛ ليختبر كيفية إنفاقه؛ لأنه وضع سبلًا وآليات وأوامر ألزم بها العباد؛ منها الركن الثالث من أركان الإسلام؛ وهو إيتاء الزكاة؛ فقد حدد الله بوضوح تام؛ أن هناك زكاة مفروضة على المال لمن مر على ماله عام بنسبة قدرها "2.5 %" من قيمة المال؛ فهل يدفع الأثرياء زكاة مالهم؟!

تتكدس الأموال في البنوك؛ وبحسب آخر التصريحات الرسمية؛ فإن إجمالي الودائع فيها وصل لـ 5000 مليار جنيه! وبحساب الزكاة المستحقة؛ تكون 125 مليار جنيه!

يقول الخالق "وَالَّذِينَ فِىۤ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ" المعارج الآية 24؛25؛ كما يقول الرسول الكريم؛ "ما نقُص مال من صدقة"؛ وأكثر ما يتمناه الميت؛ لو أُتيحت له الفرصة ليعود إلى الحياة مرة أخرى؛ هي التصدُق؛ لما لها من أجر عظيم؛ لم يتمن الصلاة ولا الصوم ولا أداء الحج؛ ولكنه تمنى التصدق!

مهما عاش الإنسان فمصيره الموت؛ ومتوسط العمر ما بين 70 إلى 80 عامًا؛ الفقير؛ لا يملك غير الصبر على ما يحيطه من صعوبات؛ ويُمنى نفسه بدخول الجنة جزاء صبره؛ ولكن هل يدخل الأثرياء الجنة؟

سيدنا عثمان بن عفان؛ أحد الصحابة المُبشرين بالجنة؛ عُرف عنه الثراء؛ كما عُرف عنه كثرة التصدُق؛ وفي قصة البئر التي اشتراها من اليهودي عبرة كبيرة؛ فقد اشترى أحد اليهود بئرًا؛ ورفع على الناس سعر المياه؛ فما كان من سيدنا عثمان إلا أن اقتسم معه ثمن البئر؛ وأعفى الناس من دفع أجر المياه في نصيبه؛ حتى اشترى كامل البئر؛ وترك الناس يأخذون الماء بلا مقابل.

إذا كان حجم الأموال المودعة 5000 مليار جنيه؛ فما هي قيمة الذهب لدى المصريين؛ وكذلك الأموال السائلة التي يمر عليها العام وموجودة في الأسواق؛ وإذا كانت أكثر من ضعفي الموجودة بالبنوك؛ بحكم المنطق؛ فذلك يعني أن حجم الزكاة المفروضة والواجب دفعها سنويًا يفوق الـ 375 مليار جنيه!

فهل هذا يحدث؟ لو دفع الثري زكاته بلا تشدد؛ ولا تعنت؛ ولا تعالٍ؛ ولا تكبر؛ ما وجدنا بيننا فقيرًا واحدًا.

 

دخول الجنة مرهون برضا الله؛ فمن فاز برضاه دخلها؛ ومن تعالى وتكبر؛ ودخل الشك في نفسه للحظة معتقدًا أن ماله اكتسبه بإرادته؛ ولا يحق لأحد محاسبته عليه؛ ومن ثم لا يجوز حثه على دفع زكاته؛ فهو واهم؛ فلو تراحمنا وتكاتفنا؛ فلن نشاهد من يأكل من عربات القمامة؛ ولا من يمد يده طلبًا للعون.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الرحمة

أيام قلائل ويهل علينا شهر رمضان المبارك؛ وأجد أنه من المناسب أن أتحدث عن عبادة من أفضل العبادات تقربًا لله عز وجل؛ لاسيما أننا خٌلقنا لنعبده؛ وعلينا التقرب لله بتحري ما يرضيه والبعد عن ما يغضبه.

الأكثر قراءة