Close ad
11-6-2018 | 03:54

أكتب هذا المقال فور الانتهاء من حفل الإفطار، الذي أقامه سعادة سفير الصين بمصر "سونغ آيقوه" مساء يوم الثلاثاء الماضي، وقد كانت المائدة الرمضانية الصينية عامرة، بحق، بأطايب المشروبات والأطعمة والحلوى، فضلا عن كلمات الترحيب الصادقة والدافئة، بحضور العديد من أعضاء السفارة الصينية والإعلاميين والصحفيين المصريين.

فاجأني السفير "سونغ آيقوه" بإبداء إعجابه بمقالات كتبتها - هنا - عن مظاهر الاحتفال بشهر الصوم، وحرية ممارسة الأديان في الصين، وقد تفضلت "بوابة الأهرام" بنشرها في الأسابيع الثلاثة الماضية.

تذكرنا سويا - سعادة السفير وأنا - اللقاء الودي، الذي جمعنا، منذ نحو ثماني سنوات في العاصمة الصينية، بكين، وقد تزامن ذلك اللقاء مع حلول العشر الأوائل من شهر رمضان المعظم، في شهر أغسطس من عام 2010 ، وجرى اللقاء بمكتبه في مقر وزارة الخارجية الصينية.

كان سعادة السفير "سونغ آيقوه"، يشغل، وقتها، منصب المدير العام لإدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالخارجية الصينية، وكنت - أنا - عائدًا للتو، وقتها، من زيارة نادرة لمنطقة "شينجانغ" الويغورية، ذات الحكم الذاتي والأغلبية المسلمة، شمال غرب الصين.

هنا.. أروى واقعة لا تنسى، جرت فور الانتهاء من لقائي بسعادة السفير "سونغ آيقوه" حيث كانت الصين تعرضت، وقتها، لزلزال عنيف، تسبب في وقوع العديد من الضحايا والإصابات البشرية والأضرار المادية في إحدى المقاطعات، وجرى- حينئذ- وضع صندوق خيري لجمع التبرعات والمساعدات، في البهو الرئيسي لمقر وزارة الخارجية في بكين، وسط حشد هائل من عدسات المصورين وكاميرات التليفزيون والاهتمام الإعلامي والصحفي، ليأخذ سعادة السفير"سونغ أيقوه" بيدي مارا وسط هذا الحشد الهائل، وأكون، أنا الصحفي المصري الزائر، أول المتبرعين بكل ما كان في حوزتي من نقود صينية لمساعدة ومؤازرة الأصدقاء والأشقاء الصينيين، المنكوبين.

جاء سعادة السفير "سونغ آيقوه" إلى مصر، بعد لقائنا في بكين بوقت قصير، ليعين سفيرا للصين بالقاهرة، في عام 2010 وحتى تاريخه، ولتشهد العلاقات الثنائية بين القاهرة وبكين، في عهده وعلى مدى 8 سنوات، طفرة غير مسبوقة من التعاون والتنسيق والتبادل على جميع الأصعدة والمستويات، سياسيا، واقتصاديًا، وتجاريا، وثقافيا، وهو ما لخصه السفير، في الكلمة التي ألقاها في حفل الإفطار الرمضاني، وجاء فيها:

يدعو الإسلام إلى المحبة والتضامن والسلام والتسامح والوسطية، بصفته مكونا مهما للحضارة البشرية، ومن ضمن الـ 56 قومية صينية، تعتنق 10 قوميات صينية الدين الإسلامي، وفى الصين أكثر من 20 مليون مسلم صيني، يؤدون الفرائض الدينية مثلكم وفقا لتعاليم الدين الإسلامي.

إن الحكومة الصينية تهتم وتحترم دائما حرية المسلمين الصينيين من مختلف القوميات في اعتقادهم الديني وعاداتهم وتقاليدهم، وتحمى حقوقهم الشرعية في ممارسة الأنشطة الدينية مثل: الصلاة والصيام والاحتفال بالأعياد الدينية، وتتخذ ذلك كسياسة وطنية طويلة الأمد.

في الشق السياسي والاقتصادي من كلمته، قال السفير" سونغ آيقوه": حققت العلاقات الصينية- المصرية تقدما مهما. قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارته الرابعة إلى الصين في سبتمبر الماضي لحضور "الحوار بين دول الأسواق الناشئة والدول النامية" تلبية للدعوة من الرئيس الصيني "شي جينيينغ" . كما زار مصر عديد من وفود صينية رفيعة المستوى.

أنا على ثقة بأن الزخم الطيب لتبادل الزيارات رفيعة المستوى بين الجانبين سيستمر في هذا العام. شهد التعاون العملي بين الجانبين تطورا إيجابيا أيضا. شاركت مصر في فعاليات الدورة الثانية لمعرض الصين والدول العربية كضيف الشرف، تجاوبا مع مبادرة "الحزام والطريق". وفى مجال المشاريع المهمة، قبل شهرين، حضر رئيس مجلس الوزراء المكلف، المهندس شريف إسماعيل، مراسم وضع حجر الأساس لمشروع إنشاء منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، قيمته 3 مليارات دولار، والذي ستقوم شركة CSCEC الصينية - أكبر شركة للبناء والإنشاء في العالم بتمويله وبنائه، ويدل هذا المشروع على المستوى العالي الذي يتميز به التعاون الصيني- المصري.

إلى جانب ذلك، سيقام معرض الصين الدولي للواردات الذي يترقبه الجانب المصري في شهر نوفمبر المقبل.

إن مصر دولة كبيرة ومهمة في العالم العربي والقارة الإفريقية، ويمثل التعاون الصيني - المصري جزءا مهما للتعاون الجماعي بين الصين والدول العربية والدول الإفريقية . ستنعقد الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني – العربي ، وقمة منتدى التعاون الصيني – الإفريقي في منتصف العام الجاري وسبتمبر المقبل على التوالي، اللذان يعدان حدثين كبيرين للعلاقات الصينية- العربية، والصينية- الإفريقية.

إن الجانب الصيني يولى اهتمامًا بالغًا بهما وعلى استعداد لبذل جهود مشتركة مع الجانب المصري لرسم خطة جديدة حول سبل تطوير علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة التي تربط بين الصين والدول العربية والدول الإفريقية، وتعزيز التعاون في مختلف المجالات بينها، بما يخدم المجتمع الصيني - العربي، والصيني - الإفريقي، ذي المصير المشترك، ويرتقى بالعلاقات الصينية - المصرية في إطار العلاقات الصينية - العربية، والصينية - الإفريقية.

على الرغم من الإنجازات التنموية التي أحرزتها الصين في السنوات الأخيرة، مازالت الصين أكبر دولة نامية في العالم، وأمامها مهمة ثقيلة ومسافة طويلة لتحقيق الإصلاح والتنمية. تنتمي مصر إلى الدول النامية أيضا، وأمامها مهمة تنموية مماثلة كالصين.

منذ زمن بعيد، عمل الجانبان يدا بيد على مواجهة التحديات وإحلال التنمية المشتركة. لقد أصبحت شجرة الصداقة والتعاون بين الجانبين أكثر ازدهارا.

الآن، تمر العلاقات الصينية - المصرية بأفضل مراحلها في التاريخ، تفتح مبادرة "الحزام والطريق" آفاقا أرحب للتعاون بين الجانبين. قبل أيام طرح الرئيس عبد الفتاح السيسي "بناء الإنسان" في مراسم تنصيبه للولاية الثانية.

أتمنى للشعب المصري أن يحقق كل الأهداف المنشودة تحت قيادته، وإننا نتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقا لعلاقات الصداقة والتعاون بين البلدين.

شكرًا سعادة السفير "سونغ أيقوه"

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: