قد تتفق الأغلبية على قائد وتطير به فرحًا، وتختلف معه أقلية، وهذا أمر طبيعي لا خلاف عليه.
أما في حالة رفض الأغلبية لقائد ما، ومع ذلك يصر على المضي في نهجه المرفوض، فهذا فكر وسلوك شاذ وغير منطقي.
وعلى الفور سيرد إلى ذهن الجميع الزعيم الفذ الذي لا يشق له غبار دونالد ترامب، وكلامي هذا عنه موثّق بشهادات من كبار المفكرين، وبدراسة أجراها مركز بيو للبحوث على 37 دولة في العالم في عام 2017، وخلصت الدراسة إلى أن ترامب لا يحظى بشعبية في أنحاء العالم، وأن بلدين فقط من 37 دولة أبدتا توافقًا عليه وهما إسرائيل وروسيا.
وشهد عميد كلية طب جامعة هارفارد أنه شخصية مصابة بالاضطراب النرجسي، وبروفيسور آخر يقول إنه شخص لا يستحق تولي الرئاسة، وهو يشوه جميع من حوله من مسلمين وأقليات ومن جيران له، ويشيطن الإعلام.
وهذا رأي يتفق عليه عدد كبير من علماء النفس على مستوى العالم، فضلا على تسميتهم له باسم سوبرمان المتطرفين، ووصفهم له بالجنون وأنه يعشق الاستعراض وحب الظهور، حتى خطه لم يترك وتعرض للدراسة والتحليل تحت إشراف المعهد البريطاني للجرافيك، وتوصلت دراسة المعهد إلى أنه شخص عنيد وقوي وعديم الصبر.
وآراء السياسيين لا تختلف كثيرًا عن هؤلاء الباحثين، وقالوا إنه مثير للغضب، وقراراته إعلان للحرب على العالم أجمع.
ولا نتعجب فترامب شخصيا أكد بلسانه أمام العالم، أن فترة رئاسته ستشهد مفاجآت وقرارات غير متوقعة، وبمعنى آخر أنه "قلب الحي على الفلاح".
وعلى النقيض تمامًا من شخصية ترامب، سيدة أوروبا القوية أنجيلا ميركل، التي قالت عنه عقب لقائها الأول معه، إنها شعرت بأن أوروبا لا يمكنها الاعتماد التام على حليفها القديم، وقد نختلف مع بعض قراراتها، غير أننا لا نستطيع إلا احترامها.
ونعتها الكثير من العرب بالنجاشي ملك الحبشة، الذي استقبل المسلمين وقت اضطهادهم من قريش.
وقال بعض الخبراء إن ألمانيا واجهت بعض التهديدات وشهدت انفجارات، بسبب مواقف ميركل الداعمة لقضية اللاجئين خاصة السوريين، وهي واحدة من زعماء الغرب الأقلاء المدافعين عن الإسلام والمسلمين.
وقالت ميركل إن الإسلام جزء لا يتجزأ من ألمانيا، وبمعنى آخر، أن عقيدتها تتنافى تمامًا مع معتقدات جارتها فرنسا، وزعيم العالم ترامب، وواجهت أيضًا انتقادات حادة من داخل حزبها المسيحي الديمقراطي.
وعند تحليل شخصيتها، لفت نظر الباحثين ظروف نشأتها، فوالدها رجل دين بروتستانتي، وأمها ربة منزل، وعاشت في ألمانيا الشرقية في أثناء القبضة الحديدية عليها، مما رسخ فيها فضيلة الدفاع عن قيم الحرية والعدالة والإنسانية.
ولذلك قدمتها مجلة التايم أقوى مجلة سياسية في عالم الصحافة، شخصية العالم في 2015، وأنها النموذج المشرف للقيادة الأخلاقية في عالم انزوت فيه القيم.
ومن أقوالها الدالة على هذا تصريحها بمطالبة ألمانيا مستقبلا، بأن تكون أقوى سياسيًا، بل وحتى عسكريًا، إذا لزم الأمر للمشاركة في حل الصراعات الدولية.
وهي تقصد الاستقرار، وليس تأجيج الصراعات وإشعال الفتن، وهي أول امرأة تتولى منصب مستشار ألمانيا، ومنذ توليها في 2005 اشتهرت بالقرارات الحاسمة في القضايا الشائكة، والتي واجهت تيارات مناهضة من قادة أوروبا بدءًا من معالجة الأزمة الاقتصادية اليونانية، ومرورًا بأزمة أوكرانيا ومشكلة اللاجئين السوريين وأخيرًا قضية القدس.
ونأتي إلى شخصية ثالثة محبوبة من العرب والمسلمين، وتجد قبولا كبيرًا من شعوب العالم، غير أنها لم تمتلك قرارات مصيرية وحاسمة مثل ميركل، هي شخصية رئيس وزراء كندا جاستن ترودو، وبرغم شعبيته قيل عنه إنه يستخدم الدعاية كوسيلة لإشغال الرأي العام الكندي خاصة، والخارجي بصفة عامة.
وما يتردد عن أنه نصير للضعفاء انتقده البعض، وقدموا دليلًا على ذلك، وهو رفض كندا قرارات اليونيسكو حول تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
ولكن في المقابل امتنع ترودو عن تأييد قرار ترامب بنقل السفارة، وقالوا عنه إنه يؤيد إسرائيل بلا حدود، وليكن القول صادقًا، ولكن حين حدثت المجزرة، وأطلق الجنود الإسرائيليون النار على المتظاهرين الفلسطينيين، طالب بفتح باب التحقيق مع الجيش الإسرائيلي، فضلًا عن استقبال كندا أكثر من 40 ألف لاجئ سوري، ويعلن الآن عن فتح باب الهجرة لهم من جديد.
ثلاثة من أقوى قيادات العالم، بينهم فوارق شخصية ونفسية، قد تؤثر بطبيعة الحال على قراراتها السياسية، ونحن لا نحلم كعرب ومسلمين، برفضهم للعنصرية ودعمهم للقانون الدولي بنسبة 100%، ولكننا مع الشخصية المتوازنة كأنجيلا ميركل.