"دجاج الوطنية يأخذك إلى الجنة"، هكذا كتب البعض على صفحات الفيسبوك، عن إعلان الداعية الإسلامى عمرو خالد، مما أثار حفيظة الكل، وأنا منهم، إلا أنني بحثت عن الإعلان وشاهدته أكثر من مرة، فوجته يقول نصًا: (لن ترتقي الروح إلا لما جسدك وبطنك يبقوا صح، مع وصفات "آسيا" إن شاء الله ارتقاءك لربنا في قيام الليل بعد الفطار والتراويح أحلى).
بالطبع هذا ليس دفاعًا عن عمرو خالد، الذي هاجمه الجميع عبر وسائل الاتصال، وانفجرت تعليقاتهم على صفحته سخرية واستنكارًا، أن يروج داعية إسلامي شهير لمنتج ما، كما أن الإعلان برأي البعض مبتذل، ويربط بين منتج غذائي وشعائر تعبدية بشكل غير منطقي؛ مما اضطر الداعية إلى حذف الإعلان من على صفحته، وصفحة الشركة السعودية بفيسبوك.
واعتذر الداعية الإسلامي، عن ظهوره في إعلان خاص بشركة دواجن، قائلًا: "أنا آسف وخانني التعبير.. وأستغفر الله العظيم".
وأضاف عمرو خالد: "فُهم من كلامي أني استغل الدين للترويج لمنتج، وهذا خطأ غير مقبول، ولا أعطي مبررًا وأقول إن الشركة وقف خيري، وجميع أعمالها موجهة للأعمال الخيرية، ولا أقول إن كلامي تم اجتزاؤه، ولكني اتحمل الخطأ كاملًا ومسئول عنه".
وأضاف: "بقالي 20 سنة بشتغل وهذه السنوات بها إنجازات وأخطاء؛ لأنني بشر أصيب وأخطئ والله أعلم بنيتي.. وأشكر كل من رد غيبتي، وأحسن الظن بي، ودافع عني خلال الأيام الماضية".
وفي اعتقادي أن ما فعله عمرو خالد ليس خطأ، ولكنه خطيئة، فهو ليس شخصًا عاديًا، بل هو داعية إسلامى شهير، يجب أن يحسب للقدم قبل المشي موضعها، كما أن ما حدث يعتبر متاجرة بالدين؛ والترويج لإحدى العلامات التجارية؛ سواء كانت تحقق ربحًا ماديًا أو موجهة للأعمال الخيرية، ومن يقل غير ذلك فهو يستخف بعقولنا؛ لأن ارتقاء العبد لربه فى قيام الليل بعد الإفطار والتراويح، يمكن أن يكون من غير هذه الدواجن، ومن غير وصفات "آسيا عثمان".
وإذا تركنا الدواجن، فلا بد أن نسأل الداعية عمرو خالد عن ذلك الفيديو الذي تناوله رواد السوشيال ميديا، عن العطور، والذي يقول فيه: أنا أكثر واحد من الدعاة في العصر الحديث يتكلم عن قيم الجمال، وأن الجمال من أصل الإسلام، واللي يشكك في قيم الجمال مش فاهم الإسلام أصلًا، وأعتقد أن العطور ومهنة العطور والطريقة التي يعرضها "عبدالصمد القرشي" تتفق مع القيم الإسلامية التي تدعو للجمال.
وسواء كان هذا الفيديو إعلانًا صريحًا، أم أنه مسجل مجاملة لهذه الشركة، فلنا أن نسأل عمرو خالد ما هي القيم الإسلامية الموجودة في هذا النوع من العطور، وليست موجودة في غيرها؟ وهل العطور الفرنسية "الكافرة" تتنافى مع القيم "الإسلامية"؟
ولماذا يربط بين الدين الإسلامي وهذه المنتجات؟! أليس هذا استغلالًا للدين، واستخفافًا بالعقول؟
............
وفي حلقة الأسبوع الماضي من برنامجه "لعلهم يفقهون"، قال الشيخ خالد الجندي إن جماع الزوجة في نهار رمضان في حالة النسيان لا يفسد الصيام، عند مذهب أبي حنيفة، قائلًا: "العلاقة الزوجية مع النسيان، لا تفسد الصيام، لقول الله تعالى: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، مضيفًا أن النسيان لا يؤاخذ عليه العبد؛ وبالتالي لا يفسد العبادة عندي، ولذلك العلاقة الزوجية مع النسيان أثناء صوم رمضان، لا تفسده، ولا يوجد عليه قضاء، أو كفارة.
ورد الشيخ خالد الجندي على حالة الجدل التي أثارها بسبب تصريحاته أن الفقهاء لا يستظرفون ولا ينكتون ولا يتحدثون فى أمر من باب الدعابة، بل هم مروا على الحالات الخمسة التي يمكن أن يقع فيها الجماع في أثناء الصيام، ومنها لو كان متعمدًا، أو لو كان جاهلًا، أو لو كان مكرهًا، ولو كان مخطئًا، أو لو كان ناسيًا، مثلما كان المثال، وهو أمر وارد وليس مجالًا للاستظراف مثلما يفعل الجهلاء.
ولعل هذه الفتوى تعيد إلى الذاكرة الفتاوى الشاذة من أمثال "إرضاع الكبير" و"جماع الوداع" وغيرها، فما الداعي لإثارة مثل هذه الفتوى؟ وإذا كان المرء يمكن أن يأكل أو يشرب ناسيًا؛ فإن العقل والمنطق، والدين أيضًا، ينفي على المرء أن يعاشر زوجته ناسيًا؟
............
ونحمد الله أن الإسلام ليس فيه رجال دين مقدسون أو معصومون، ولكن فيه علماء دين ودعاة، وهم في النهاية بشر، يصيبون ويخطئون، ويتم نقدهم وعدم التسليم بكل ما يقولونه أو يفعلونه.