14-6-2017 | 14:33
شغلت قضية دخول أو انضمام عبدالناصر لتنظيم الإخوان المسلمين الرأي العام مع عرض مسلسل الجماعة للمؤلف وحيد حامد، وهو عمل فني، وتساءل الكثيرون: هل عبدالناصر كان إخوانيًا أم لا.
وهى قضية فرعية, ولكن الأهم هو ما مدى التزام كل من عبدالناصر والإخوان بمنهج الإسلام، وهي في الأساس قضية الدين والسياسة، والقضية ليست عبدالناصر والجماعة، ولكن القضية ترتبط بالفهم الصحيح للإسلام وتطبيقه في الحياة المعاصرة، وهي ترتبط أيضًا بقضية الخطاب الإسلامي في أرض الواقع أو تطبيق الفهم الإسلامي للدين في الحياة المعاصرة.
ومن هنا أهمية تحليل فكر عبدالناصر والإخوان، وغيرهما من الحكام أو النظم؛ للوصول إلى أفضل السبل لتطبيق الإسلام، ولا ندع الفرصة لدعاة التكفير، وطبيعي أن تكون هناك إيجابيات وسلبيات، وعلينا دراسة كليهما؛ لمحاولة الوصول لفهم مجتمعي مشترك أو معاصر يساعد على الحد من الفكر المتطرف والخاطئ للدين.
ومن هذا المنطلق يسعى الكاتب لكتابة عدة حلقات بداية من عبدالناصر والإسلام إلى فكر جماعة الإخوان والإسلام؛ كمحاولة مبدئية تستلزم العديد من الجهود والمساهمات في هذه القضية المهمة، وهي قضية معاصرة أكثر منها قضية تاريخية، خاصة أن الكاتب ينضم للرأى القائل بأن فترة حكم عبدالناصر هي أكثر الفترات في التاريخ المعاصر اقترابًا من النظام الإسلامى، مقارنة بكل الدول الإسلامية الأخرى، حيث نرى حولنا دولًا تدعي قيامها على أساس الإسلام وحزب ديني، ومع ذلك نجد أن هذه البلاد تعتمد في السياحة على الدعارة الرسمية والمرخصة، أو ونرى بلادًا أخرى تعتمد على النظام الملكي، وكأنه نظام إسلامي، وهكذا هناك الكثيرون يدعون ذلك، ولكنهم في الجوهر الأساسي بعيدون عن الإسلام.
ويحسب لنظام عبدالناصر أنه لم يدعي أنه حزب إسلامي، ولكن أعماله تعكس ذلك لحد كبير، مقارنة بكل النظم الأخرى المحيطة في عصره، أو ما بعده، وهذا لا ينفي وجود سلبيات وأخطاء وهزائم، ولكن التقييم الموضوعي يتضمن الحقائق الآتية:
إذا بدأنا بفكر عبدالناصر للإسلام على أرض الواقع، نجد اهتمامًا واضحًا في فكر عبدالناصر، بداية من كتاب فلسفة الثورة؛ حيث جاءت الدائرة الإسلامية والعربية والإفريقية كدوائر أساسية لسياسات مصر الخارجية، وانعكس ذلك على أرض الواقع شكلًا وموضوعًا: حيث تم: إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي بالقاهرة عام 1954، وإنشاء المجلس الأعلى للشئون الإسلامية عام1960، ثم مجمع البحوث الإسلامية، ثم قانون تطوير جامعة الأزهر، وهذا القانون كان نقطة تحول كبيرة في تاريخ الأزهر، ومعظم موارده محل تقدير من الكافة، وهناك اختلاف وحيد حول دخول الكليات العملية لجامعة الأزهر مثل كلية الطب والهندسة وغيرهما؛ حيث يرى البعض أن ذلك مع المواد الشرعية يمثل عبئًا كبيرًا على الطلاب؛ مما ينعكس سلبيًا على مستوى الخريج، وبغض النظر عن الاختلاف حول هذه المادة، فالقانون أضاف الكثير للأزهر، ومنها على سبيل المثال أن هذا القانون أتاح للفتاة لأول مرة دخول الأزهر؛ حيث كان يقتصر الأزهر على الرجال فقط، وهذا القانون أتاح لنصف المجتمع دخول الأزهر مع تحويل جامعة الأزهر للنظام الأكاديمي؛ بحيث لا يقتصر الطلاب في دراستهم على الحصول على الماجستير أو الدكتوراه، بل أصبح نظام الجامعة في الترقيات والبحوث يطبق على الأزهر؛ مما أتاح الفرصة لمواصلة البحث والترقي والدراسة بشكل مستمر مثل أي جامعة في العالم، ثم التوسع الشديد في قبول البعثات من كافة الدول الإسلامية لنشر تعاليم الدين والثقافة والطب وغيرها للكثير من البلاد الإسلامية.
وفى عهد عبدالناصر تضاعفت أعداد المعاهد الأزهرية وأنشأ المساجد؛ حيث كان عددها نحو 11 ألفًا عام 1952، وفى عام 1970 وصل عددها إلى أكثر من 21 الفًا أي أن ما تم إنشاؤه في عهد عبدالناصر يوازي تقريبًا ما تم إنشاؤه منذ دخول الإسلام في أكثر من ألف عام.
فى عهد عبدالناصر أصبحت مادة التربية الدينية (لأول مرة في تاريخ مصر) مادة إجبارية لها رسوب ونجاح.
فى عهد عبدالناصر تم إنشاء أول محطة للقرآن الكريم في العالم؛ حيث أصبح متاحًا لكل مسلم في العالم سماع القرآن الكريم في أي وقت، وفي أي مكان في العالم، وقبل إنشاء هذه المحطة كانت الوسيلة الوحيدة هي استحضار شيخ للقراءة.
في عهد عبدالناصر تم جمع المصحف المرتل، وطبعه في شرائط لأول مرة في العالم، وهنا سيتذكر التاريخ أن المصحف تم جمعه في عهد سيدنا أبوبكر، وتوفيره في شرائط مرتبة في عهد عبدالناصر.
فى عهد عبدالناصر تم ترجمة القرآن الكريم إلى كل اللغات الأجنبية الأساسية لأول مرة.
فى عهد عبدالناصر صدر قانون تحريم القمار وحظره، وسبق ذلك قانون تحريم البغاء.
كاتب المقال:
أستاذ علم الاجتماع البيئي - جامعة عين شمس
كلمات البحث
اقرأ أيضًا: