Close ad

صراع المغرب والصحراء

27-3-2017 | 12:41

لم أكن أنتوي الكتابة في تلك القضية الشائكة، وهي الصراع الدائر بين المغرب من ناحية والجمهورية الصحراوية من ناحية أخرى وهى قضية قديمة جديدة في آن واحد؛ حيث تعود جذورها إلى ما بعد رحيل الاحتلال الإسباني عن تلك المنطقة وتفجر الصراع على الصحراء الغربية بين المغرب والتي تقول إن تلك الأرض هي مغربية تمامًا، وبين الصحراويين الذين يعيشون الآن في مخيمات "تندوف" على الأراضي الجزائرية، ويقولون إن تلك المناطق لهم، وإن المغرب استولى عليها.

 

وما دفعني للكتابة حول تلك القضية ما شهده مؤتمر "التنمية في إفريقيا" والذي مقررا عقده فى السنغال خلال الفترة من 23-28 مارس الحالى، بمشاركة إفريقية ودولية كبيرة؛ حيث ينظمه الاتحاد الإفريقى واللجنة الاقتصادية للأمم المتحدة لإفريقيا، ولكن تم إلغاء المؤتمر بعد ثلاثة أيام من المشاورات لحل أزمة نشبت بين المغرب والجمهورية الصحراوية؛ حيث حضرت المغرب والتى أستردت مقعدها في الاتحاد الإفريقى خلال قمة الاتحاد في يناير الماضي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وأيضًا بوصفها عضوًا في الأمم المتحدة، بينما حضرت الجمهورية الصحراوية بوصفها عضوًا كامل العضوية في الاتحاد الإفريقي.

 

وقبل انطلاق أعمال المؤتمر، رفض المغرب مشاركة وفد الصحراء فى الاجتماعات؛ لأنه ليس عضوًا في الأمم المتحدة، خاصة أن تلك الاجتماعات مشتركة، مؤكدًا اعتراضه على حضور الصحراء في إطار الاتحاد الإفريقي؛ لأنها عضو فى الاتحاد.

 

وبالطبع لم تتوقف الأمور عند هذا الحد، بل امتدت إلى دول أخرى مشاركة في المؤتمر، وفي مقدمتها جنوب إفريقيا ونيجيريا – وهما من أكبر الدول الداعمة للجمهورية الصحراوية، بالإضافة إلى الجزائر الداعم الرئيسى لها – وطلبت العديد من الدول الكلمة للتعبير عن موقفها، وتحول المؤتمر من تجمع اقتصادي يناقش مشكلات القارة المتراكمة فى مجالات كثيرة إلى مؤتمر سياسي لمناقشة الأزمة بين المغرب والصحراء، وهل يمكن أن تحضر الصحراء في إطار إفريقى، فقط أم تحضر فى إطار الأمم المتحدة أيضًا؟

 

وأمام الجدل وحالة الضبابية الشديدة داخل أروقة المؤتمر، والتى غلبت عليها التوازنات السياسية والمصالح، تاهت أجندة المؤتمر والتى كانت ستتناول عشرات القضايا الأفريقية المهمة مثل كيفية تحقيق التكامل الاقتصادي وإقامة مناطق حرة بين الدول الإفريقية، وبحث سبل مواجهة أزمات البطالة والفقر والفساد في القارة السمراء.

 

والمثير فى الأمر أن هذا الجدل الذي أثير في المؤتمر ليس جديدًا، فقد حدث العام قبل الماضي في مؤتمر مشابه، وتم تجاوز الأمر، ولكن خلال تلك الأزمة لم تكن لدى الدول المشاركة القدرة على اتخاذ قرار بشأن استمرار الاجتماعات مشتركة بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة معًا أو فصل الاجتماعين – كما يطالب المغرب- بذلك حيث إن معظم المشاركين في المؤتمر من الاقتصاديين، ويمثلون وزارات المالية والتخطيط والاقتصاد والبنوك المركزية في بلادهم، وبالتالي فليس لديهم القدرة على مجرد الحديث في هذا الملف الشائك، فما بالنا باتخاذ قرارات.

 

وأعتقد أن تلك الأزمة التى أثيرت داخل الاجتماعات تعكس وبشكل كبير الصراع السياسى الدائر - ومنذ سنوات - بين عدد من الدول الإفريقية، بل والأوروبية أيضًا الداعمة للمغرب، وبين تلك الكتلة الداعمة للصحراء، والتى تعتبره المغرب صراع وجود، بينما تعتبره دول أخرى صراع مصالح يمكن أن يتوقف حال الحصول على المكاسب التي تسعى إليها من سنوات.

 

ولكن هل يمكن للمغرب أن يجلس ويتفاوض فى هذا الإطار؟ وهل عودة المغرب مرة أخرى لعضوية الاتحاد الإفريقي، في ظل وجود مقعد كامل للصحراء سيدفع بالصراع إلى مناطق أخرى داخل أجهزة الاتحاد وخارجها أيضًا أم أنه يمكن لبعض الدول الكبرى في القارة أن تقوم بدور لوقف، أو على الأقل تخفيف حدة الصراع، خاصة في الشمال الإفريقي؟

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: