Close ad

حوار بين شاومينج.. ووزير التربية و التعليم

1-2-2017 | 20:42

فجأة منذ أيام هاجت الدنيا وماجت في شوارع القاهرة.. البعض يسكنه الدهشة.. الكل يسأل..إلى أين تتجه هذه الجحافل من البشر؟!.. وبدأت هتافات الجماهير تطالب بالزحف العاجل إلي وزارة التربية والتعليم.. ولكن لماذا هذا المكان.. وفي هذا التوقيت؟..

 

هكذا كان السؤال.. وجاءت الإجابة على لسان الشباب الذي يزحف ــ وكأننا في يوم الحشر ــ بأن «شاومينج» أسطورة الغش الذي تخرج على يديه أجيال من الغشاشين صاروا يعملون في مختلف المجالات قد ظهر في قلب القاهرة.. ومن منا ينسى الفضل العظيم لصفحات «شاومينج بيغشش».. أشهر صفحات الغش في قارات العالم.. «الناس خيبتها السبت والحد.. وخيبتنا في الغش ليس لها حد».. كما يقولون.

ما أكثر السيارات والدراجات البخارية التي تحمل عشرات الآلاف من الشباب.. وما أكثر المسيرات التي انطلقت من مختلف أحياء القاهرة تحتفل بالضيف الكريم صاحب الأمجاد الرجل الذي لا حل له.. ولا حل معه.. صاحب الشعبية الكاسحة بين شباب المحروسة.

وأمام مبنى وزارة التربية والتعليم ظهر موكب «شاومينج» صاحب الملامح الصينية الذي نزل من سيارته الفارهة.. وسط هتاف الشباب «أهو.. أهو.. شاومينج أهو».. رفض شاومينج التحدث مع وكالات الأنباء أو الصحافة العالمية والمحلية.. وقال المتحدث باسمه لجموع الجماهير: «حضرنا.. لأن السيد شاومينج.. سوف يقابل الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم.. ثم يعود إلي مكانه السري ليواصل مهمته المقدسة في نشر الغش باعتباره كالماء والهواء لكل تلميذ وطالب.

انطلقت الهتافات المرحبة بالسيد شاومينج.. وبدأت السيدات ينثرن عليه الملح من البلكونات والنوافذ خوفًا عليه من الحسد.. وراحت بعض السيدات يلقين على الجماهير الشوكولاتة والحلوى ابتهاجًا بهذا اليوم التاريخي.. ولم لا والرجل أدخل السعادة والفرح في قلوب أولياء الأمور.. عندما ظل يغشش.. ويغشش الطلاب الذين لا يعرفون الألف من كوز الذرة.

وقبل أن يصعد شاومينج إلي مبنى وزارة التربية والتعليم.. تعالت الهتافات «بالروح بالدم.. نفديك يا شاومينج».. وأقام الشباب منصة أمام الوزارة انطلقت منها الأغاني والأناشيد التي ترحب بزيارة الضيف العزيز.

 

وطالبت المنصة بأن يلقي السيد شاومينج كلمة إلى الحشود الغفيرة.. ولكنه اعتذر معللًا ذلك بأنه لا يظهر إلا في أوقات الامتحانات.. عملًا بالمثل القائل «يوم الامتحان يكرم الطالب بغش شاومينج.. أو يهان» ولكن الناس أصرت أن يلقي كلمة حتى لو قصيرة وفاء لمحبيه.

وسرعان ما أمسك شاومينج بالميكروفون وقال: «لا أعرف هل أحدثكم باللغة الصينية التي تجهلونها.. أم بالعربية التي لولا نماذجي في الغش لحصلتم على صفر فيها».. وتعهد شاومينج بأن يظل وفيًا لشباب مصر لأنهم اعتادوا على الغش.. بعد أن انصرف المعلم عن المدرسة وراح يبحث عن الدروس الخصوصية.. مجددًا العهد للجماهير بأن يظل معهم في أي امتحان.. وكل امتحان.. منهيًا بذلك كلمته القصيرة ليصعد لمقابلة السيد وزير التربية والتعليم.. وتعالت الهتافات برفض نظام «البوكليت» الذي وضعته الحكومة للتصدى لشاومينج.. وقبل أن يدخل شاومينج إلى مدخل الوزارة أصر المتظاهرون على إشغال البخور فوق رأسه لتبتعد عين الحسود عنه.. فهو مصدر سعادة لشباب المحروسة الذي ودع الكتاب وتحصيل العلم إلى أجل غير مسمى.

وداخل مبني الوزارة رحب السيد وزير التربية والتعليم بالسيد شاومينج وقال في كلمة الترحيب: «نعترف بأن السيد شاومينج له قدرات خارقة.. ويحظى بشعبية جارفة.. تفوق شعبية أي وزير للتعليم.. فما أكثر الشباب الذين لو سألتهم عن طه حسين أو العقاد لن تجد لديهم إجابة.. ولكنهم يهتفون الآن ترحيبًا بالسيد شاومينج».. ثم دار الحوار :

الوزير: قلبك جامد يا شاومينج.. كيف تحضر إلى قلب القاهرة وأنت خارج عن القانون؟

شاومينج: نحن في زمن تبدلت فيه المفاهيم وضاعت القيم.. وشعبيتي تفوق شعبية أي وزير في حكومتكم.

الوزير: لماذا تصر على الغش؟

شاومينج: ولماذا أصرت الدولة منذ عشرات السنين على تدمير التعليم.. ولماذا أصر المعلمون على اعتبار التعليم سلعة.. وليس رسالة.. سيادة الوزير في الماضي كنا نقول: «قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا».


الوزير: والآن كيف ترى المعلم؟

شاومينج: بعضهم يعتبرون قدوة.. والبعض الآخر هم «الذين طغوا في البلاد.. فأكثروا فيها الفساد».

الوزير: حدثني عن أساليب الغش فيما مضى.

شاومينج: ولماذا تقول فيما مضى.. إنني مستمر في رسالتي.. وأنتم تتوهمون بالتصدى لي؟

الوزير دعك من الحديث عن المستقبل.. سنعود إليه لاحقًا.. ولكن حدثني عن أساليبك وملاعيبك؟

شاومينج: تعددت الأساليب والرسالة واحدة.. الغش.. الغش.. ثم الغش.. فهناك الغش الجماعي بالميكروفون.. وهناك الغش بخيط السنارة الذي يلقي به طالب يجلس بجوار شباك لجنة الامتحان.. ونربط له الإجابة.. ويسحب الخيط.. ليعم الخير على كل الطلاب.. وهناك الغش باللاسلكى.. والغش عبر الكتابة على فخذ الطلاب.. لدينا يا سيادة الوزير دليل كامل لأساليب الغش سوف أتركه لسيادتكم.. ونحن نطور في أساليب الغش.. وأنتم تطورون في مناهج الطلاب.. ولا تعارض بين الرسالتين.. باختصار يا سياة الوزير: «افعل ما يحلو لك» ونحن سنمضي قدما في طريق الغش.

الوزير: الغش يجعل خريج الجامعة ناجحًا على الورق.. وفاشلًا في التحصيل والمعرفة.. وفاشلًا أيضًا في التصدى لمشكلات الحياة.

شاومينج: هل من المعقول أو من المقبول أن يكون الطالب جاهلًا.. وغير ملم بالعلم والمعرفة.. «وكمان راسب».. لذلك وجدنا لزامًا علينا أن نجبر بخاطر الأسرة وننشر الغش.. يجب يا سيادة الوزير مساءلة القائمين على أمر التعليم منذ عشرات السنين لأن خريج الجامعة أصبح جاهلًا جدًا جدًا جدًا.

الوزير: وماذا عن فلسفتك؟

شاومينج: أنا أؤمن بأن الغش في الصغر.. كالنقش على الحجر.

الوزير: انتهى زمنك يا شاومينج.. وبدأ عصر «البوكليت».

شاومينج: «الأيام بيننا».

الوزير: من يعمل معك؟

شاومينج: يعمل معي فريق من المخلصين.

الوزير: مخلصين في الشر!!

شاومينج: سأوافقك على مقولتك.. ولكن دعني أسألك يا سيادة.. الوزير: لو كان كل من معك في الوزارة يعمل بإخلاص.. هل كان نموذج الامتحان سيصل إلى شاومينج.. أنا أحترم كل من يعمل معي وأعتبره مخلصًا..


الوزير: أؤكد لك مرة ثانية «راحت عليك»!!

شاومينج: في مطلع التسعينيات غنى فنان كوميدي مشهور.. وهو «العزب شو» أمام أحد وزراء التعليم وقال: «بصراحة بقى من غير تريقة.. الثانوي العام أصبح تهديد.. تلميذ باسأله عن مستقبله.. قام قال لي أبويا مازال بيعيد.. وبندفع في دروس خصوصية.. وولادنا يزيدوا آمية».

والآن يا سيادة الوزير.. وبعد كل هذه السنوات ماذا تغير.. تدهور التعليم مازال مستمرًا حتى الأمس القريب.. ولم يختلف الأمر كثيرًا عما وصفه «العزب شو».

الوزير: أتحداك أن تتغلب على البوكليت وتفك رموزه.

شاومينج «موعدنا يوم الامتحان».

الوزير: أنت خارج عن القانون.

شاومينج: الخريج المصري خارج من التاريخ ومستواه يسر العدو.. ويحزن الحبيب.

الوزير: سنسعى لكي نطوي صفحة الغش إلى غير رجعة.

شاومينج: «أشكرك يا معالي الوزير على هذا اللقاء.. والآن أعود إلى الجماهير المنتظرة أسفل المبني.. لأنني ما كنت إلا بهم.. وأنا الساهر من أجلهم.. فأنا أشعر بمعاناتهم كطلاب.. وكذلك معاناة أولياء أمورهم.


الوزير يصافح شاومينج ويطلب منه رقم هاتفه السري الذي حير أهالي المحروسة.. ويسارع شاومينج بإعطاء الرقم الخاص للوزير.

ويعود شاومينج إلى الجماهير التي انتظرته لتهتف بحياته وتودعه إلى سيارته الخاصة.. وسط إجراءات أمن غير مسبوقة حفاظًا على حياة رجل أدخل البهجة إلى قلوب الملايين من الطلاب وأولياء الأمور.

وأسرع الوزير يسجل رقم شاومينج ويطلبه ليتأكد من الرقم.. ولكنه يسمع رسالة «الهاتف قد يكون مغلقًا.. من فضلك حاول الاتصال في أول أيام امتحان البوكليت».

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
«خطيب الجمعة.. شايل سيفه»

عندما يعتلي خطيب الجمعة درجات المنبر.. ويبدأ في إلقاء السلام علي المصلين.. عليك أن تتأكد أن فضيلته شايل سيفه في يده.. وعليك ــ وهذا هو الأهم ـ أن تظل

موائد الرحمن.. تستغيث

فى شهر رمضان من كل عام أكتب عن «موائد الرحمن» مناشدًا المقتدرين الاهتمام بها.. والتوسع فيها.. لأنها توفر وجبات لسكان المحروسة بعد صيام يوم كامل خاصة فى شهور الصيف.

عيد الفطر.. يوم 14 رمضان

خرج علينا وزير إحدى الدول الشقيقة وقال: «يجب أن يكون شهر رمضان 13 يومًا في فصل الصيف.. لأن عدد ساعات الصيام في فصل الشتاء يعادل صيام 13 يومًا فقط في فصل

بالملابس الداخلية.. في لجان الامتحان

جلس تلاميذ مدرسة الضياء الابتدائية بصنعاء يؤدون امتحانات نهاية العام بالملابس الداخلية.. بسبب ارتفاع حرارة الجو.. وانقطاع التيار الكهربائى.. وراح المراقب يشجع التلاميذ فخلع قميصه.. ثم فانلته الداخلية.

«مبروك.. بطيختك حمرا»

إياك أن تذهب لشراء بطيخة دون أن تحمل الموبايل.. وتتأكد من أن شحنه تمام.. في الماضي كنت تذهب إلى سوق الخضار والفاكهة لتشتري البطيخة.. الأحوال تبدلت كما

الموت.. في قطع غيار السيارات

فى مصر أراد بعض الشياطين ممن يكرهون الوطن والمواطن أن يجمعوا أموالًا من الحرام ويتخلصوا من أغلب أهل المحروسة.. الشياطين قرروا منذ سنوات استيراد وتصنيع قطع غيار وزيوت وشحوم وفرامل مغشوشة.

ديسكو.. في كل مستشفى

في خطة إنشاء أي مستشفى جديد على أرض المحروسة.. لن تعتمد الجهات المسئولة الرسم الهندسي إلا إذا تضمن «ديسكو» يليق بالمستشفى.. ويليق بمزاج الأطباء والممرضين

أرض الفوضى.. المحروسة سابقًا

على طريقة برامج المسابقات.. نقترح على وزارة التموين إجراء مسابقة يومية من خلال أحد برامج الفضائيات.. وستنال الاهتمام والمتابعة من كل سكان المحروسة.. والمسابقة

تخفيض الأسعار.. بعد عودة المليم

أخيرًا اكتشفنا سر جنون الأسعار في بر مصر.. وخلال أيام ستقضي الحكومة على انفلات الأسعار.. لكي تنعم الناس براتب الشهر.. وتدخر جزءًا منه كما كان يحدث.. ولا

سيلفى.. لخطايا الأطباء

قريبًا قد يضطر المرضى وهم في طريقهم إلي غرفة العمليات إلى اصطحاب «بودي جارد» معهم.. ليقوم بتفتيش الطبيب قبل دخوله إلى غرفة العمليات.. ومنعه من حمل هاتفه

سيجارة حشيش.. في فم الجثة

عبر «الواتس آب» تلقيت من صديق مقيم بالعاصمة البريطانية لندن فيديو لمجموعة من الشباب.. ذهبوا لحضور جنازة صديق مقرب لهم.. وأسرع الشباب واقتربوا من جثمان

مأساة الحلاق.. في طابور الصباح

طفرة جديدة تحسن من وضع المعلم في مصر اقتصاديًا واجتماعيًا.. فبعد أن كانت الناس تحسده على دخله الكبير من الدروس الخصوصية.. بات اليوم محظوظًا بعد أن أصبح