Close ad

ننشر النص الكامل لمذكرة مجلس الدولة إلى "النواب" حول الملاحظات الدستورية والقانونية على لائحة البرلمان

27-3-2016 | 13:02
ننشر النص الكامل لمذكرة مجلس الدولة إلى النواب حول الملاحظات الدستورية والقانونية على لائحة البرلمانننشر النص الكامل لمذكرة مجلس الدولة إلى "النواب" حول الملاحظات الدستورية والقانونية على لائحة البرلم
محمد عبد القادر
حصلت "بوابة الأهرام" على نص المذكرة المرسلة من قسم التشريع بمجلس الدولة إلى مجلس النواب، والمتضمنة الملاحظات الدستورية والقانونية على اللائحة الداخلية للبرلمان، وجاءت كالتالي..
موضوعات مقترحة


السيد الأستاذ الدكتور علي عبد العال.. تحية طيبة... وبعد،،
يطيب لي أن أهنئ سيادتكم بانعقاد الفصل التشريعي لمجلس النواب، متمنياً خالص التوفيق لشخصكم الكريم وجميع السادة النواب المحترمين للنهوض بعظيم المهام وثقل المسئولية التي أولاها إياكم شعب مصر العظيم.

وبالإشارة إلى كتابكم رقم (53) المؤرخ في 14/3/2016 الموجه إلى السيد الأستاذ المستشار الدكتور رئيس مجلس الدولة، في شأن طلب مراجعة مشروع قانون بإصدار اللائحة الداخلية لمجلس النواب.

أود الإحاطة بأن السيد الأستاذ المستشار الدكتور رئيس مجلس الدولة قد تفضل بإحالة كتابكم المشار إليه مرفقاً به مشروع اللائحة إلى قسم التشريع لإجراء المراجعة المطلوبة، وتلقى القسم كتابكم الكريم بعظيم الاعتزاز وخالص التقدير لما آنسه من رغبة حقيقية وصادقة من البرلمان المصري، رئيساً وأعضاءً، في الاعتصام بأحكام الدستور، والاهتداء بصحيح مبادئه، المستقر منها والمستحدث، وترسيخ دعائم الدولة القانونية، ومستأنساً في سبيل تحقيق تلك الغايات الحميدة بالمؤسسة الدستورية التي اختصتها إرادة الأمة بالمعاونة على تحقيق تلك الضمانة في المرحلة السابقة على استصدار القوانين والقرارات ذات الصـفـة التشريعية.
ومن ثم أضحى يقيناً لدى أعضاء قسم التشريع أن تتمخض الجهود المتواصلة والدءوب لنواب الأمة عن عمل قانوني محكم في حلقاته، معاصر في توجهاته، وطارد لنصوص قد تخالطها شبهات جدية بعدم الدستورية، وبهذه المثابة تغدو اللائحة الداخلية محل المراجعة - وعلى ضوء الأصل فيها - نبراساً حقيقياً للعمل البرلماني، غير مزعزعة في تطبيقاتها لعقود قادمة.

وانطلاقًا مما تقدم، تدارس القسم مشروع اللائحة المعروضة على مدار عدة جلسات متتابعة ليوافي البرلمان بما خلصت إليه مراجعته في أقرب وقت ممكن، إدراكاً منه لدقة الظرف، ومحاولة من جانبه لمبادلة العطاء الموصول بجهد مبذول، لم يدخر وسعاً لإنجازه.
و قد ارتأى القسم أن يستهل مراجعته بالإشارة إلى الحقائق الآتية:

أولاً: أن النصوص الدستورية في جملتها لا تعتبر محض توجيهات للمشرع، يكون له الخيار بين تطبيقها أو طرحها، وإنما تتوفر لها كافة خصائص القواعد القانونية الآمرة بغية نقل إرادة الأمة إلى صور واقعية، تعيش حقيقتها، وتفيد من ثمارها، ومؤدى ذلك ولازمه أنه متى تدخل المشرع الدستوري بالنص صراحة في المادة رقم (190) على اختصاص مجلس الدولة"بمراجعة، وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية...."، فإن هذا الاختصاص يضحى التزاماً دستورياً، يستوجب نهوض سلطات الدولة لإقراره وإعمال مقتضاه من الناحية الواقعية، ويكون الإخلال بهذا الاختصاص أو التخلي عنه عملاً مصادماً لجوهر الشرعية الدستورية، ومن ثم لا يسوغ من بعد الالتفات إلى ما قد يثار من محاولات تخصيص النص المشار إليه دون سند، أو إجهاد تأويله للتنصل من حكمه، كما لا يتصور من جانب مجلس الدولة أن يتقبل النهوض بأعباء الضمانة الدستورية المشار إليها بصورة رمزية،ليؤكد في هذا المقام على اختصاصه الأصيل بتحقيقها، حقاً وصدقاً، بكافة مشتملاتها، وعلى تنوع مناهجها، غير مقيد في ذلك إلا بما حُجز للسلطة التقديرية للمشرع.

ثانياً: أن التطبيق المعاصر لنظرية الفصل بين السلطات لا يعني أن تعمل السلطات الثلاث بمعزل عن بعضها البعض، فتقيم كل سلطة حداً فاصلاً وقاطعاً يهوي بعلاقتها بغيرها إلى حد التنازع والتناحر، وإنما تُقيم السلطات في الدولة تعاونًا إيجابياً فيما بينها، تتصاعد حلقاته بالحد الذي يسمح بتبادل الرقابة وإقامة التوازن فيما بينها، فلا يحد السلطة إلا ولاية غيرها من السلطات.

وبناء عليه، وإذ أناط الدستور بمجلس الدولة مراجعة وصياغة مشروعات القوانين بغير تخصيص، فإن ذلك يبقى مفهوماً في إطار التعاون الواجب بين السلطات في الدولة، ولا شك أن هذا التعاون فرضته الحاجة إلى تبصرة سلطة إعداد مشروعات القوانين، أو سلطة اقتراحها ومناقشتها وإقرارها بحسب الأحوال ومن بعدهما سلطة إصدارها بكافة المخاطر المحتملة التي تحيط بالمشروعات المشار إليها، سواء بطريق المقابلة لنصوص الدستور،فتتكشف بذلك الشبهات الجدية لعدم الدستورية، أو بطريق الإحاطة بالمعالجات القائمة في الواقع التشريعي المصري والدولي، فيزول التعارض والتناقض أو التداخل بين التشريعات أو يتحقق فهم أوسع للموضوعات محل المعالجة، وذلك كله في إطار من الاستئناس الإيجابي بتجارب الدول في هذا الشأن.

ثالثاً: أن الدور الذي يقوم به قسم التشريع بمجلس الدولة منذ إنشائه بموجب القانون رقم 112 لسنة 1946، سواء في مرحلة المراجعة، أو في مرحلة ضبط الصياغة التشريعية، إنما يسانده في إنجازه معايير استقر عليها العمل، واستخلصت في شأنها مبادئ راسخة، استوى على قمتها مبدأ عدم تدخل مجلس الدولة في نطاق السلطة التقديرية للمشرع،وغني عن البيان أن المجلس لم يعجز يومًا عن النهوض بمهمته، في نطاق الحدود المشار إليها سلفاً، مهما اشتدت وطأتها أو تسارعت حلقاتها تحقيقاً للمصلحة العامة.

رابعاً: نص الدستور في المادة رقم (118) منه على أن "يضع مجلس النواب لائحته الداخلية لتنظيم العمل فيه، وكيفية ممارسته لاختصاصاته، والمحافظة على النظام داخله، وتصدر بقانون".

فإن صحيح تفسير هذا الحكم يقضى بانصراف إرادة المشرع- خلافاً لما درجت عليه الدساتير السابقة- إلى تقرير قدر كبير من الضمانات للبرلمان حال مباشرته لمهامه التشريعية والرقابية، وعليه قرر إصدار اللائحة بقانون، وأناط بها تنظيم ما فوضت فيه، ومن ثم فإن مؤدى ذلك ألا تتدخل أحكام اللائحة بتعديل غيرها من القوانين السارية إلا بالحد والقدر اللازم لتحقيق واستيفاء التكليفات الدستورية المشار إليها، فلا تبسط أحكامها إلى ما ينال من ولاية السلطتين التنفيذية والقضائية أو غيرهما من الأجهزة والمؤسسات ذات الأساس الدستوري، ولا تتدخل بسلطان أحكامها بتعديل أو إلغاء التشريعات النافذة إلا ما كان منها متعارضا أو عائقاً للاختصاص المحجوز لها، وعلى أن تتقيد في سبيل ذلك بكافة الضوابط الإجرائية والموضوعية المنصوص عليها دستورياً في شأن تعديل القوانين المكملة وغير المكملة للدستور.
وقد استبان للقسم من مراجعة المشروع المعروض الآتي:

أولاً: أهم ما تضمنته أحكام المشروع:
1- تلاحظ للقسم أن مشروع اللائحة المعروضة تضمن الكثير من الإيجابيات والعلامات الطيبة، إذ حرص على تبني ما يلزم من أحكام مستحدثة جاء بها الدستور واستبعاد النصوص المهجورة التي كشف الواقع العملي عن عدم العمل بها عبر السنوات المنصرمة، ولعل من أبرز الملامح التي توقف عندها قسم التشريع ما نظمه المشروع المعروض من إعادة تشكيل كل من اللجنة العامة ولجنة القيم وتوسيع اختصاصاتهما، وزيادة عدد اللجان النوعية بما يسمح بمزيد من التخصص والمشاركة.

2- كما نظم المشروع الإجراءات السياسية بين البرلمان ورئيس الجمهورية ابتداء من تزكية المرشح لهذا المنصب، مرورًا بإلقاء الرئيس للبيانات في المناسبات المختلفة، وانتهاء بتقديم الاستقالة وخلو المنصب، كما نظم المشروع كيفية منح الحكومة الثقة، وإجراء تعديل فيها أو إعفائها من مهامها بعد اشتراك البرلمان في منحها تلك الثقة تطبيقًا لأحكام الدستور، كما راعى المشروع تنظيم كيفية تقديم الاقتراحات بقوانين ومشروعات القوانين من خلال اللجان النوعية المختصة، وكيفية ممارسة أدوات الرقابة البرلمانية المختلفة ابتداء من طلبات الإحاطة والبيانات العاجلة والسؤال وانتهاءً بالاستجواب، ونظم المشروع كيفية سحب الثقة من الحكومة بعده، وكلها أحكام عكست رغبة أكيدة في الحرص على ممارسة البرلمان لمهامه التشريعية والرقابية على أكمل وجه وأبعد مدى.

3- وقد كان لمعالجة المشروع المعروض لنظام الائتلافات البرلمانية نصيب وافر من المناقشات التي دارت بالقسم، واستبان له أن تنظيم هذه المسألة مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمشرع، واستعرض القسم أحكام المواد أرقام (5)، (74)، (146) من الدستور، كما استعرض أحكام المواد أرقام (1)، (3)، (4) من قانون مجلس النواب الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 2014، واستظهر من تلك النصوص أن المشرع الدستوري استحدث التعددية السياسية جنباً إلى جنب مع التعددية الحزبية، كما استحدث اصطلاح " الائتلاف " وأناط به دوراً بالغ الأهمية يتمثل في إمكان ترشيحه لرئيس مجلس الوزراء لتشكيل الحكومة.

وفي شأن التعددية السياسية، فلا ريب أنها جوهر الديمقراطية ونواة وجودها، فتتعدد بها بدائل المواطن للاختيار، ويتوارى أمامها نزعات التحكم والاستبداد، وتقيم بطبيعتها رقابة مجتمعية وسياسية ذاتية، تفيد منها الأقلية قبل الأغلبية، فتتمخض بذلك أدوات كفالتها مرتكزاً لكافة الحقوق الدستورية.
وفي شأن الائتلافات البرلمانية Qoalitionsparlementaires، فقد تناولته أحكام المشروع المعروض في المواد من (94) حتى (104) على نحو دقيق ومحكم،ويقترب في ملامحه الكلية من نظام المجموعات البرلمانية Groupesparlementaires المتعارف عليها في النظم البرلمانية في الدول الديمقراطية العريقة مثل فرنسا.

ولا تمثل تلك الائتلافات إلا صورة من صور التعددية السياسية التي أفرزتها الممارسات البرلمانية واقتضتها الضرورة إلى تنظيم عمل التكتلات السياسية داخل البرلمان، تنسيقاً للرؤى السياسية وتوحيداً لجهود أعضائها وضمانة لتعبير كل من الأغلبية والأقلية والمعارضة عن آرائها ونواة لتأسيس أحزاب سياسية مؤثرة وفاعلة. وبناء عليه، كان منطقياً أن تعترف النظم التي نشأت وترعرعت المجموعات البرلمانية في كنفها ببعض الامتيازات للمجموعة، كضمان حد أدنى من تمثيل أعضائها في لجان البرلمان، أو إتاحة مزيد من ضمانات تَحدُث المجموعات البرلمانية،أو تقرير منح مادية لكفالة مباشرة مهامها، وذلك كله دون الإخلال بحظر تأسيس الائتلاف أو المجموعة البرلمانية على أسس فئوية أو طائفية أو عقائدية، فضلاً عن حظر انضمام عضو البرلمان إلى أكثر من ائتلاف في ذات الوقت.

4- كما توقف القسم بكثير من الاستحسان عند اهتمام المشروع بوضع مدونة للسلوك البرلماني على غرار سائر برلمانات العالم، والحرص على تجنب تعارض المصالح، وإنشاء معهد وطني للتدريب والتأهيل البرلماني ينتظر أن يكون له دور فعال في الارتقاء بمستوى الممارسة البرلمانية.

ثانياً: الملاحظات على مواد المشروع:
(1) الشبهات بعدم الدستورية:

المادة رقم (6):
استظهر القسم من نصوص المواد أرقام (11، 53، 81، 243، 244) من الدستور المصري أن المشرع عمد إلى مساواة المواطنين أمام القانون وألزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز فيما بينهم، وكفل تحقيق المساواة بين المرأة والرجل واتخاذ ما يلزم من التدابير التي تضمن تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً في المجالس النيابية، وقد ردد ذات الضمانة في خصوص تمثيل كل من العمال والفلاحين والشباب والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة والمصريين المقيمين في الخارج في أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار الدستور الحالي.

وبالبناء على ما تقدم، فقد تلاحظ للقسم أن الفقرة الأخيرة من هذه المادة تُخالطها شبهة تعارض مع حكم المادة رقم (53) من الدستور والتي تنص على أن "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس....... تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز،........."، ولما كانت الأحكام التي قررت تمييزاً إيجابياً للمرأة وغيرها من الفئات إنما قصرت آثارها – نصاً وروحاً- على المرحلة السابقة على إكساب عضوية البرلمان دون انصراف إرادة المشرع الدستوري إلى استمرار ذات التمييز خلال مباشرة تلك الفئات لمهام عضويتها، وعليه خلص القسم إلى حذف هذه الفقرة درءاً لشبهة عدم الدستورية؛ لما قد تكتنفه من تمييز غير مبرر لصالح المرأة وحدها دون غيرها من الفئات التي قرر لها الدستور ذات المعاملة.

المادة رقم(175):
تلاحظ للقسم أن ما تضمنه النص المعروض من تقرير مدة الثلاثين يومًا على الأكثر؛ ليباشر خلالها مجلس الدولة اختصاصه بمراجعة وصياغة مشروعات القوانين، وما رتبه من أثر على تجاوز مجلس الدولة لهذه المدة يتمثل في استكمال مجلس النواب باقي إجراءاته في شأن إقرار المشروعات المشار إليها، إنما انطوي على شبهة جدية بعدم الدستورية، وذلك على التفصيل الآتي:

أولاً:امتد تنظيم النص المعروض لشئون تتجاوز حدود الولاية المقررة للمسائل التي يتعين أن تنتظمها أحكام مشروع اللائحة وعلى نحو ما سلف بيانه، فتجسد النص - بهذه المثابة- يعد ظاهرًا على الاختصاص المقرر لإحدى الجهات القضائية، ملزماً إياها بمباشرته بقيود لم يَنطق بها نص المادة رقم (190) من الدستور.

ثانياً: أن الأثر المترتب على تطبيق النص المعروض ينطوي في حقيقته على مكنة الإخلال بالضمانة المقررة بحكم المادة رقم (190) من الدستور، فتستحيل بذلك إجراءً جائزًا تخطيه بمجرد إرسال أوراق المشروع دون استيفائه للصلاحية الفنية التي تجعله صالحاً للمراجعة، فضلاً عن أن الأثر المشار إليه إنما يقوم على افتراض مسبق– غير مقبول –بتقصير مجلس الدولة في أداء مهمته.
و بناءً على ما تقدم، خلص القسم إلى حذف عبارة "، خلال الثلاثين يوماً على الأكثر. وإذا لم يرد الرد خلال هذه المدة، لمجلس النواب أن يواصل باقي إجراءاته في شأن إقرار المشروعات."، وعلي النحو المبين بالصيغة المرافقة.

المادة رقم(355):
ارتأى القسم حذف هذه المادة لما أحاط بها من شبهات جدية بعدم الدستورية للأسباب الآتية:
أولاً:تخرج الأحكام التي تناولتها هذه المادة عن المسائل المحجوزة للائحة المعروضة طبقاً لحكم المادة رقم (118) من الدستور وعلى نحو ما سلف بيانه بمستهل المراجعة.

ثانياً:أوجدت هذه المادة تمييزاً غير مُبرر في المراكز القانونية التي تكونت في ظل العمل بالقاعدة القانونية المقررة في نص المادة رقم (11) من قانون مجلس النواب المشار إليه، التي نظمت الأحكام الخاصة بترشح بعض الفئات فقررت عدم قبول أوراق ترشحهم إلا بعد تقديم استقالاتهم من وظائفهم ومناصبهم، ولم تجز عودتهم إلى عملهم السابق عند انتهاء مدة عضويتهم، الأمر الذي من شأنه الإخلال بقواعد تكافؤ الفرص والمنافسة بين المترشحين من هذه الفئات، بحسب أن وجود هذا الحكم في حينه بقانون مجلس النواب المشار إليه كان من شأنه اتاحة الفرصة للبعض من هذه الفئات للترشح لعضوية البرلمان ممن كانوا يخشون فقد وظيفتهم بالاستقالة.

ثالثاً: أن من مقتضيات المصلحة العامة، وبخاصة إقرار الحرص على النأي بعضو البرلمان عن مباشرة مهام العضوية بعقل غير مستقر، إنما يقتضى فصم أي علاقة تربطه بأجهزة مستقلة أو رقابية،وبمؤسسات لها طبيعة مشابهة، وذلك درءًا للشبهات والبعد عن أي أقاويل تنال من استقلاله.
والقول بغير ذلك مؤداه احتمال أن يضحى عمل العضو السابق بالجهاز الرقابي أو بالهيئات المستقلة امتداداً لتلك الجهات داخل البرلمان.

المادة رقم(372):
استظهر القسم من استقراء حكم المادة رقم (109) من الدستور انصراف إرادة المشرع إلى تقرير حكم عام بأيلولة ملكية كافة ما يتلقاه عضو مجلس النواب من هدايا نقدية كانت أم عينية إلى الخزانة العامة للدولة.ومتى كان ذلك، وكان النص المعروض قد تضمن في الفقرة الثانية منه حكماً يقضي باستثناء الهدايا النقدية أو العينية التي تقدم للعضو بسبب أو بمناسبة عضويته،إذا كانت مقدمة في إطار المجاملات المعتادة التي يجري العرف على تقديمها في الأعياد والمناسبات إذا كانت لا تزيد قيمتها على ثلاثمائة جنيه أو التي تقدم من الزائرين أو المسئولين المصريين أو الأجانب في مناسبات أو زيارات رسمية وفقًا للأعراف الجارية واعتبارات المجاملة، وإذ لم يقيد حكم المادة رقم (109) من الدستور أيلولة الهدايا إلى الخزانة العامة بقيد أو شرط، فإن مؤدى الإبقاء على الاستثناء المشار إليه التعارض مع سديد حكم الدستور.

ولا ينال من الاستخلاص المتقدم القول بأن ما تضمنه النص المعروض قد جاء إعمالاً للتفويض التشريعي المنصوص عليه بعجُز المادة رقم (١٠٩) السالف ذكرها، ذلك أن التفويض المشار إليه إنما ينصرف إلى تنظيم الأيلولة ذاتها دون أن يقيد أو يعدل من حكم إطلاقها بإيراد استثناءات من الخضوع لها.
وبناءً على ما تقدم، خلص القسم إلى إعادة صياغة هذه المادة بما ينأى بها عن شُبهة عدم الدستورية، وعلى النحو الوارد بالصيغة المعدلة.

المادة رقم(404):
تلاحظ للقسم أنه ولئن كانت أحكام الدستور التي تناولت تنظيم مجلس النواب تُنبئ بذاتها، وعلى ضوء الأصول المقررة في النظم الديمقراطية، عن كفالة قدر كبير من الاستقلال تستدعيه وتتطلبه مقتضيات مباشرة المجلس لمهامه الرقابية، ومن ثم كان يغدو إدراج موازنته رقماً واحداً بالموازنة العامة للدولة أمرأ منطقيا.

إلا أنه وإزاء ما استبان للقسم من مُطالعة سائر أحكام الدستور مجتمعة من أن المشرع قد تولى بالتحديد والتعيين وبشكل قاطع الجهات التي يتم إدراج الموازنات الخاصة بها رقماً واحداً في الموازنة العامة للدولة، إذ نص صراحة على تلك الجهات في المواد أرقام (185)،(191)،(203)من الدستور وهي الجهات والهيئات القضائية والقوات المسلحة، ومؤدى ذلك ولازمه أنه لا يسوغ قانوناً القول بجواز إدراج الموازنة الخاصة بمجلس النواب رقماً واحداً في الموازنة العامة للدولة، لما في ذلك من مجاوزة لما توخاه المشرع الدستوري من التحديد السالف بيانه، والذي يتعين على سلطة التشريع أن تلتزم تخومه، وإلا جاء عملها مخالفًا للدستور ومتصادماً مع مبدأ سيادة القانون الذي هو أساس الحكم في الدولة، هذا فضلاً عما يترتب على مخالفة النظر المتقدم من نتائج غير منطقية تتمثل في إمكانية بسط الحكم المذكور آنفًا على جهات أخرى خلافاً لتلك التي عينها الدستور حصراً، وهى نتيجة لو أراد المشرع تحقيقها لما أعوزه النص عليها صراحة، ونزولاً على ما تقدم خُلص القسم إلى حذف عبارة "وتدرج رقماً واحداً في موازنة الدولة" الواردة بالمادة المذكورة تجنباً لشبهة جدية بعدم دستوريتها.

المادة رقم(436):
استعرض القسم أحكام المادتين رقمي (118)،(192) من الدستور، فاستظهر منها أن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بتفسير النصوص التشريعية هو اختصاص حصري مانعاً لغيرها من السلطات عن مباشرته، وعليه خلص القسم إلى حذف هذه المادة لمخالطتها بشبهة جدية بعدم الدستورية.

(2) ضبط الصياغة التشريعية:
كان للقسم ما ارتآه من بعض أوجه ضبط الصياغة التي تستقيم معها أحكام المشروع على الأسس القانونية السليمة، سواء من حيث الشكل أو الموضوع، ومن تحديد المدلول القانوني لبعض العبارات الواردة في مواد المشروع، ومن إجراء الحذف لبعض المواد أو الفقرات بها، أو الألفاظ، أو العبارات، أو الجمل، أو إدماجها في البعض الآخر نظراً لوحدة المسائل القانونية التي تنتظمها وتوحيداً للمصطلحات المستخدمة، ومن أن يستبدل ببعض العبارات التي انطوت عليها أحكام المشروع عبارات أخرى أمعن في الدلالة عن المعنى المقصود منها، بما يزيل أدنى لبس، ويمنع في ذات الوقت شبهة التعارض بين الأحكام التي نظمها المشروع، وذلك كله بما يتسق وينسجم مع الصياغة القانونية وعلى النحو الوارد تفصيلاً بالصيغة المعدلة المرافقة لهذا الكتاب، وذلك على النحو الآتي:

•حذف عبارة "ويلغى كل حكم يخالف ذلك" أينما وردت بمواد مشروع اللائحة، وذلك اكتفاءً بما ورد بنص المادة الثانية من مواد الإصدار.

المادة رقم (8):
لم تحدد هذه المادة طريقة تولي أي من الوكيلين رئاسة جلسة المجلس حال تخلي رئيس المجلس عن رئاستها، وذلك خلافاً لذات النهج الذي أعتنقه المشروع في باقي مواده (الأكبر سناً ثم الحاصل على أعلى الأصوات منهما)، فضلاً عن عدم معالجته لحالة غياب الوكيلين معاً،الأمر الذي ارتأى معه القسم إثبات هذه الملاحظة وترك أمر معالجتها لمجلس النواب وفقاً لتقديره.

المادة رقم (17):
ارتأى القسم استبدال عبارة "لانتهاء اللجنة من تقريرها" بعبارة "لموافقة اللجنة على تقريرها" اتساقاً ونص المادة رقم (117) من الدستور والتي استلزمت صدور قرار إعفاء رئيس المجلس أو وكيليه من المنصب بأغلبية ثلثي عدد أعضاء المجلس دونما أدنى إشارة لاستلزام موافقة لجنة الشئون الدستورية والتشريعية على إجراء ذلك.

المادة رقم (31):
استبدال عبارة " فإذا تخلف العضو بعد ذلك دون عذر مقبول تستمر اللجنة في مباشرة إجراءاتها" بعبارة "ويعتبر تخلف العضو بعد ذلك دون عذر مقبول نزولاً منه عن حقه في إبداء دفاعه" ؛ لما قد تكتنفه عبارة (نزولاً عن حقه في إبداء دفاعه) من إهدار لضمانات الدفاع أو الانتقاص غير المبرر منها، لاسيما وأن الغاية من النص المعروض هي تفعيل دور لجنة القيم في إجراء التحقيق المعنية به وعدم غل يدها عن إجراء ذلك دون توقف الأمر على حضور عضو مجلس النواب من عدمه، هذا فضلاً عن أن العبارة المستبدلة هي ذاتها الواردة بنص الفقرة الثالثة من المادة رقم(390) من مشروع اللائحة.

المادة رقم (194):
استبدال عبارة "عدم إقرار القانون" بكلمة "الاعتراض"؛ اتساقاً وصريح نص المادة رقم(156) من الدستور، فضلاً عن أن الاعتراض هو حق ثابت لرئيس الجمهورية وحده دون غيره بمقتضى صريح نص المادة رقم(123) من الدستور.

الفصل السادس: الاقتراحات برغبة أو بقرار :
حذف عبارة"أو بقرار" من عنوان هذا الفصل،وكذا عنوان من الفرعين الثاني والثالث منه، وأينما وردت في هذا الفصل؛تأسيسًا على أن الاقتراح بقرار ليس من عداد الأدوات البرلمانية الواردة حصراً بالمواد أرقام (129، 130، 132، 133، 134) من الدستور.

المادة رقم (218):
استبدال عبارة "رئيس الحكومة أو أحد أعضائها" بعبارة "من أعضاء الحكومة" ذلك أن بقاءها سيجعل الحكم مقصورًا على أعضاء الحكومة دون رئيسها، في حين أن الاستجواب قد يكون موجهًا إلى رئيس الحكومة.

المادة رقم (292):
إضافة عبارة "ما لم يقرر المجلس غير ذلك" إلى ختام هذه المادة؛ لمنح المجلس مزيدًا من المرونة في مباشرة اختصاصاته ومنح الكلمة حسب أهمية الموضوع المعروض.

المادة رقم(362):
استبدال عبارة "لجنة الشئون الدستورية والتشريعية " بكلمة "اللجنة" لضبط الحكم وإضفاء مزيد من الوضوح التشريعي.
المادتان رقما(363،365):

حذف المادة رقم(365)، ونقل الحكم الوارد بها إلى المادة رقم(363)، وذلك للوحدة الموضوعية للأحكام التي تنتظمهما المادتان المشار إليهما وضبطاً للصياغة التشريعية.

المادة رقم(369):
إضافة عبارة "وتصدر بذات إجراءاتها" لتكون تالية لعبارة "وتعتبر جزءاً منها"، وذلك لما تلاحظ للقسم من عدم تنظيم مدونة السلوك البرلماني بصلب المشروع المعروض رغم أن أحكامها ستعتبر جزءاً من لائحة البرلمان، ومن ثم تكتسب ذات قوتها الإلزامية، فضلاً عن أن تلك المدونة ستتناول بالتنظيم التزامات الأعضاء والجزاءات المترتبة حال الخروج على أحكامها، ومن ثم تعين أن تصدر أحكام تلك المدونة بذات الإجراءات الدستورية والقانونية المقررة للائحة الداخلية لمجلس النواب.

المادتان رقما (379،380):
حذف المادة رقم(379)، ونقل الحكم الوارد بها إلى المادة رقم(380) مع إضافة عبارة "بمفرده أو بالمشاركة مع غيره،" إلى هذه المادة لتكون تالية لعبارة "،أو بالمهن الحرة التي يزاولها"، وذلك للوحدة الموضوعية للأحكام التي تنتظمهما المادتان المشار إليهما، ولحسن وضبط الصياغة التشريعية.

المادة رقم(392):
إضافة عبارة "بموافقة ثلثي عدد أعضائه" لتأتى في عجُز المادة وعلى النحو الوارد بالصيغة المعدلة، وذلك ليتحقق الاتساق مع أحكام المادة رقم(38) بند (6) فقرة (ب) من قانون مجلس النواب المشار إليه.

المادة رقم(409):
استخلص القسم من معالجة مشروع اللائحة المعروضة لحكم المادة رقم(409)أن مجلس النواب ابتغى مباشرة اختصاصاته المنصوص عليها دستوريًا باستقلال كافٍ بررته له أحكام الدستور،ويؤكد القسم في مجال إعمال مقتضى ما استظهره من حكم هذه المادة على عدم إعاقة غيره من المؤسسات في مباشرة اختصاصاتها الدستورية.

المادة رقم (417):
إعادة صياغة هذه المادة على النحو الوارد بالصيغة المعدلة، وذلك ضبطًا للحكم وتحقيقًا لمزيد من الوضوح التشريعي.

المادة رقم(429):
إعادة صياغة هذه المادة على النحو الوارد بالصيغة المعدلة تأسيساً على أن الفقرة الأولى منها تنص على أن "تعفى أي مبالغ تدفع إلى الأعضاء من المجلس من جميع أنواع الضرائب والرسوم، ولا يجوز الحجز عليها أو التنازل عنها".ولما كانت المادة رقم(105) من الدستور قد قررت أن يتقاضى عضو مجلس النواب مكافأة يحددها القانون وأنه إذا جرى تعديل المكافأة، فلا ينفذ التعديل إلا بدءاً من الفصل التشريعي التالي للفصل الذي تقرر فيه ، وكانت المادة رقم(34) من قانون مجلس النواب المشار إليه قد حددت تلك المكافأة بمقدار خمسة آلاف جنيه شهرياً مع عدم إجازة أن يزيد مجموع ما يتقاضاه العضو من المجلس تحت أي مسمى على أربعة أمثال المبلغ المذكور، وإذ لم تنُص أي من المادتين المشار إليهما على إعفاء هذه المكافأة من أية ضرائب أو رسوم، فإنه يتعين الرجوع إلى القواعد العامة بشأن الإعفاء من الضرائب على ما يتقاضاه أعضاء مجلس النواب من مكافآت وعلى نحو ما قررته المادة رقم(38) من الدستور التي أوجبت أن يكون الإعفاء من الضرائب والرسوم في الأحوال المبينة في القانون وهو ما يقصد به القانون الخاص بالإعفاء من هذا النوع من الضرائب، أو قانون مجلس النواب المشار إليه بوصفه القانون المنظم لشئون العضوية، وإذ خلت أحكام القانونين المشار إليهما من أي إعفاءات لأعضاء مجلس النواب في هذا الشأن،فإن تقرير مثل هذا الإعفاء يغدو غير قائم على ما يُسانده.

ولا يقدح فيما تقدم أن اللائحة الداخلية لمجلس النواب تصدر بقانون، ومن ثم يجوز لها أن تعدل غيرها من القوانين القائمة، إذ إن المادة رقم(105)من الدستور ومن بعدها المادة رقم(34) من قانون مجلس النواب المشار إليه قد نظمتا هذا الشأن للمرشح لعضوية مجلس النواب واضعة نصب عينيه الحقوق والالتزامات التي يتعين عليه الالتزام بها حال اكتسابه للعضوية، ومن ثم فلا يسوغ من بعد ذلك أن يعاد تنظيم تلك الحقوق مرة أخرى بتقرير أى مزايا يستفيد منها خلال الفصل التشريعي ذاته، وإلا تعارض ذلك مع منهج المشرع في إعداد هذه اللائحة.

هذا، وقد قام القسم بإعادة ترتيب وتنسيق مواد مشروع اللائحة على النحو الوارد بالنسخة المعدلة المرفقة بهذا الكتاب، وذلك لإحكام وحُسن الصياغة.
وفي النهاية يُسعدني أن أرسل لسيادتكم - رفق هذا الكتاب - المشروع المشار إليه، بعد مراجعته وإفراغه في الصيغة القانونية المعدلة في ضوء ما سلف ذكره من ملاحظات؛ وذلك تمهيدًا لاستكمال إجراءات استصداره.
وفقنا الله وإياكم إلى ما يرتضيه، وأعانكم على ما فيه الخير لمصر وشعبها العظيم،،،
والسلام عيكم ورحمة الله وبركاته،،،،،،

رئيس قسم التشريع

المستشار محمود إسماعيل رسلان مبارك نائب رئيس مجلس الدولة
كلمات البحث
اقرأ أيضًا: