في البداية تبدأ "الحكاية" بمشادة كلامية، ترتفع بعدها وتيرة الغضب بين الطرفين، ومن ثم تندلع الشرارة الأولى لـ"المشاجرة"، والتي تنتهي أغلب وقائعها بالعديد من الضحايا التي يلقون حتفهم، أو يعيشون ما تبقي من حياتهم بـ"عاهة مستديمة" تكون سببًا في "العجز والحوجة"؛ قد تقع تلك المشاجرات لأسباب غير مهمة أو لأمور قد تكون "تافهة" في نظر الكثيرين، ولكن سرعان ما إن تتحول تلك الأسباب لشظايا النيران تلتهم الضحية دون الجاني في بعض من "ثغرات القانون".
موضوعات مقترحة
منذ أيام قلية قد مضت، وقعت واحدة من وقائع "المشاجرات" التي أنتهت بجريمة قتل "إسلام الأسترالي"، والتي فور حدوثها أصدرت النيابة العامة قرارها بفتح باب التحقيق في الواقعة التي شهد تفاصيلها شارع المدبح بمنطقة المنيب بالجيزة؛ وأشارت التحقيقات الأولية إلى أن مشاجرة وقعت بين المجني عليه و4 أشخاص آخرين، وانتهت بسقوطه قتيلًا وسط الشارع، بالإضافة إلى العديد من ردود أفعال رواد مواقع التواصل الإجتماعي التي تحدثت عن تلك الواقعة، وخلال السطور التالية ترصد "بوابة الأهرام" أغرب وقائع "المشاجرات" التي راح ضحيتها قتلا بمختلف المحافظات منذ بداية شهر سبتمبر الجاري.
"المرض النفسي كان السبب".. منذ بداية الشهر الجاري وقعت اثنتين من المشاجرات طرفاها من أسرة واحدة "الابن يقتل والديه"، حيث شهدت منطقة القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية، مقتل مسن على المعاش وزوجته ربة منزل طعنًا بسلاح أبيض "سكين" على يد نجلهما، عاطل -سبق دخوله أحد المراكز النفسية لتلقي العلاج- بعدما أصيب بحالة "هياج" إثر نشوب مشادة كلامية بينه وبين والديه، وبعد دقائق معدودة أخذ يهزي بكلام غير مفهوم وأستل سلاح الجريمة وقام بطعن والده ووالدته حتي الموت.
وبتفاصيل مشابهة، شهدت منطقة أطفيح بالجيزة، جريمة قتل بدات أحداثها بمشادة كلامية نشبت بين عامل ونجله بسبب سوء معاملة (الأب للابن وأشقائه)، ليصاب الأخير بحالة من الهياج التي أفقدته القدرة على التفكير، وتحول الأمر إلى مشاجرة بينهما، ويمسك الابن "شومة" ويسدد لوالده ضربة واحدة بالرأس أدت إلى إصابته بـ"كسر في الجمجمة" ويسقط قتيلا في دقائق معدودة وسط مشهد عائلي مريب.
"يعملوها النسوان.. ويقع فيها الرجالة".. في مشهد يتكرر كثيرًا خلال الأونة الأخيرة، وقعت مشاجرة بين عائليتن بمنطقة الهرم بالجيزة، بدأت أحداثها بمشادة كلامية بين ربتي منزل من أسرة كل من الجاني "عاطل" والمجني عليه "شيف"، وبعد لحظات تطور الأمر إلى مشاجرة بينهما، استعانت الأولي بشقيقها المتهم لمناصرتها، والذي حضر وبصحبته مجموعة من أصدقائه وبحوزتهم أسلحة نارية وبيضاء، وبدأ في إطلاق أعيرة نارية عشوائيًا من بندقية "شوت جن" محاولًا إخافة الطرف الأخرى، وعلى الفور قامت زوجة المجني عليه بالاتصال به وإخباره بما حدث، وبعد دقائق يأتي (المجني عليه) وتبدأ مشاجرة بالأسلحة النارية والحجارة بين الطرفين، ليقوم المتهم بإطلاق عيار ناري أدى إلى إصابة (المجني عليه) بمنطقة الصدر ويسقط غارقًا في دمائه وسط الشارع.
وفي أسرة واحدة بإحدى قرى البحيرة التابعة لمركز الدلنجات، وقعت مشاجرة بين "أولاد العم" بسب خلافات بينهما كانت السبب وراء نشوب مشادة كلامية تحولت لمشاجرة راح ضحيتها شاب 16 سنة بعد تلقيه "ضربة فأس برأسه" على يد نجل عمه أدت إلى وفاته؛ وداخل قرية سجين الكوم التابعة لمحافظة الغربية وقعت مشاجرة بين شاب "صيدلي" وأحد أقاربه بسبب خلافات عائلية بينهما، قام على إثرها المتهم ويدعى "سمارة" بطعن المجني عليه عدة طعنات بمنطقة الصدر، ويلفظ أنفاسه الأخيرة فور وصوله المستشفى .
"أغاني المهرجانات..السبب وراء ارتكاب الجريمة".. في مشاجرة راح ضحيتها شاب 19 سنة "سائق توك توك" على يد مقرئ 27 سنة، بعد نشوب مشاجرة بينهما بسبب ارتفاع صوت الأغاني أثناء وقوف المجني عليه بالمركبة ملكه أمام منزل المتهم، وأثناء مطالبته له بتهدئة الصوت حدثت بينهما مشادة كلامية، تطورت لمشاجرة، قام على إثرها المتهم بإحضار مقص حديد وتعدى على المتوفى محدثًا إصابته التي أودت بحياته.
وبمنطقة مدينة نصر وقعة جريمة قتل بعد نشوب مشاجرة بين عامل و"مبيض محارة" راح ضحيتها الأخير بسبب خلافات مالية بينهما (ألف جنية) اقترضها المجني عليه من المتهم ورفضه ردها، ليقوم على إثرها المتهم بطعنه بسلاح أبيض مما أسفر عن مقتله.
"البلطجة وتجارة المخدرات" عنوان للكثير من جرائم القتل التي تقع بسبب مشاجرات، حيث كانت آخرها مقتل شاب إثر إصابته بحجر أعلى رأسه أدى إلى نزيف حاد بالمخ ويلفظ أنفاسه الأخيرة فور سقوطه أرضًا، بعد نشوب مشاجرة بينه وبين أحد "البلطجية" ممن يمارسون أعمال البلطجة والاتجار في المخدرات والأسلحة لترويع المواطنين بمنطقة المنتزة بالإسكندرية.
دكتور علم الاجتماع: البعد عن الأخلاق والدين السبب وراء ارتكاب الجرائم
وفي هذا الصدد، قال رشاد عبداللطيف، دكتور علم الاجتماع، إن السبب الرئيسي في وقوع الكثير من المشاجرات وجرائم القتل لأسباب الخلافات وغيرها من الأمور التي تنشب مشاجرة بين طرفين هو البعد عن الأخلاق والدين، بالإضافة إلى الضغوط النفسية التي تتسبب في فقدان المرء لأعصابه وتحول الأمور التافهة إلى مشاجرات ومشاحانات تتسبب في وقوع جرائم قتل؛ مشيرًا إلى دور الراقابة والجهات المعنية بالتوعية داخل الدولة في إحكام السيطرة علي ما يعرض بالأفلام والمسلسلات من نجوم "البلطجة" وأغاني المهرجانات.
خبير قانوني: عند وقوع جريمة القتل في مشاجرة يكون الفصل بين العمد والخطأ بـ"القصد الجنائي"
ومن جانبه، قال حسين أبو دوح، المحامي بالنقض، إن جريمة القتل (ضرب أفضى إلى موت) بأن يقصد الجاني الاعتداء على سلامة جسم المجني عليه لكنه يؤدي إلى نتيجة أبعد من ذلك وهي إزهاق روحه، أما في جريمة القتل الخطأ الجاني لا تنصرف إرادته إلى المساس بحياة المجني عليه ولا بسلامة جسده، ومع ذلك يترتب على وقوع الجريمة، كما أن هناك فرقا بين جريمة القتل العمد وجريمة القتل الخطأ، وهو قصد ونية المتهم من الاعتداء (القصد الجنائي).
وأضاف أن القتل العمد تتجه فيه إرادة الجانى إلى قتل المجنى عليه، فإن لم تتوافر هذه النية الخاصة فلا تقوم جريمة القتل العمد، وتوافر هذه النية أمر تقدره المحكمة بالأدلة والقرائن التي تثبت وقوع الجريمة عمدًا؛ مشيرًا إلى عقوبة القتل الخطأ، والتي حددها قانون العقوبات فى عدد من مواده، حيث نصت المادة 238 من قانون العقوبات على "من تسبب خطأ فى موت شخص بأن كان ذلك ناشئًا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تتجاوز مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين".
"وتكون العقوبة هى الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 5 سنوات وغرامة لا تقل عن مائة ولا تجاوز 500 جنيه، أو بإحدى العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجانى إخلالاً جسيمًا بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيًا مسكرًا أو مخدرًا عند ارتكابه الخطأ الذى نجم عنه الحادث، أو امتنع وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك؛ فيما تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 7 سنوات إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة فى الفقرة السابقة كانت العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على عشر سنوات".
ونوه إلى أن عقوبة "الضرب الذي أفضى إلى الموت" قد تصل إلى الأشغال الشاقة أو السجن من 3 إلى 7، وتكون العقوبة السجن أو السجن المشدد التي قد تصل مدته إلى 15 سنة ارتكبت الجريمة تنفيذا لغرض إرهابي.