أودعت الدائرة السابعة بمحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، حيثيات حكمها في دعوى إلغاء القرار التنظيمي المطعون فيه الصادر من وزيرة السياحة، رانيا المشاط، بصفتها باعتماد الضوابط التي أقرتها اللجنة العليا للحج والعمرة بوزارة السياحة، للعام الهجري 1440 /2019، والمكملة للقرار الوزاري رقم 73 لسنة 2014 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
موضوعات مقترحة
صدر الحكم برئاسة المستشار منير غطاس، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشار علي مكرم، نائب رئيس مجلس الدولة، والمستشار الدكتور حاتم البكرى، نائب رئيس مجلس الدولة.
حملت الدعوى رقم رقم 26543 لسنة 72 واختصمت كلا من رئيس الوزراء بصفته، ووزيرة السياحة بصفتها، ورئيس قطاع الشركات السياحية والمرشدين السياحيين بصفته، ورئيس اللجنة العليا للحج والعمرة بصفته، ورئيس غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة بصفته.
قالت الحيثيات، إن الثابت من الأوراق، إن القرار التنظيمي لوزيرة السياحة، المطعون فيه باعتماد الضوابط التي أقرتها اللجنة العليا للحج والعمرة بوزارة السياحة، لموسم 1440ه /2019، والمكمل للقرار الوزاري رقم 73 لسنة 2014، قد صدر استنادًا للفقرة الأخيرة من المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية مضافة بالقانون رقم 125 لسنة 2008، والتي جاءت عباراتها واضحة الدلالة ومحددة بما إجازته لوزير السياحة، من وضع شروط معينة لمباشرة بعض الأنشطة المرخص بها دون أي ذكر أو تحديد أو تنظيم لفرض أي مبالغ مالية أيا كان وصفها أو مسماها أو الغرض منها على متكرري العمرة خلال ثلاث سنوات، وذلك التزاما منها - الفقرة المذكورة - بما أوجبه الدستور من اختصاص السلطة التشريعية وحدها بفرض الضرائب العامة، وبما أجازه الدستور للسلطة التشريعية بالنسبة لأي فرائض أو أعباء مالية أخرى -ومن بينها الرسوم التي تستأدى جبرا، مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها عوضا عن تكلفتها - بأن تفوض السلطة التنفيذية في تنظيم أوضاعها دون أن يكون هذا التفويض مطلقا، وإنما مقيد بالقيود التي حددها الدستور ذاته وأخصها أن تكون في حدود القانون أي أن يحدد القانون حدودها وتخومها ويشي بملامحها مبينا العريض من شئونها.
ومن ثم يكون استحداث السلطة التنفيذية –وزيرة السياحة – بالقرار التنظيمي المطعون فيه لهذا الفرض المالي المنقطع الصلة بأي دلالة لعبارة الفقرة الأخيرة من المادة الثانية أو أي من مواد القانون رقم 38 لسنة 1977 بتنظيم الشركات السياحية على أي تفويض تشريعي لأي فرض مالي مهدرا لحكم المادة 38 من الدستور الحالي الصادر عام 2014، وما تعاقبت عليه الدساتير المصرية وما أوجبته المادتين 33و35 من الدستور الحالي من صون الملكية الخاصة، وحماية الدولة لها والذي يمتد إلى كل حق ذي قيمة مالية، والذي يتسع للأموال بوجه عام على نحو ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه، وإذ انتفى الأساس القانوني له – التفويض التشريعي بضماناته- مغتصبا لاختصاص قصره الدستور على السلطة التشريعية مما يصمه بعيب عدم الاختصاص الجسيم.
حيث إن تحديد القرار التنظيمي لوزيرة السياحة، المطعون فيه للحد الأقصى لإجمالي عدد التأشيرات المستهدف تنفيذها بعدد 500 ألف تأشيرة – وهو ما أكده كتاب مدير الإدارة العامة للتفتيش السياحي بأن عدد المعتمرين يتم تحديده من قبل مصر ممثلة في وزيرة السياحة - منها عدد 400 ألف تأشيرة بنسبة 80% من بداية الموسم وحتى نهاية شهر شعبان، و100 ألف تأشيرة نسبة 20% خلال شهر رمضان، وعدم السماح بترحيل التأشيرات غير المنفذة من حصة كل شركة إلى شهر رمضان استنادا إلى الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1977، بتنظيم الشركات السياحية مضافة بالقانون رقم 125 لسنة 2008 بما أجازته لوزير السياحة، من وضع شروط معينة لمباشرة بعض الأنشطة المرخص بها وقصر تطبيق هذا التحديد للحد الأقصى لعدد التأشيرات المستهدف تنفيذها على السياحة الدينية لأداء العمرة دون غيرها من صور السياحة الأخرى كالسياحة الترفيهية أو غيرها يمثل اخلالا جسيما بمبدأ المساواة أمام القانون الذي كفلته دساتير مصر المتعاقبة وأخرها المادة 53 من الدستور الحالي عام 2014، ويخل بمبدأ تكافؤ الفرص وينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها بما يمثل تمييزا تحكميا منهيا عنه دستوريا.
حيث إن القرار التنظيمي المطعون فيه متعلق بالحق في الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، وأن المشرع الدستوري بالمادة 64 من الدستور الحالي الصادر عام 2014واذ اقر في إفصاح جهير بأن حرية ممارسة الشعائر الدينية حق، وقصر تنظيم هذا الحق على القانون وحده، ولم يترك تنظيمه لأي أداة تشريعية ادني كما لم يجز الدستور للسلطة التشريعية تفويض السلطة التنفيذية في تنظيم أوضاع هذا الحق، ومن ثم فإن القرار التنظيمي المطعون فيه يكون مغتصبا لاختصاص قصره الدستور على السلطة التشريعية مما يصمه بعيب عدم الاختصاص الجسيم، كما أن الحق في ممارسة شعيرة العمرة وما يرتبط به من حرية التنقل والحرية الشخصية يعد من الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن والتي أوردها الدستور الحالي في باب الحقوق والحريات العامة بأنها لا تقبل تعطيلا ولا انتقاصا، ولا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس اصلها وجوهرها.
فضلا عن أن القرار التنظيمي المطعون فيه الصادر من وزيرة السياحة بصفتها باعتماد الضوابط التي أقرتها اللجنة العليا للحج والعمرة بوزارة السياحة للعام الهجري 1440 /2019م والمكمل للقرار الوزاري رقم 73 لسنة 2014، لم يتم نشره بالجريدة الرسمية لإخطار المخاطبين بمضمونه حتي يمتنع الأعذار بالجهل به.
ولما كان المستقر عليه –علي نحو ما سلف- أن نشر القاعدة القانونية يعد ضمانة من ضمانات الحقوق والحريات التي كفلها الدستور وعد تحققها شرطا لجواز التدخل بها لتنظيم الحقوق والحريات، وأن تطبيق أي تشريع قانوني أو لائحي قبل نشره يزيل عن القواعد التي تضمنها صفتها الإلزامية التي تميزها عن القواعد الأخلاقية فلا يكون له قانون من وجود، ومن ثم وإذ ثبت عدم نشر القرار التنظيمي المطعون فيه فإنه يكون قد صدر مفتقدًا لما أوجبه الدستور من ضمانة شكلية جوهرية فلا يكون له قانون من وجود على نحو ما انتهى إليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، وإفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوي والتشريع الأمر الذي يهوي به إلى درجة القرار المنعدم.
ومن ثم فإنه ومن جماع ما تقدم فإن القرار التنظيمي المطعون فيه الصادر من وزيرة السياحة بصفتها باعتماد الضوابط التي أقرتها اللجنة العليا للحج والعمرة بوزارة السياحة، للعام الهجري 1440 /2019م والمكملة للقرار الوزاري رقم 73 لسنة 2014، فيما تضمنته الفقرة 3 من الضوابط العامة من تحديد الحد الأقصى لإجمالي عدد التأشيرات المستهدف تنفيذها بعدد 500 ألف تأشيرة منها عدد 400 ألف تأشيرة بنسبة 80% من بداية الموسم وحتى نهاية شهر شعبان، و100 ألف تأشيرة نسبة 20% خلال شهر رمضان، وعدم السماح بترحيل التأشيرات غير المنفذة من حصة كل شركة إلى شهر رمضان، وكذا ما تضمنته الفقرة المذكورة من أنه وفي حالة وجود سابقة عمره خلال الثلاث سنوات الماضية يتم تحصيل مبلغ يعادل 2000 ريال سعودي –ألفي ريال سعودي – يتم إيداعه بواسطة المواطن في حساب ينشأ لهذا الغرض بالبنك المركزي المصري، وتضاف نسبة 50% من هذا المبلغ في حالة تكرار العمرة في ذات الموسم يكون مخالفًا للقانون والدستور ومغتصبًا لاختصاص قصره الدستور على السلطة التشريعية؛ الأمر الذي يصمه بعيب عدم الاختصاص الجسيم، كما أنه قد صدر دون نشر في الجريدة الرسمية بالمخالفة الجسيمة لما أوجبه الدستور لهذه الضمانة الشكلية الجوهرية؛ الامر الذي يهوي به إلى درجة القرار المنعدم؛ الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإلغائه مع ما يترتب علي ذلك من آثار.