على بعد أمتار قليلة من أهم ميادين مصر "ميدان رمسيس"، وبالتحديد في منطقة غمرة بشارع رمسيس الرئيسي والحيوي، اختار حسن الجزيرة الوسطى محلًا لإقامته، فنصب خيمته المكونة من ملاءة زرقاء وبعض الأحبال وبدأ في ممارسة حياته من نوم وأكل وشرب وقضاء حاجة على مرأى من عشرات الآلاف من السيارات العابرة في الاتجاهين طوال اليوم.
سمح لي حسن بالاقتراب منه وتصويره والحديث معه، ولم يكن غريبًا أن اكتشف على الفور أنه "مختل العقل" بعد أن بدأ يهذي بكلمات مثل "أنا الروح، أنا الملاك الحارس، أنا في انتظار النائب العام الذي قدمت له بلاغًا لأن إخوتي قاموا بخيانتي"، لكن الغريب هو ما اكتشفته من أصحاب المحلات في المنطقة الذين قالوا إنهم فوجئوا بظهور حسن ولا يدرون منذ متى، والغريب أنه لم يلفت نظر دورية راكبة ولا حتى عسكري مرور وهو يبدأ في نصب خيمته الزرقاء، ليستأنف فيها نشاطاته اليومية، ولا أحد يعلم إلى متى ستمتد إقامته بها، حتى لو مكث حسن في هذا المكان لمجرد عدة ساعات فإن هذا يدق ناقوس خطر لأنه دليل على عدم عودة السيطرة الأمنية والمرورية بشكل كامل.
فإذا استطاع حسن الإقامة في هذا المكان الحيوي وفي تلك البقعة المكشوفة، فما الذي يمكن أن يحدث في الشوارع الجانبية أو المهجورة؟ وما الذي ممكن حدوثه لو استغل بعض الخارجين على القانون حالته العقلية لاستخدامه في أعمال ارهابية نكون جميعا ضحيتها ؟ أين كاميرات المراقبة في الميادين والشوارع الرئيسية ؟ والتي من أبسط وظائفها مراقبة الحالة المرورية، فضلاً عن الحالة الأمنية.
حسن ليس إلا واحدًا من آلاف المختلين عقليًا المطلق سراحهم في الشوارع، لكن قدرته على اختيار هذا المكان للإقامة فيه تكشف عن الكثير.