بدأ حياته السينمائية بإخراج "ملائكة جهنم".. طريقته الخاصة في المعالجة جعلته مخرج الروائع بعد "الثلاثية الرائعة بين القصرين وزقاق المدق وقصر الشوق".. في معظم أفلامه لم يكتف بأن يكون مخرجًا بل كان كاتبًا للقصة وسيناريستًا أيضًا، وممثلًا في بعض الأفلام.
الرائع حسن الإمام الذي نحتفي اليوم بذكرى ميلاده الـ 96 وُلد في مثل هذا اليوم من عام 1919 بمحافظة الدقهلية ، وبدأ ممثلًا دعمته إجادته اللغتين الفرنسية والإنجليزية على اللحاق بأول طريق الفن حيث بدأ حياته العملية مترجمًا لبعض الأدوار الكوميدية والمنولوجات المسرحية لكبار المؤلفين الفرنسيين، وعلى الرغم من حبه الشديد للفن الفرنسي فإن المثل الأعلى في حياة المخرج حسن الإمام كان الفنان القدير يوسف وهبي.
بدأ الإمام مشوار الإخراج على يد يوسف وهبي الذي أعجب به، وقرر الاستعانة به مساعد مخرج في عدد من الأعمال الرائعة منها فيلم حسن وحسن وفيلم شارع محمد علي وفيلم القرش الأبيض وفيلم عودة الغائب، وكانت فرصته الأولى فى الإخراج عام 1946 مع أول أفلامه "ملائكة فى جهنم"، وفى العام الثانى أخرج أفلام "الستات عفاريت" وفيلم "الصيت و لا الغنى" للمطرب محمد عبد المطلب لتأتى انطلاقته وعبقريته مع فيلم "اليتيمتان" لفاتن حمامه، ثم"بائعة الخبز" الذى حقق إيرادات خيالة جعلته يستحق عن جدارة أن يكون مخرج الروائع.
وكانت أعظم أفلامه التى مثلت نقطة تحول فى حياته ومسيرته الفنية "الخطايا" و"شفيقة ومتولى"، "زقاق المدق" والثلاثية للكاتب نجيب محفوظ، والخرساء والمعجزة، ومنذ ذلك الحين بدأت أعمال حسن الإمام الرائعة في الظهور على الساحة الفنية وبقوة حتى أنه تفوق على العديد من المخرجين الكبار الذين عمل تحت أيديهم مساعد مخرج أمثال أحمد بدرخان ونيازي مصطفى وهنري بركات.
واختلف النقاد على وصف حسن الإمام فهل هو مخرج الروائع الذي أخرج الثلاثية لأديب نوبل نجيب محفوظ ، أم مخرج الميلودراما الذي بدأها بفيلم "اليتيمتين" و"ظلموني الناس"،و"حكم القوي"، و"أنا بنت ناس"، و"كاس العذاب"، و"بائعة الخبر"، أم مخرج الاستعراضات ، بسبب نجاح "خلي بالك من زوزو"، 1972 واستمراره في دور العرض لما يقرب من عام، وحكايتي مع الزمان، أميرة حبي أنا ،بمبة كشر، لنادية الجندي، بديعة مصابني، لنادية لطفي، و"سلطانة الطرب" لشريفة فاضل" ، وكل هذه الألقاب تتلاقي خيوطها في أنه يستحق بجدارة أن يكون مخرج الروائع.
ساهم حسن الإمام خلال رحلته الطويلة في صناعة النجوم، فها هي هند رستم التى آمن بموهبتها وتبناها فنيًّا، وفتح لها أبواب النجومية والشهرة من أوسع أبوابها، عندما أخرج لها ثلاثة أفلام متتالية، بينهم فيلمان من إنتاجه، كان أول هذه الأفلام "بنات الليل" فى عام 1955، تلاه فيلم "الجسد"، ثم "اعترافات زوجة"، وتجدد التعاون بينهما فى ستينيات القرن العشرين فى فيلم "شفيقة القبطية"، و"الراهبة"، وكان ختام رحلة هند رستم الفنية مع حسن الإمام عبر فيلم "عجايب يا زمن" فى نهاية السبعينيات.
واكتشف الإمام بحاسته الفنية حسين فهمي حيث صنع منه نجمًا فى أول بطولة سينمائية له بعد عودته من أمريكا، فى فيلم "دلال المصرية"، كما فعل مع نور الشريف فى "قصر الشوق"، وزيزى البدراوى، التى اكتشفها وأطلق عليها اسم زيزى تيمُّنًا باسم ابنته" زينب"، وقدم حسن يوسف وصلاح قابيل فى زقاق المدق.
كما أعاد الإمام اكتشاف العملاقين فريد شوقي الذى أعطاه دور البطولة لأول مرة فى فيلم "كأس العذاب"، ويحيى شاهين الذى كان يقدم الأدوار الجادة الوقور، فقدمه حسن الإمام فى دور "سى السيد" فى ثلاثية أديب نوبل نجيب محفوظ، وهو الدور الذي أصبح بصمة فى تاريخ يحيى شاهين، وفى هذا الفيلم غير إطلالة الفنانة نادية لطفى، التى كانت تظهر دائمًا فى دور الفتاة الجميلة الرقيقة الأرستقراطية، وقدمها هو بشكل مختلف تمامًا فى دور راقصة شعبية فى فيلم"قصر الشوق"، وهناك أيضًا الفنانة شادية التى اشتهرت فى بداياتها بأدوار الفتاة الدلوعة الشقية، ولكن مع حسن الإمام ارتدت زيًّا جديدًا عليها فى دور "حميدة" فى فيلم "زقاق المدق"، ودور "نعمت" فى فيلم "التلميذة".
ساهم حسن الإمام، فى كتابة السيناريو والحوار، لعدد كبير من أفلامه، ومعظمها مأخوذة عن روايات شعبية فرنسية، وإن كان الإمام أكثر شجاعة من غيره، إذ كان دائم ذكر مصادر روايات أفلامه في مقدمتها، كما يعتبر فيلم "البوسطجي" الذي قام بتأليفه علامة من علامات السينما المصرية.
لم يقتصر حسن الإمام على الظهور في أفلامه فقط، إذ قام بالتمثيل أيضًا في أفلام من إخراج غيره، ولعل أشهر أفلامه كممثل، دوره في فيلم "مدافن مفروشة للإيجار" مع نجلاء فتحي ومحمود ياسين، حيث قام بأداء دور التربي "الريس عياش" الذي يؤجر المدافن مفروشة للأحياء، كما مثل أيضًا في فيلم خلي بالك من زوزو.
تزوج من خارج الوسط الفني من السيدة نعمت الحديدي، وأنجب منها ثلاثة أبناء، الفنان حسين الإمام، مودي الإمام، وزينب الإمام الصحفية بالأهرام والتي عملت معه لفترة في ترجمة بعض النصوص الفرنسية.
حصل حسن الإمام على العديد من الجوائز، منها: الجائزة التقديرية الذهبية من الجمعية المصرية للنقاد، وكرمته الدولة عام 1976 كأحد رواد الفن السادس بشهادة تقدير، كما كرمه مهرجان "نانت الفرنسى" بعرض مجموعة من أفلامه.
أما آخر الأعمال الفنية التي قدمها المخرج حسن الإمام فكان فيلمه الرائع "عصر الحب"الذي قام بإخراجه في عام 1986 وكان ذلك قبيل وفاته بنحو عامين، وفي التاسع والعشرين من يناير عام 1988 رحل حسن الإمام وبقيت روائعه تخلد ذكره.