تمر عليه ساعات الليل وهو مستيقظ، يراقب «القدرة» ومن تحتها شعلة النار، حتى تستوى حبات الفول وتصبح جاهزة للأكل، ثم يخرج مبكرا ويضع قدوره على عجلته وينطلق بها إلى حيث يبيع الفول على مدى ساعات عمله التى تصل أحيانا إلى 24 ساعة كاملة، فاليوم يحمل فى الصباح الإفطار العادى لغير المسلمين، ثم فطور رمضان وقت المغرب، وفى المساء وجبة السحور.
موضوعات مقترحة
إنه «وائل خلف» الرجل المكافح الذى خرج من بيته من أعماق الصعيد وتحديدا من محافظة أسيوط منذ أكثر من 15 عاما ليستقر به الحال بمدينة المنصورة، ولأنه لم يتم دراسته فقد قرر العمل ليواجه أعباء الحياة خاصة بعد زواجه وإنجابه أربعة أطفال.. ليصبح من أشهر بائعى الفول بالمنصورة.
يقول « خلف « إن السحور فى رمضان لا يحلو إلا بإضافة طبق الفول المدمس والذى يعد أكلة رئيسية للمصريين، ومن أشهى الوجبات على المائدة طوال شهر رمضان المبارك، مشيرا إلى أن يتحرك يوميا من منزله إلى المكان الذى تستقر أمامه عربة الفول فى حى توريل معلنا عن قدومه بجرس صغير يرن به ليعلن للجميع »قدوم الخير«، ويقف فى مكانه من العصر حتى قبيل ساعة الإفطار بدقائق، قبل أن يعود إلى مقر تسوية قدور الفول »لتظبيط« القدرة ثم يتوجه بعدها إلى المناطق الشعبية المجاورة ليبيع الفول على مدار الليل.
يضيف وائل « إن اليوم فى شهر رمضان بيبقى شغل على مدار الـ 24 ساعة ومابنامش لأنه موسم بالنسبة لنا، حيث نقوم فى إحدى الشقق الصغيرة بمنطقة كفر البدماص الشعبية بتسوية قدور الفول والتى يساعدنى فيها اثنان من أبناء عمومتى وهما مقيمان فى نفس الشقة، ولا أرى أولادى الأربعة إلا قليلا طوال الشهر الكريم، حيث أظل بجوار قدور الفول من الليل وحتى عصر اليوم التالى بعد أن تتم تسوية الفول، ونوزع فى رمضان من 10 إلى 12 كيلو فول، أما فى الايام العادية فنوزع نصف الكمية«.
يستطرد وائل قائلا : يومى يبدأ من منتصف الليل لتحضير الفول للصباح، حيث يتم تجهيز الفول منذ العصر بنقعه فى الماء قبل أن يتم وضعه على النار قبل السحور بعدة ساعات ليستوى على البخار لأنه يأخذ 14 ساعة تسوية، حيث لا نستخدم سوى الفول البلدى والذى يصل سعر الكيلو منه إلى 23 جنيها، بينما سعر الفول المستورد 18 جنيها والذى من المفترض أنه يستخدم كعلف للماشية، لذا لا نستخدمه مراعاة لضميرنا، وأيضا لأن الفول البلدى طعمه معروف لذا فزبوننا معروف، ونضيف القليل من الكركم والعدس المهروس بمقادير بسيطة.
تابع: علشان الفول على السحور مهم عند الناس كلها، فأحيانا لا أتسحر لأننى أعمل حتى قبل أذان الفجر بدقائق معدودة، فبيع الفول فى رمضان له طقوسه الخاصة، و كله بيبقى شغال معايا فى التجهيز مش أنا لوحدى اللى باجهزه، فى حى توريل العمل يكون خفيفا لأنه حى راق، لذا أتوجه بعد الفطار إلى مناطق شعبية ولكن بشرط ألا يكون بها باعة فول آخرون مراعاة لزملائي.
حول سر تميز فول »خلف« قال إنه يقوم بجلب أجود أنواع الفول البلدى من الدقهلية والمحافظات الأخرى ويقوم بحفظه على مدار العام للاستهلاك منه، مؤكدا أنه فخور بقصة كفاحه وقال: أسعى جاهدا كى يتم أبنائى تعليمهم ويصبح لهم شأن كبير.