مع بداية تجهيز سرادق بيع الكنافة البلدى والقطائف الشهير فى ميدان تقاطع شارعى المطار والبركة يستبشر الأسوانيون خيرًا، حيث يعد من علامات قرب حلول شهر رمضان المبارك.. ويُعد هذا المكان من أشهر وأقدم أماكن بيع الكنافة البلدى فى المدينة.. ويتسابق الجميع للحصول على كنافة وقطائف «المُدهش».
موضوعات مقترحة
الطريف أنه مهما مرت الأيام والسنوات، فإن أهل المدينة من الصعب أن ينسوا الرجل الفكاهى «عطية المدهش» ملك الإفيهات اللطيفة التى كان يقتبسها من أفيشات الأفلام القديمة من خلال جيرته مع دار السينما الصيفية «بدر» التى اندثرت وتهدمت فيما بعد، وهى الإفيهات التى كان يطلقها على الكنافة والقطائف والبسبوسة وبلح الشام لجذب الأهالى للشراء مثل «كنافة هانم»، «الراقصة الكبيرة قطايف»، الفنانة القديرة بسبوسة، وينادى بلح الشام بالأستاذ حمام وهكذا.
تقول الحاجة فاطمة المُدهش إنه بعد وفاة أبيها ورث الأبناء والأحفاد هذه العادة الرمضانية التى يحرصون عليها فيها فى شهر رمضان ، كما يصرون على تعليق ذات البانارات القماشية القديمة، مشيرة إلى أن الكنافة الطبيعية ذات مذاق أحلى من تلك التى يتم تصنيعها آليا، فخلطة العجين البلدى لا تحتاج سوى لدقيق وماء و«نَفس حلو»، فالنَفَس هنا هو سر الصنعة فى كنافة المدهش.
وتوضح الحاجة فاطمة أن البدء فى تجهيز سرادق التصنيع ينطلق قبل حلول ليلة النصف من شعبان بتركيب الفرن القديم الذى، وكما تقول، مازلنا نحتفظ به، وبعدها يتم تركيب الصينية الصاج وتلميعها وتجهيزها وتعليق الزينات استعدادًا للشهر الكريم، وعن الأسعار تقول إنها لا تهدف إلى الربح فى هذه المناسبة الكريمة بقدر ما تحرص على إحياء العادة التى ورثتها من أبيها وسيتوارثها فيما بعد جيل بعد جيل، وقالت إن فترة الظهيرة تشهد إقبالًا من الموظفين وربات البيوت على شراء القطائف لتجهيزها قبل انطلاق مدفع الإفطار، وفى الفترة ما قبل السحور وعقب صلاة التراويح يكثر الإقبال على الكنافة والرقاق الذى يعشقه الأسوانيون فى السحور بعد تجهيزه باللبن.
ويقول رأفت محمد رشيدى عامل عجين: منذ 25 عامًا وأنا حريص على العمل باعتباره عادة قبل أن يكون مهنة، مشيرًا إلى أن الرمية الواحدة ويقصد العجين تستغرق 3 ساعات من العمل، والحمد لله يمنحنا الله القدرة على الصبر والتحمل فى الصيام، حيث نعمل أمام الفرن فى درجة حرارة عالية، وخلال عملنا نقوم برش العجين اللين من خلال «إناء» مثقوب على «الصاجة» لمدة ثوان معدودة وسرعان ما نرفعه ونمسح «الصاجة»، ثم نضع قليلًا من الزيت عليها وهكذا.
وأضاف أن العمل يبدأ من 8 صباحًا ويستمر طوال اليوم على فترتين، لأن معظم من يعمل فى هذه الصنعة إما موظفون أو يعملون فى مجالات أخرى.
وعن طبيعة الكنافة والحلويات الرمضانية البلدية، يقول الشيف أنور عبد العزيز «حلوانى» إن هناك فارقًا كبيرًا ما بين الحلويات البلدية والشرقية، فالأولى مذاقها أحلى والثانية أجمل فى الشكل، مشيرًا إلى أن أهالى أسوان القدامى يفضلون شراء الكنافة البلدى والقطائف لإعدادها فى البيوت، حرصًا منهم على تواصل عادة أصيلة لديهم من عادات الشهر العظيم، أما الأجيال الجديدة غير المتفرغة فتتجه لشراء الحلويات الجاهزة من المحال.
ويوضح الشيف أنور أن الكنافة البلدى هى الملكة المتوجة على عرش الحلويات الرمضانية باعتبارها وجبة متكاملة، خاصة بعد أن تضاف لها كميات من اللبن، لافتًا إلى أن ست البيت من السهل أن تتفنن فى إعداد صينية الكنافة البلدى الشهية وغير المكلفة، حيث يستعاض عن المكسرات الغالية بالفول البلدى الحلوانى وجوز الهند لتكون فى متناول الجميع، أما بالنسبة للقطائف، سواء حادقة أو حلوة فيتم قليها بالزيت أولا وتُسقى بالشربات أو تترك هكذا، والحال نفسه بالنسبة لبلح الشام وصوابع زينب ولقمة القاضى.
وتقول هند عبد المنعم، ربة منزل: إنها تحرص على أن تكون جميع أكلاتها من صنع يديها، خاصة الكنافة والقطائف باعتبارهما نجمى الموائد الرمضانية ولا جدال، مشيرة إلى أن مائدة الإفطار الرمضانية لا تخلو على الإطلاق من القطائف الحادقة باللحوم والجبن، كما لا تخلو من طبق الحلو، سواء كان قطائف أو كنافة بلدى، «والبلدى بكل تأكيد يؤكل».