والوجوب فى حق المسلم البالغ العاقل القادر على الصيام، فالإْسْلاَمُ شَرْطٌ عَامٌّ لِلْخِطَابِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، والْعَقْل، إِذْ لاَ فَائِدَةَ مِنْ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ بِدُونِهِ، فَلاَ يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى مَجْنُونٍ إِلاَّ إِذَا أَثِمَ بِزَوَال عَقْلِهِ فِى شَــرَابٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ بَعْدَ الإْفَاقَةِ، والْبُلُوغُ، وَلاَ تَكْلِيفَ إِلاَّ بِهِ؛ لأِنَّ الْغَرَضَ مِنَ التَّكْلِيفَ هُوَ الاِمْتِثَال، وَذَلِكَ بِالإْدْرَاكِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْفِعْل - كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِى الأْصُول - وَالصِّبَا وَالطُّفُولَةُ عَجْزٌ، وَنَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِهِ الصَّبِيُّ لِسَبْعٍ - كَالصَّلاَةِ - إِنْ أَطَاقَهُ، وَيُضْرَبُ عَلَى تَرْكِهِ لِعَشْرٍ. وَالْحَنَابِلَةُ قَالُوا: يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ أَمْرُهُ بِالصَّوْمِ إِذَا أَطَاقَهُ، وَضَرْبُهُ حِينَئِذٍ إِذَا تَرَكَهُ لِيَعْتَادَهُ كَالصَّلاَةِ، إِلاَّ أَنَّ الصَّوْمَ أَشَقُّ، فَاعْتُبِرَتْ لَهُ الإطَّاقَةُ لأِنَّهُ قَدْ يُطِيقُ الصَّلاَةَ مَنْ لاَ يُطِيقُ الصَّوْمَ ، كذلك يشترط لوجوبه: الْعِلْمُ بِالْوُجُوبِ، فَمَنْ أَسْلَمَ فِى دَارِ الْحَرْبِ، يَحْصُل لَهُ الْعِلْمُ الْمُوجِبُ بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ مَسْتُورٍ وَامْرَأَتَيْنِ مَسْتُورَتَيْنِ أَوْ وَاحِدٍ عَدْلٍ، وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا فِى دَارِ الإْسْلاَمِ ، يَحْصُل لَهُ الْعِلْمُ بِنَشْأَتِهِ فِى دَارِ الإْسْلاَمِ، وَلاَ عُذْرَ لَهُ بِالْجَهْل.
موضوعات مقترحة
أما شُرُوطُ وُجُوبِ أَدَائِـــهِ: (وشُرُوطُ وُجُوبِ الأْدَاءِ هى التى بها يتم تَفْرِيغُ ذِمَّةِ الْمُكَلَّفِ عَنِ الْوَاجِبِ فِى وَقْتِهِ الْمُعَيَّنِ لَهُ) وهِيَ:
أ- الصِّحَّةُ وَالسَّلاَمَةُ مِنَ الْمَرَضِ لقوله تعالى: «شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ، يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى مَا هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (185) البقرة: ١٨٥
ب – الإْقَامَةُ، لِلآْيَةِ نَفْسِهَا. قَال ابْنُ جُزَيٍّ: وَأَمَّا الصِّحَّةُ وَالإْقَامَةُ، فَشَرْطَانِ فِى وُجُوبِ الصِّيَامِ، لاَ فِى صِحَّتِــــهِ، وَلاَ فِى وُجُوبِ الْقَضَاءِ، فَإِنَّ وُجُوبَ الصَّوْمِ يَسْقُطُ عَنِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَيَجِب عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ، إِنْ أَفْطَرَا إِجْمَاعًا، وَيَصِحُّ صَوْمُهُمَا إِنْ صَامَا.
ج - خُلُوُّ الْمَرْأَةِ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ؛ لأِنَّ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ لَيْسَتَا أَهْلًا لِلصَّوْمِ ، وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا لَمَّا سَأَلَتْهَا مُعَاذَةُ مَا بَال الْحَائِضِ، تَقْضِى الصَّـــــــوْمَ وَلاَ تَقْضِى الصَّلاَةَ؟ فَقَالَتْ لها: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قُلْتُ لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّى أَسْأَل، قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ. أخرجه البخارى ، ومسلم واللفظ لمسلم. فَالأْمْرُ بِالْقَضَاءِ فَرْعُ وُجُوبِ الأْدَاءِ. وَالإْجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى مَنْعِهِمَا مِنَ الصَّوْمِ وَعَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ .عَلَيْهِمَا