Close ad

الحب يقوى المناعة ويكافح الأمراض

18-2-2021 | 17:54
الحب يقوى المناعة ويكافح الأمراض الحب يقوي المناعة
عزيزة فؤاد
نصف الدنيا نقلاً عن

أنا أحب إذن أنا موجود.. الحب هو الذى يربطنا بالحياة، وبدونه نمرض ونضعف وتهاجمنا الأمراض، ويحمل الإنسان أسرار الحب، مفتاحها الأصلى فى المخ قد لا يعرف البعض أن المسؤول عنه مجموعة من الهرمونات على رأسها هرمون «الأوكسيتوسين» الذى اكتشفه العلماء منذ سبعينيات القرن العشرين وله تأثير السحر على حياتنا وصحتنا البدنية والنفسية وقوة مناعتنا.

موضوعات مقترحة

فى يوم الحب نكشف عن أسرار أكثر ومفاتيح المخزون العاطفى التى نحملها جميعا دون أن ندركها، فكيف تلعب هرمونات الفرح والسعادة دورها فى حياتنا، وكيف تؤثر على سلامة صحتنا ومناعتنا، سؤالٌ نجيب عنه هُنا.

الدكتور محمود حمودة أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر وعضو الجمعية الأمريكية والحائز على جائزة الدولة التقديرية، يقول: إن الحب شعور إنسانى داخلى، وشعور كونى بين سائر المخلوقات، فهناك حب يمكن أن يكون متبادلًا أو من طرف واحد ربما للإنسان، أو للحيوان، أو للنبات والزرع، وربما للمكان والجماد، فنحن نحب أماكن بعينها ونستريح فيها، ونضيق بأخرى ولا نطيقها، وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى بأن الكون من حولنا يتفاعل ويبكي، فإذا كان الحب هو القمة التى ينشد الإنسان الوصول إليها، فيجب أن ندرك أن كل خلية من خلايا أجسادنا لابد أن تتأثر بهذا الحب.

ويرى د. حمودة أن الحب الإيجابى الذى يؤثر بالفعل على صحة ونفسية ومناعة الإنسان، هو حب الله الذى يُولَد لدى الإنسان، خصوصًا فى حالة ضعفه ومرضه، يقينا بأن هناك قوة أعظم يستطيع بعد الأخذ بالأسباب التى يَسَّرَهَا له أن يَرْكَن إليها، ويطمئن إلى وجودها وقدرتها، ويرضى بعطائها وابتلاءاتها، فطاقة الحب الهائلة المستمدة من حب الله والرضا بعطائه تولد طاقة الإرادة والأمل فى الشفاء، وأثبتت الأبحاث أن الإحساس بالحب والتعبير عنه إنما يمثلان الملجأ النفسى الآمن الذى يستطيع المريض أن يلجأ إليه، لذا نصحنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن نعبر عن حبنا لمن نحب فقال: «إذا أحب أحدكم أخاه فليقل له إنى أحبك»، فذلك يزيد الحب بينهما، وينبغى أن يزداد الحب والإحساس والعطاء للآخرين حين يمرض الإنسان.

ويوضح أن هناك مجموعة من الهرمونات الطبيعية التى يفرزها الجسم بصورة طبيعية لدى الرجال والنساء هى السبب وراء مشاعرنا، فمثلا هرمون الأوكسيتوسين له تأثير على السلوك، والحب، بالإضافة إلى الوظائف البيولوچية فى الإنجاب لدى الإناث، وهو هرمون يُصنَّع فى الدماغ، فى منطقة ما تحت المهاد، وتنقله وتفرزه الغدة النخامية التى تقع فى قاعدة الدماغ، لكن يتم تحريره أيضا من مناطق محددة من الدماغ، والتى تشارك فى السلوكيات العاطفية والمعرفية والاجتماعية، وجذب هذا الهرمون الانتباه الشديد بعد اكتشاف أن له مجموعة مذهلة من الوظائف السلوكية والاستجابات العاطفية التى تسهم فى الاسترخاء والثقة والاستقرار النفسي.

واستطرد د. حمودة قائلًا: ومع ذلك، يشير استعراض آخر إلى أنه هرمون لا يتصرف وحده فى كيمياء الحب، لكنه من العناصر المهمة فى النظام الكيميائى العصبى المعقد الذى يسمح للجسم بالتكيف مع الأوضاع بالغة الحساسية، بما فى ذلك الآثار المترتبة على رعاية الأمومة والعدوان، والترابط بين الزوجين، والسلوك الجنسي، والذاكرة الاجتماعية.

ويشير إلى أن الهرمون الأوكسيتوسين يُفرز طبيعيا أثناء العلاقة الحميمة بين الزوجين، ولا يُفهم السبب فى ذلك، لكنه فى النساء يزيد من حركة الرحم لتساعد على حركية الحيوانات المنوية ووصولها إلى تخصيب البويضة، وهذا الهرمون قادر على فعل العجائب فى حياة الإنسان على صعيد الصحة العامة والصحة النفسية وتصرفاتنا، وهناك دراسات تؤكد أنه يشجع على الكرم، ويساعد على النوم، ويخفف من التوتر، ويعزز من غريزة البقاء وتواصل المهارات الاجتماعية وتقوية العلاقات والروابط، كما أنه مسؤول عن الشعور بالهدوء والطمأنينة ويوثق الروابط بين العشاق، ويفرز عند ملامسة وعناق العاشقين لبعضهما، وعادة ما يكون السبب حول الشعور إلى حاجة الوجود بالقرب من المحبوب.

واستطرد أن الدراسات أظهرت أن هذا الهرمون موجود بنسب عالية لدى الأمهات ويساعد فى إفرازهن اللبن ويربطهن بأطفالهن.

كما قال إن هناك هرمونات أخرى تكمن فى استمرار علاقة الحب منها هرمون الدوبامين المسؤول عن سعادة الدماغ، فعندما يقع أحدهم فى الحب، يبدأ إفرازه ويُبقى على الشعور بالبهجة والحيوية، وهو السبب فى تركيز الشخص على معشوقه فقط، ويمكن أن يُفرز هذا الهرمون فى المراحل المبكرة من الحب، ويمكن أن يمتد إلى مراحل متقدمة.

وأشار إلى أن التستوستيرون يعتبر هرمونًا ذكوريًّا، لكنه فى الحقيقة يُفرَز لدى الرجال والنساء، بنسب أكبر عند الرجال، ويُفرَز عند تقارب العاشقين بشكل كبير، ويحفز على تطور العلاقة.

وأكد أن هرمون النورأدرينالين يُفرَز عندما يرى الشخص من يحب، أو يدرك أن الذى يحبه قد رآه، ويكون مسؤولًا عن تسارع نبضات القلب والشعور بالارتباك وارتفاع درجة حرارة الجسم، كما يمكن أن يؤدى إلى التعرق وجفاف الفم والتلعثم بالكلام والشعور بالحرج.

أما الهرمونات، فهى عبارة عن نواقل كيميائية داخل الجسم، ويُعتقد أن لها دورا كبيرا فى الانجذاب الجسدى لدى العشاق.

ويقول د. محمود حمودة: ولأن الزوجين هما أكثر المنتفعين بهذه الهرمونات، فعليهما تفعيل هرمون الحب باستثارته دومـا بالمودة والرحمة والأُلفة التى جعلها الله ملكا لهما.

الحب والمناعة
بينما يربط الدكتور عبدالهادى مصباح أستاذ الميكروبيولوچي والمناعة الحب بصحة وقوة جهازنا المناعى الذى يكافح الأمراض ويهزمها، فيرى أنه عامل أساسي فى كفاءة الجهاز المناعى، لأنه يعكس حالة الجسم الصحية، وحالة القلب والدماغ، أى أنه يعكس إحساس الإنسان ومشاعره وتفكيره.
وأضاف أنه ثبت علميًّا أن هناك علاقة وثيقة بين جهاز المناعة ومخ الإنسان ومزاجه، بعدما تبيَّن أن جهاز المناعة يفرز الموصلات العصبية نفسها التى يفرزها المخ، ولا يمكن فصل جهاز المناعة عن المزاج العاطفى عند الإنسان. وكثيرا ما نسمع فى القصص والحكايات عن أشخاص ماتوا من الحب.
ويبدو أن الذين مرضوا بالحب هم الذين ضعف جهازهم المناعي، وبالتالى أصبحت أجسامهم عرضة لكثير من الأمراض، فالحب وحده كفيل بعلاج أوجاعنا وأمراضنا، لأن المرض أيًّا كان، هو نقص فى طاقة الحياة لدى الإنسان، وطاقة الحب نفسها هى طاقة الحياة، ففى اللحظة التى يهيئ الإنسان فيها نفسه لهذا الشعور سيشعر بالشفاء والتحسن حتى يتجلى ويظهر أثره على صحته وقوة مناعته المسؤولة عن كل أجهزة جسده.

ويشير د. مصباح إلى تأثير الوحدة والانعزال والحالة النفسية السيئة على كفاءة الجهاز المناعى، قائلًا: أثبت العلماء من خلال أكبر دراسة أجريت فى جامعة ميتشجان الأمريكية أن نسبة حدوث الوفيات نتيجة الإصابة بالأورام السرطانية والأمراض النفسية الخطيرة مثل الاكتئاب العقلى والفصام وغيرهما، تزيد ثلاث مرات فى الأشخاص الذين يعيشون فى وحدة وعزلة عن أسرهم وعن المجتمع والأصدقاء، وخلصت نتائج هذه الدراسة إلى أن الوحدة والانعزال من أخطر العوامل التى تؤثر على صحة الإنسان ومناعته وأيضا عمره.
وأوضح أن من الأبحاث المهمة أيضا تلك التى خرجت من جامعة بنسلفانيا الأمريكية والتى أثبتت أن الأشخاص الذين يعيشون حالة من الحب الرومانسى الواعد تقل عندهم مستويات حامض اللبنيك فى دمهم، فى الوقت الذى ترتفع فيه مستويات الإندورفينات أو الأفيونات الداخلية لديهم، مما يجعلهم أقل إحساسا بالتعب، وأقل تعرضا للإحساس بالألم، كما أن الاختبارات التى أجريت على كرات دمهم البيضاء أثبتت أنها تعمل بكفاءة أكبر أثناء هذه الحالة عنها فى الحالات المزاجية العادية.
وأوضح أن الباحثين فى جامعة هارفارد الأمريكية وجدوا أن مشاهدة الأفلام العاطفية، وقصص الحب الرومانسية، وكذلك الأفلام الكوميدية، تزيد من نسبة الأجسام المناعية المضادة (جلوبيولين المناعة A) فى الأغشية المخاطية المبطنة للفم والأنف والموجودة فى اللعاب، والتى تمثل خط الدفاع الأول للوقاية من البرد والأنفلونزا.

كما أن أحد أبحاث لارى يونج أستاذ الطب النفسى فى جامعة إيمورى فى أتلانتا الأمريكية أكد أن النفس البشرية خزانة للمشاعر الإيجابية ذات الأثر الفاعل فى تغيير حياة الآخرين، وهى زاخرة بما يمكن أن يكون ترياقًا للكثير من العِلل الذاتية وعِلل الآخرين، ومن هنا يمكن اكتشاف العلاج للعديد من المشكلات داخل نفوسنا وقلوبنا ومشاعرنا ومكنوناتنا الداخلية، وبإمكاننا بنظرة متعمقة للحياة أن نغيِّر مشاعرنا تجاه الآخرين، ونجعلها مشاعر حُبّ وصدق ووفاء وحُبّ للخير لكل الناس، بل والسعى من أجل تحقيقها، لأن النفوس الطيبة والقلوب السليمة ترى سعادتها فى سعادة الآخرين، ومن هنا يتحول الحب النابع منها إلى دواء يسرى فى أوصال الغير، ويعالج ما لديهم من عِلل ومشكلات ومعاناة وآلام.
ويؤكد د. عبدالهادى مصباح أن الابتسامة والتسامح والهدوء والراحة النفسية والإيثار والكلمة الطيبة ومساعدة الآخرين وإبداء النصح وحُبّ الخير والصدق فى التعامل، جميعها من مظاهر الحب التى تصنع الفرح، وتحقق الراحة النفسية والصحية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: