Close ad

الروائي والشاعر الكويتي حمود الشايجي: الرواية ليست وثيقة تاريخية

4-5-2021 | 00:25
الروائي والشاعر الكويتي حمود الشايجي الرواية ليست وثيقة تاريخيةالشاعر الكويتى حمود الشايجي
حوار - السيد حسين
الأهرام العربي نقلاً عن

المشهد الثقافى الكويتى يعيش عصر ه الذهبى

موضوعات مقترحة

لست ديمقراطيا ولا ديكتاتورياً مع شخصياتى أنا مجرد أداة لإخراج أصواتها


أكد الروائى والشاعر الكويتى حمود الشايجى، أن تجربة كورونا الحالية تجربة وجودية، ستغير الكثير من الرؤى الزائفة التى كان يجرى وراءها الكتاب، من شهرة وجوائز وغيرها من مفاهيم السوق، وهذا ما سيعود إلى إعلاء من جودة المنتج الإبداعى نفسه.

والشايجى شاعر وروائى كويتى حاصل على درجة البكالوريوس فى العلوم السياسية والفلسفة، عمل فى السلك الدبلوماسى فى سفارة دولة الكويت فى بلجراد (صربيا)، ويعمل فى وكالة الأنباء الكويتية «كونا»، وتنوعت إصداراته ما بين الشعر والرواية فقد صدر له ثلاثة دواوين شعرية هى «هيولى»، و«العزف الثامن» و«عشق»، وفى الرواية «شيخ الخطاطين» و«جليلة»، وصاحب أول كتاب تفاعلى مع شركة «آبل» فى الشرق الأوسط.

وأضاف الشايجى فى حواره مع «الأهرام العربى» أن المشهد الثقافى الكويتى يعيش عصره الذهبي، فرغم التحديات التى تواجه الشباب، فهناك نهضة على مختلف الأصعدة.

> عرفك القراء شاعرا، ثم تحولت إلى الرواية، كيف سحبتك «غواية السرد» من الشعر؟
بدأت فى سن مبكرة الكتابة، كتبت خلال مراحل الدراسة قبل الجامعية القصة القصيرة، فأنا لست غريبًا عن السرد، لكنى اخترت الانتقال إلى الشعر، فخطفنى من عالم السرد، وبقيت فيه إلى أن عرفنى الناس بكونى شاعرا، لكن بكلتا الحالتين بالشعر أو حتى فى السرد لاحظ النقاد اهتمامى الكبير فى الصورة والمشهدية فى أى نص أكتبه إن كان سرديا أو شعريا، فلغتى الداخلية هى التى تتحكم بى وبحركة كتابتي، ولست أنا من يحركها بتعمد، حتى لو كنت أتحرك بوعى بتزويد ذاتى بكل ما يسعفها بحركة الكتابة، فأنا أقرأ غالبًا ما لا أكتبه، أو بالأصح أقلل من قراءة النوع الذى أكتبه، فأشبع نفسى بفنون أخرى، لتتحول داخلى إلى فنون عن طريق لا وعى إلى عوالم خاصة بى تخرج عن طريق الكتابة بأى شكل هى تريد، الرواية أعطتنى مساحة أكبر بالكشف الذاتى بالإضافة، فانسيابية السرد وتدفقه تساعدنى ككاتب باكتشاف من أكون.

> كان الشاعر لسان قبيلته، ثم لسان حال قضايا تحررية إلام نعزو تراجع الشعر مفسحاً المكان للرواية؟
لا أعتقد أن الشعر تراجع، أعتقد أن الشعر انطلق إلى حريته، فمفهوم السوق هو الذى يضيق القدرة الإبداعية، وما تراه اليوم من توجه الناس لقراءة الرواية على حساب الشعر، هذا أعطى للشعر قدرة على الابتكار أكثر من قبل، فالشاعر لم يعد يفكر كم نشر، لكنه بات يفكر كيف يقرأ، وهناك فرق بين الانتشار والقراءة، فقراءة الشعر نوع من أنواع التأمل، لم يعد يقدر عليها القارئ العادى، فحالة الزحام التى نحن بها لا يستوى معها تأمل الشعر فمال الناس إلى الرواية، لأن لها القدرة على مواكبة الزحام الذى يعيشه العالم، وتكون للإنسان حياة موازية يلجأ لها كمهرب أو كمواس لزحام حياته الطاحن الوحشى، أما الشعر فهو كشف يستعان عليه بالتأمل، ولا يقدر كثير من القراء على هذا التأمل ولا هذا الكشف، الرواية تعمل عمل المسكن لهذا العالم الذى لا يريد أن يتحرك إلى خلاصه عن طريق كشف الشعر.
أما الشعراء الذين ذكرتهم، مع احترامى لهم، فشعرهم الثورى هو ليس الذى اعتقد الناس أنه ثورى، بل هو ذلك الشعر الذى أهمله الناس لعدم مباشرته وصوته العالي، الشعر صاحب الصوت العالى المباشر هو شعر آنى يعمل عمل المخدر اللحظى.

> كيف ترى المشهد الثقافى والأدبى فى الكويت حاليًا؟
المشهد الثقافى الكويتى يعيش عصر من عصوره الذهبية، فرغم كل التحديات لكن الشباب وقوتهم تعلن أنهم أقوى من هذه التحديات، وهذا ما نشهده على أصعدة عديدة منها الأدبى والفنون التشكيلية والموسيقية والفنون الأخرى، النشاط الثقافى فى الكويت نوعى جدًا. وأعتقد أن للمشهد الثقافى الكويتى أشياء أكثر مما يقدم الآن.

> فى روايتك «جليلة» رصد للتغيرات التى رافقت مرحلة تأسيس الدولة الحديثة فى الكويت، وإلى ليلة الاستقلال فى 19 يونيو 1961. لماذا اخترت تلك الفترة تحديدًا؟
مع بعد المسافة بينى وبين رواية جليلة وانغماسى فى كتابة عمل جديد، أشعر أنى أقرب إلى قارئ، من كونى كاتب العمل الروائي، لذلك اسمح لى بهذا الجواب من زاويتى كقارئ للعمل، أعتقد أن أهمية رواية جليلة تكمن أنها فتحت المسكوت عنه فى مجتمع مغلق مثل المجتمع الكويتي، فحكايتها برغم أنها تمتد على تاريخ الكويت منذ الربع الأخير من القرن الـ 19 إلى سنة 1961 سنة استقلال الكويت، لكن الرواية أخذت تكوينها من علاقة أسرة الشيخ مراد، وهى إحدى الأسر المهاجرة إلى الكويت، كحال باقى الأسر التى هاجرت إلى الكويت، وخلال هذه الهجرة نرى كثيرا من العلاقات ورأس هذه العلاقات علاقة العبيد مع المجتمع، علاقة الرجال ببعضهم البعض، فتن النساء وقوتهن، وقدرتهن على تحريك أحداث الحياة كلها ولى فقط أحداث الرواية، فالمرأة فى رواية جليلة كانت صاحبة الدور الأكبر، فأساس حركة الرواية التى تغطى مدة زمنية مهمة فى تاريخ الكويت، وهى مرحلة تأسيس الكويت الحديثة، هى فى الوقت نفسه تتحدث عن حركة العلاقات فى المجتمع خلال هذه الفترة التى بها الكثير من التغيرات الداخلية والخارجية، ومنها الحربان الأولى والثانية، بالإضافة إلى احتلال فلسطين، وما جرى لليهود الكويتيين. فهى رواية أجيال تحكى عن علاقات الإنسان وتطورها فى فترة تاريخية محددة.

> هل تعتبر الرواية التاريخية وثيقة لقراءة التاريخ؟
الرواية ليست وثيقة تاريخية، الرواية هى وسيلة كشف للتاريخ.

> هل أنت ديمقراطى مع شخصيات أعمالك؟
أنا لم أقترب من الواقع، بل عشت الواقع داخلى، حتى أنى أستطيع أن أقول إن هذه الشخصيات هى شخصيات حقيقية. أما ما يخص كونى ديموقراطيا، فأنا لست ديمقراطيا ولا ديكتاتورياً مع شخصياتى، أنا مجرد أداة لإخراج أصواتهم لهذه الحياة، فى بداياتى كنت أعتقد بأنى المتحكم فيهم، لكن اليوم أستطيع أن أجزم بأنهم هم من يحركونى، وهم من يفرضون على ما يريدون، وكيف ستتحرك حيواتهم فى الرواية، فى السابق كنت أعتقد بأنى خالق هذه الشخصيات، لكنى الآن أعتقد بأنها هى من تخلقنى.

> هل يحق للروائى وهو يكتب رواية تاريخية أن يغير حقائق معروفة على مستوى الحدث أو الشخوص؟
أنا غالبًا أفكارى تعيش بى مددا طويلة ولا أخرجها إلا إذا اختمرت بشكل جيد، وأعتقد أن لكل روائى طريقته، أما ما يخص تغيير الحقائق، فأعتقد أنه يستطيع العمل على ملابسات الحقائق، كيف تكونت وكيف ظهرت، يستطيع التشكيك بها، كشف الخداع بها، لكنه لا يستطيع أن يغيرها بشكل نهائى.

> تعتمد التبسيط فى اللغة.. هل هى ميزة أم أن العمل يفرض مستوى اللغة؟
لغتى بسيطة لكن تركيباتى مغايرة غير اعتيادية، فأكثر ما أكرهه فى اللغة هى الكلاشيهات، والمفردات المتكررة بلا قيمة إضافية، وهذا جاءنى بفضل تجربتى الشعرية.

> من يقرأ حمود الشايجى الروائي، يكتشف أن اللغة الشعرية تطغى على نصه، إلى أى حد ترى أهمية وجود الشاعر داخل النص؟
ربما فى تجربة رواية شيخ الخطاطين كان الوجود الشعرى واضحًا، لكن فى رواية جليلة كانت المشهدية أعلى، لكن بكلتا الحالتين، لا غنى للرواية عن الشعر، فالرواية التى تخلو من قوة الشعر التأملية، رواية ناقصة.

> أنت شاعر وروائى دعنى أسألك عن العلاقة التى تراها متكاملة بين الشعر والرواية؟
الكشف.

> صدر لك بعض الأعمال ما بين الشعر والرواية، كيف ترى تلك الرحلة؟
كل كتاب كان رحلة بحد ذاته، استمتعت بها، وأكثر ما أحبه فيهما إنهما يعيننى على كتاباتى الجديدة.

> كيف أضافت لك البيئة المحيطة بك؟
عشت فى أكثر من مدينة فتشكلت عندى تجارب أسهمت فى تشكيل تجربتى الشخصية الإنسانية، هذا بالنسبة إلى التجربة الخارجية لى لكن تجربتى الخاصة والداخلية فهى أيضًا متشعبة ومتعددة، فتجربتى الخاصة والداخلية هى بيئتى التى أرى بى نفسى بها أكثر استقرارًا وأكثر إنتاجية.
فهى التى أتاحت لى أن أكون أنا كما أريد، كاتباً ملتزماً بالكتابة.

> ما المطلوب من الشعر الآن؟
الكتابة لا تحمل حلولا بمجملها، هى تحمل قراءات جديدة للواقع، الحلول هى أمور خارج الكتابة، فالرواية أو الشعر لا تطرح حلولا، هى تطرح طرق تفكير، لذلك علينا ألا نحملها ما ليس فيها.

> أنت من الجيل الجديد من الروائيين فى الكويت، برأيك ما المختلف بين جيلكم وجيل الرواد؟
تحرر الجيل الحالى من الإيديولوجيات السياسية التى كانت تحكم المشهد الثقافى العربى ككل وليس الكويتى فقط، فكان يحكم على النص من إيديولوجية صاحبه، وليس من جودة النص الروائى نفسه، وهذا تحرر يميز الجيل الحالى.

> لو سألتك عن أهم المحطات المؤثرة فى حياتك، كيف تقدمها للقراء؟
هناك محطات كثيرة مررت بها، كلها أسهمت فى شيء واحد هو أن أكون أنا، بعيدًا عن شيء آخر غيرى.

> من هم الكتاب الذين تركوا أثراً فيك؟
يصعب علىّ ذكرهم كلهم، لكن هناك كاتبين أصر على مراجعتهما بين فترة وأخرى هما أدونيس ونجيب محفوظ.

> هل من خطوط حمر؟
خطى الأحمر الوحيد ألا أكون أنا.

> كيف ترى الإنتاج الروائى العربى هذه الأيام؟
الكثرة فيه كشفت عن كيف رائع، فكثرة الإنتاج الروائى جعلتنا نتعرف إلى روائيين رائعين ومهمين ليس على المستوى العربى فقط بل العالمى.

> نعيش أوقاتًا صعبة فى بلداننا العربية فماذا تفيد الكتابة؟
تسهم الكتابة فى خلق طرق جديدة للتفكير، وهذه الطرق ستخرج الإنسان العربى من القوالب التى حوصر بها لمدة سنوات.

> يعيش العالم حالياً حالة من الخوف والقلق بسبب فيروس كورونا.. كيف يكون دور المبدع هنا؟
هذه التجربة الوجودية، ستغير الكثير من الرؤى الزائفة التى كان يجرى وراءها الكتاب، من شهرة وجوائز وغيرها من مفاهيم السوق، وهذا ما سيعود إلى إعلاء من جودة المنتج الإبداعى نفسه.

> فى تصورك هل سيتغير العالم بعد الخلاص من هذا الوباء؟
بعد أى تجربة وجودية يتغير الإنسان، وهذه التجربة التى نمر بها هذه الأيام لم تكن تجربة فردية بل تجربة وجودية جماعية، أعتقد أن العالم كله سوف يتبدل بعدها.

> هل نالت تجربتك فى الكتابة حظها من المتابعة النقدية؟
علاقتى مع الكثير من النقاد أفادتنى على مستوى تطوير المنتج الإبداعى الخاص بى، فأنا أقوم بالكثير من المحاورات والنقاشات النقدية الخاصة وذلك لتطويرى الذاتى وتطوير تجربتى.

> انتشار الجوائز الأدبية العربية... هل تراها ظاهرة إيجابية؟
الجوائز العربية مهمة جدًا، لكنها بالوقت ذاته لا تقدم بالضرورة أجمل الأعمال الإبداعية، وذلك لأحكام عدة.

> هل الكتابة تمرد؟
نعم هى تمرد على الذات قبل أى شىء آخر.

> طموحاتك؟
أكتب إلى آخر يوم فى حياتى.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: