Close ad

مثقفون لـ"بوابة الأهرام" في رثاء وحيد حامد: هزم التطرف بالفن واهتم بأشكال الحياة | صور

2-1-2021 | 16:46
مثقفون لـبوابة الأهرام في رثاء وحيد حامد هزم التطرف بالفن واهتم بأشكال الحياة | صوروحيد حامد
أميرة دكروري

حالة من الحزن انتابت محبي السينما برحيل الكاتب والسيناريست الكبير وحيد حامد، الذي رحل عن دنيانا اليوم، تاركًا إرثًا ضخمًا من الفن والمحبة.

موضوعات مقترحة

عبر عدد من المثقفين والنقاد لـ"بوابة الأهرام" عن ذلك الحزن لرحيل واحد من أعمدة الكتابة السينمائية في مصر والوطن العربي فيما يلي: 

قال الكاتب السوداني حمور زيادة الأستاذ وحيد حامد شكل جزءاً مهماً من وعي وذاكرة أجيال بما قدمه في مجال الدراما من مسلسلات وأفلام. بشكل شخصي ربما كان أول عمل لوحيد حامد يدخل حيز اهتمامي هو أحلام الفتى الطائر. حين عُرض المسلسل في السودان كنت طفلاً لا يعي أغلب ما يقال لكني أعجبت بشخصية إبراهيم الطائر. ثم اقتربت أكثر من عوالم حامد في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات حيث شكلّت أعماله ركيزة أساسية في نقد الفساد والتطرف.

وقال زيادة إن وحيد حامد نجح في هزيمة التطرف عبر الفن حيث كان خطاب التطرف دائما خطابا شعوبيا قادرا على إرباك غير المختصين. لكن حامد استطاع بسلاسة وعبر الفن المتقن أن يوجه ضربات موجعة للفكر المتطرف.

كان وحيد حامد مبدعاً مخلصاً لفنه، وقدّم أعمالاً لا أظن أنه من الممكن تجاوزها في مسيرة الفن المصري والعربي والإنساني.
ورحيله هو خسارة كبيرة للفن والاستنارة، لكن المؤكد أن ما قدمه سيظل خالداً وسيظل مقاوماً."

فيما أشار الكاتب محمود الورداني أنا مثل الكثيرين الذين أحبوا صاحب "طيور الظلام" الذي أصبحت أعماله جزءًا من الوجدان المصري حيث من الصعب أن تتصور مصر دون وحيد حامد، ليس فقط لانحيازاته الاجتماعية والسياسية للمصريين لصالح الحرية والتقدم ومواجهة الشر والتطرف لكن أيضًا لوفرة وغزارة إنتاجه، فهو من بين قليلين جدا اهتموا بحماية بلدنا ولم تكن صدفة أبدا إن آخر معاركه تكون ضد الفساد في أحد المستشفيات الكبرى، وختم حديثه قائلا: "الله يرحمك يا أستاذ وحيد ومع السلامة ياكبير".

الأمر نفسه أكده الكاتب الصحفي سيد محمود حيث لفت إلى أن حامد واحد من أهم الكتاب الذين استطاعوا أن يرسموا شكل التغيير والمجتمع المصري طوال 40 سنة، فكان صاحب الكلمة الأولي في رسم مشهد السينما المصرية من نهاية السبعينات على مدار 70 عامًا، وقد صنع نجوما كبارا من خلال كتاباته بدءا من عادل إمام ويسرا وصولا لآسر ياسين وروبي.

ـوحيد حامد
 

وأضاف محمود أنه استطاع أن يعطي كاتب السيناريو قيمة كبيرة حتى كانت تباع الأفلام باسمه أولًا، وارتبط بأسماء مخرجين كبار أمثال عاطف الطيب، وشريف عرفة، ومحمد ياسين وتامر محسن في المرحلة الأخيرة. ولفت إلى أن صاحب "البرئ" اعتمد بشكل أساسي في عمله على الأفكار الرئيسية كالتقدم والعدل الاجتماعي والانحياز للمرأة والتنوير وعلى الرغم من أنها أفكار تشغل معظم الكتاب إلا إنه خلق لها شخصيات من لحم  ودم، وفي قت من الأوقات كان على عكس عدد من الكتاب مثل أسامة أنور عكاشة، فكان من الصعب اكتشاف الخط الايدولوجي في أعماله، ذلك لأنه لم يكن مشغولًا بأيدولوجية بقدر ما انشغل بأشكال الحياة، وهو ما يجعله أكثر تأثيرا والميزة الأخرى أنه كان كاتبا شعبيا وتكاد تكون مقولاته جزءا من الحياة اليومية في مصر حاليًا.

وقال الناقد السينمائي رامي المتولي: "على الرغم من الغياب الجسدي للكبير وحيد حامد، إلا أن عزاءنا الوحيد فى أعماله وإبداعه الباقي للأبد، ومعه يخلد اسم وحيد حامد مثله مثل الفنانين العظام بشكل عام، وبشكل خاص وحيد حامد هو أفضل سيناريست مصري بلا منازع سواء من الناحية الفنية والجماليات أو من حيث التأثير والاشتباك مع القضايا الحقيقية الكبري التي شهدتها مصر، حيث يمتاز حواره دائما بالتكثيف وارتباط جمله الحوارية بالشخصيات والجمهور الذي يرددها بشكل متواصل ويستخدمها فى الحياة اليومية. 

وتابع: تمتاز موضوعاته بالتنوع ومناقشة قضايا متعددة من زوايا متعددة فى حال رغبته فى التركيز على قضية بعينها، كما هو الحال مع معركته المستمرة ضد الإرهاب وتسييس الدين، برحيل وحيد حامد لن نكون فقدنا فقط فنان وسيناريست عظيم لكن مثقفا وتنويريا هاما ظل على مدار اكثر من ٤٠ عاما يغذي الثقافة والفن ويطرح أفكارا للنقاش من خلال أعماله وحواراته الصحفية والإعلامية"

ولفت الكاتب الصحفي زين العابدين خيري إلى أن رحيل وحيد حامد هو خسارة كبيرة ليست للفن المصري فقط وإنما للفكر والثقافة والتنوير، فوحيد حامد لم يكن مجرد كاتب سيناريو كبير، وإنما كان مثقفا ومفكرا تنويريا عظيما، التقط مبكرا بحاسته الدقيقة خطورة التواطؤ الذي شهدته مصر بين التطرف والفساد والذي وصل إلى درجة التحالف في أوقات كثيرة، فكشفه وواجهه في الكثير من أعماله. 

ويضيف خيري: "وكما قلت في دراسة سابقة لي عنه أنه لم يكتف بكونه كاتب سيناريو يقدم قضايا حياتية معاصرة وينقلها إلى السينما بعين موضوعية ولا حتى ناقدة فقط، بل قام ومنذ نعومة أظفاره في هذا المجال بلعب دور المستشرف أو "العرّاف" فقد قام عبر عشرات الأعمال في السينما والتليفزيون بالغوص في أعماق المجتمع المصري مستخرجا أحشائه غير مكتف بدور المشرّح والمحلّل بل استشرف كل ما أصبح هذا المجتمع مقبلا عليه من خطر داهم نتيجة أمراض متفشية تنهش في جسد هذا الوطن دون أدنى محاولة من الأنظمة الحاكمة لمعالجتها. ولم يكتف حامد بتسليط الضوء على هذه الأمراض وإنما قام بتقديم روشتة لعلاجها تبدأ بمواجهتها أولا والاعتراف بها لا الهروب منها وإنكارها، وتفنيد أسباب نشأتها وترعرعها ثم تفشيها بهذا الشكل.

وتابع: ولم يكن وحيد حامد أبدا من نوعية الكتاب الذين يسيرون بجوار الحائط غير عابئين بآلام الوطن والناس في سبيل شهرة أو مال –وإن حققهما بقلمه فقط، وظل حافرا بقلمه في صلب جبل الفساد محاولا فتح ولو طاقة نور صغيرة. ولم يكن مشهد النهاية الذي كتبه وحيد حامد في فيلم "طيور الظلام" (1995) إلا المستقبل الذي تنبّأ به العرّاف يتشكّل استعدادا لأن يلعب به تحالف الفساد والإرهاب."

وحيد حامد
 

وكشف زين خيري أن صاحب "الإرهاب والكباب" قد بدأ أديبا ولولا احترافه وانشغاله بكتابة السيناريو والحوار لكان واحدا من أهم روائيينا وقصاصينا، حيث قام الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور بنشر مجموعته القصصية "القمر يقتل عاشقه" في أواخر الستينيات في سلسلة "كتابات جديدة" التي تصدرها وزارة الثقافة، إيمانا بنبوغ هذا الشاب المبكّر وتميّزه الأدبي، وقد نشرت له مجلة "المجلة" إحدى قصصه في عددها الخاص الذي صدر في أغسطس 1966 بعنوان "طلائع القصة القصيرة" ليزامل بذلك وحيد حامد مجموعة من أكبر الأدباء المصريين في جيل الستينيات الذين برزت أسماؤهم فيما بعد من أمثال إبراهيم أصلان وخيري شلبي وبهاء طاهر وبكر رشوان وجميل عطية إبراهيم ويحيي الطاهر عبدالله وعز الدين نجيب ومجيد طوبيا ومحمد حافظ رجب وجمال الغيطاني وأحمد الشيخ وسعيد الكفراوي ومحمد البساطي وغيرهم.

فيما أكد الشاعر والكاتب شعبان يوسف أنه لا يختلف اثنان على أن الكاتب الراحل وحيد حامد كان من أكثر كتٌاب الدراما إبداعا وإحاطة بالقضية التى يخوض فيها، ولم يكن حامد يعتمد على رواج القضية التى يكتبها دراميا، ولكنه كان يدرك بشكل مفرط وزائد عن الحد الفرق بين أن تكون داعية لفكرة ما أو قضية مطروحة على الملأ، وبين أن يكون فنانا عارفا بقوانين الدراما، من حيث القصة وعمقها وواقعيتها، كذلك ضبط الحوار، وهذا ما جعل كل أعماله الدرامية رائجة لدرجة أن مشاهدين أعماله لا ينسوا إنجازاته التى نقلت الدراما من مساحة الدعاية والتسويق لقضية ما، إلى موضوع فنى يستمتع به الجميع، ويظل درسا بالغ الأهمية لكل الأجيال اللاحقة من كتاب الدراما ولصناع السينما والمسلسلات بشكل عام."

وأعرب الناقد والكاتب أمير العمري عن حزنه الشديد لرحيل الفنان وحيد حامد وكل الأحباء واحدًا وراء الآخر، وقال "أشعر بأن عالمي الذي عشته وعرفته قد أصبحت أشعر فيه بالوحدة القاتلة"، وكتب عن حامد عبر فيسبوك: " كان وحيد حامد ومازال- نموذجا حقيقيا لمبدع تفاعل مع قضايا وطنه واتخذ موقفا صارما صادقا مبكرا من قوى الظلام وشياطين الفكر المتخلف، وترك لنا أعمالا فيها الكثير من القوة و البراعة، تشهد على متغيرات عصر كامل، في السينما وفي الحياة. وسواء اختلفنا أو اتفقنا مع بعض أفلامه، سيترك رحيل وحيد حامد فراغا هائلا في الساحة السينمائية."


وحيد حامد

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة