Close ad

الواقعية الكلاسيكية في رواية لي باي فو «كتاب الحياة» عن بيت الحكمة | صور

14-12-2020 | 20:13
الواقعية الكلاسيكية في رواية لي باي فو «كتاب الحياة عن بيت الحكمة | صورغلاف رواية لي باي فو «كتاب الحياة»
مصطفى طاهر

صدرت حديثا عن مؤسسة بيت الحكمة للثقافة بالتعاون مع منشورات ضفاف بلبنان ومنشورات الاختلاف بالجزائر، رواية "كتاب الحياة" للأديب الصيني لي باي فو، والتي حاز عنها على جائزة ماودون للأدب، أرفع جائزة أدبية في الصين، وقدمت الترجمة العربية لها، المترجمة آلاء إبراهيم، وحررها أحمد صوان، وراجعها أحمد السعيد.

موضوعات مقترحة

تلك الرواية التي تجسد تركيبًا محكمًا لعناصر العمل الروائي الثلاثة الرئيسية، الشخصيات والزمان والمكان، وهي من أهم الأعمال الروائية التي تقدم سردًا بانوراميًا لذلك التناقض بين القرية والريف وما بينهما من تفاعلات وطموحات وأحلام. وفي خلال ذلك يولي لي باي فو اهتمامًا كبيرًا لأولئك الذين "يمشون بالأرض على ظهورهم"، متتبعًامنهج الواقعية الكلاسيكية في سرد الأحداث، فهو مقتنع بأن البنية العميقة للوعي الاجتماعي لا يمكن رؤيتها إلا من خلال الناس ومصائرهم أينما فرضت عليهم الحياة أن يعيشوها ويتحركوا في فضاء هم الأقدر على خلقه.

ابتكر الكاتب في هذه الرواية سلسلة من التناقضات التي شكلت أحداث الرواية وتفاعلات شخصياتها، المكاسب في مقابل الخسارة، ابن الأرض في مقابل الغريب، المادة في مقابل الروح، غير أن الرواية تنتصرلنسيج الروح الذي صمد في وجه الاختبارات والاضطرابات العنيفة، وإن كان أيضًا للمادة دور البطل في أحداثها.

ومن الألعاب السردية التي تشي بقدرة الروائي لي باي فو الفذة في الطرح الأدبي، أنه كشف للقارئ مصائر بعض الشخصيات في أول الرواية لا في نهايتها، وعلى الرغم من أن ذلك يعد -عادةً- قتلًا لعنصر التشويق بالرواية، فإنه استطاع أن يجعله أحد عوامل التشويق في البناء السردي، فلم يعد القارئ منشغلا بالمصير بقدر ما صار منشغلًا بكيف ستصل الشخصية إلى هذا المصير.

تبدأ الرواية مع أولى خطوات "ديو" إلى المدينة، الموضع الذي يُجسّد أحلامه، والتي كانت تملك من الوفرة والدفء ما يغنيه عن الملابس الثقيلة في ليلته الأولى الباردة، حتى أنه رأى كل مصباح في الطريق الأسفلتي المُغطى بالثلوج وكأنه منارة تُضيء طريقه نحو مستقبل أفضل.

وعلى الرغم من سعيه الحثيث إلى الابتعاد عن قريته التي هي بمثابة ثلاثة آلاف فم لا تكف عن الثرثرة، وستة آلاف عين هم مجمل أهل قريته البسيطة؛ فإن هؤلاء البسطاء اعتبروه سفيرهم إلى العالم المتحضر. هكذا انهالت عليه المكالمات الهاتفية من أجل قضاء مصالحهم المُعطلّة، بينما لا يعرف كيف يُخبرهم بأنه لا يزال لا شيء، مجرد باحث عن نفسه وسط ملايين الباحثين؛ لكنه خرج من تلك التجربة وهو يُعاني من رهاب الهاتف، يكره رنينه الذي كلما سمعه استشعر مصيبة بانتظاره، أو طلبًا هو أقل من أن يلبيه! وفي ربط لحياته السابقة بحياته الجديدة، يسرد الكتاب لي باي فو بأسلوب رشيق تشريحًا دقيقًا للمجتمع الصيني في الريف والمدن؛ عبر تقديمه شخصيات من أهل القرية أثّرت في حياة "ديو" الذي صار فيما بعد "المدير وو"، وكيف كانت تُعامل هذا الفتى اليتيم الذي صار أستاذًا جامعيًا، ثم رجل أعمال كبير. عبر هذه الشخصيات يبرز تنظيم وتغلغل الحزب الشيوعي الصيني في أصغر وأبسط الأماكن، ومدى السلطة التي يتمتع بها المنتمون للحزب، والرهبة التي يتعامل بها الفلاحون معهم.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: