من الصعب الحديث عنه، فالرحلة تمتد لأكثر من أربعين عامًا حافلة بالعديد من الأدوار والشخصيات التي شاركته نجاح أعماله التي لا يمكن إسقاطها من ذاكرة المشاهد، ولكن المؤكد من خلاصة هذه الرحلة أنها كانت وتبقى منهجًا ودربًا صار ويسير عليه الأجيال في مشوارهم الفني. فريد شوقي.. الرجل الذي حظى بمحبة الجميع واجتمعت الآراء على موهبته التي كان يطوعها بين كل مرحلة عمرية وأخرى ليخرج علينا بتركيبة أدوار مختلفة وقضايا سابقة للفترات الزمنية التي كان يتناول فيها مثل هذه الموضوعات، ليبقى رمزًا هامًا لأجيال كثيرة من الشباب الفنانين سواء ممن عاصروه وعملوا معه أو من هؤلاء الذين اتخذوا من منهجيته في العمل رمزًا في الأسلوب الذي يقدمون به أعمالهم. بدأت مسيرة فريد شوقي الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم 30 يوليو، بأدوار غلب عليها الشر الذي كان يستخدم من خلاله قوته الجسدية، والواقع يشير إلى أن البنيان الجسدي الذي كان الراحل يتمتع به الراحل كان سببًا هامًا في جماهيريته التي أسسها في تلك الفترة، خصوصًا أنه لم يكن هناك مثل هذا البطل المفتول العضلات وصاحب القوة البدنية، مما جعل له أرضية قوية في السينما خلال مرحلة الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم. وجاءت الفترة اللاحقة في مشواره الفني خلال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات لتكشف عن مواهب أخرى بعيدة عن القوة العضلية التي بدأ بها مشواره الفني، وإن كان ذلك يعد ذكاء من الراحل الذي أدرك في مرحلة عمرية متقدمة ضرورة تغيير نمط أدواره التي تتسم بالضرب والقوة البدنية نظرًا لتقدم مرحلته العمرية من ناحية ولخوصه تقديم أدوار جديدة عليه من ناحية أخرى كالأب الفقير الذي يتنصل منه نجله كما في فيلم "وبالوالدين إحسانا" مع الراحلة كريمة مختار، ورجل الأعمال المستشري في فساده كما في فيلم "الغول" الذي قدمه مع الزعيم عادل إمام، أو "الحانوتي" صاحب المزاج الرايق، كما في فيلم "السقا مات" أو يچسد مأساة هذا الرجل العجوز الذي يحاول أحد المقاولين الأثرياء طرده من المنزل لإقامة مشروع سكني ضخم، وغيرها من الأدوار الجاذبة والمختلفة. كان عمل الراحل بالتليفزيون صاحب نقطة شديدة الإضاءة في مشواره الفني في منتصف الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، فمنه أسس لقاعدة جماهيرية أضخم من تلك التي كان يتمتع بها في السينما خصوصًا مع تصاعد انتشار المسلسلات التليفزيونية وجمهورها في تلك المرحلة، والتجربة تشير إلى أن هذه المرحلة تتميز بالكثير من النقاط الإيجابية في مقدمتها الأعداد الضخمة التي قدمها الراحل من النجوم الشباب ومنهم حنان ترك، وائل نور، ومحمد هنيدي وحنان شوقي وآخرون. هذا بالإضافة لاستكمال تيمة التعاون بينه وبين الراحلة كريمة مختار، التي شاركها في بعض الأعمال السينمائية من قبل مما كشف عن شراكة عمل ناجحة وكيمياء خاصة بين النجمين اللذين أعادا ما فقد على الساحة الفنية من وجود نموذج للأب والأم بعد رحيل الفنانة فردوس محمد والفنان حسين رياض أشهر أب وأم في السينما المصرية، ومن أبرز هذه الأعمال مسلسلات البخيل وأنا، العرضحالجي، صابر ياعم صابر، وغيرها. يظل فريد شوقي صاحب لقب البطل الشعبي الذي تفرد به وحده دون غيره من الفنانين، نظرًا للقاعدة الجماهيرية التي كونها من خلال أدواره بالسينما التي تقاربت مع مزاجية رجل الشارع البسيط الذي كان بالنسبة لما يشاهده في أعمال فريد شوقي في هذه المرحلة يعادل ما يراه الشباب في نجوم السينما العالميين في وقتنا هذا، بما تحمله هذه الأعمال من مشاهد الإثارة والأكشن. قدم الراحل للسينما أكثر من ٢٠٠ عمل للسينما المصرية، بخلاف تعاونه في عدد من الأعمال بالسينما التركية، ومن بين هذه الأفلام: النمر، خطف مراتي، إعدام ميت، الظلم حرام، العملاق، الفتوة، شاويش نص الليل، بورسعيد، جعلوني مجرما، رصيف نمرة ٥، باب الحديد، بطل للنهاية، كلمة شرف، الزوج العازب، يارب ولد، رجل فقد عقله، الأسطى حسن، صاحب الجلالة وغيرها.