يرأس سيد فؤاد محمود وشهرته "مهدي فؤاد العارف"، مواليد عام 1946 م بقرية دندرة بقنا، لجنة تحكيم مهرجان لعبة التحطيب في المهرجان الذي انطلق اليوم الإثنين بمحافظة الأقصر، جنوب صعيد مصر برعاية وزارة الثقافة.
موضوعات مقترحة
كان مهدي هو الرجل الوحيد المتعلم في فئة لاعبي العصا المحترفين في الصعيد قديمًا، إذ حاز على العصى الذهبية أكثر من مرة، ويشارك في المهرجان القومي للتحطيب بالأقصر منذ 1994م، وحتى اليوم حيث شارك كلاعب عام 1994 ثم كحكم منذ 1998 وحتى اليوم في المهرجان القومي للتحطيب بالأقصر وفاز سنة 1994م، بالميدالية الذهبية حيث كان اللاعب سيد فؤاد في وظيفة مدير السكرتارية العامة بديوان عام محافظة قنا، وحاليًا بالمعاش.
يقول مهدي عارف في تصريحات لــ"بوابة الأهرام " إنه بدأ ممارسة لعبة التحطيب وكان عمره 14 عامًا، مشيرًا إلى أنه كان يسافر للمحافظات ويجوب القرى والنجوع كي يقابل المحترفين في اللعبة العنيفة آنذاك، وقال "مازالت أتذكر الأسطورة متولي من قرية السمطا بدشنا، والأمين، اللذين خاضا سباق اللعبة دون أي هزيمة حتى رحيلهما".
لا تستطيع أن تعطى سببًا واحدًا مقنعًا لشغف أهل الصعيد بلعبة العصى، كل ما هناك أن سحر اللعبة، ذلك السحر الذي يجعلك تشاهد في أدوار متعددة، كيف يحول الإنسان نفسه لثعبان ماكر يصد الضربات بلا صراخ ثم يُروض عصاه لتبدو في خدمة أهدافه، حيث كل الأشياء تتكلم بلغة الإشارة والرمز بداية من حركات الجسد ونهاية بتطويع العصي (الأداة)، ومرورًا بالجمهور الذي يبدوا حكما بل يبدو للجمهور دوره الكبير.
أقرأ من هنا : "التحطيب" من موالد الصعيد للسينما المصرية | فيديو
ويضيف مهدي: "نحن نمشى على قانون ولا كل من ركب الحصان خيال، الثقة في النفس هي بداية الدخول للحلقة لأنك ستدخل حلقة رجال لا تعرف قدراتهم لذلك يحدد القانون وجود (عوال) في داخل الحلقة، وهو الأستاذ المحترف الذي يضبط الحلقة فاللعبة أشبه بموسيقى لابد من ضبط إيقاعها والعوال عليه أن يقدم الرجل الغريب على ابن البلد، وعليه أن يقدم الكبير على الصغير، فلعبة العصي تتلقى قوانينها من قيم المجتمع الصعيدي، وفى الحلقة يكون الجمهور حكما على المهارة إلا أن العوال عليه أن يخفف من حدة نشاط اللعبة، إذا وجد أن هناك تجاوزات ستحدث من الاثنين لابد أن أقول لك إن حلقة اللعبة لا تحدد الاختيار، وإنما يتم التحديد بالمناداة فمن ناداك لدخول الحلقة عليك أن تستجيب له، وهروبك منه نوع من العار وعلى العوال أن يحترم طلب الطالب حتى لو كان طفلًا صغيرًا".
من مارس لعبة العصي مرة فلن ينسي سحرها؟ هذا ما يوضحه شيخ مشايخ لعبة التحطيب في الصعيد، مؤكدًا أن من مارسها صغيرا فلن ينساها وهو كبير حتى لو صار عجوزًا، فمن طوع جسده لتلقي الضربات مرة واحدة في حياته، لا يستطيع أن يعتزلها لذلك لا اعتزال في اللعبة والعوال العجوز، لا يتركها مؤكدًا أن اللعبة في الوقت الحاضر اجتذبت الكثيرين من الأطباء والمهندسين وخريجي الجامعة، الذين صاروا يجلسون بين يدي من يعلمهم بل إن القانون الأزلي أن اللاعب في عمر الأربعين من عمره يكون قد وصل للنضج الكامل في اللعبة، مازال هو المتحكم في أعرافها وقوانينها.
ويوضح "مهدي" أن لعبة العصي هي لعبة الذكاء وانتباه العقل وتصيده لانفتاح جسد الخصم لتوجيه الضربة، لذلك هم لا يعترفون أن الجسد المتتلئ هو أكثر قوة في اللعبة فالرجل النحيف أكثر مقدرة، وهم يجعلون مسك العصي على كف اليد والتحكم فيها بداية الحرفة والشجاعة في مواجهة الرجال، مضيفاً أن المعلم له احترامه في اللعبة فلن تجد تلميذا يقف أمام معلمه ويصمم علي هزيمته.
سألنا "مهدي" هل التحكيم يختلف عن الدخول في غمار اللعبة؟
يجيب "المحكم ورئيس لجنة الحكيم عليه مسئولية استخدام عيونه ودقة الملاحظة، فاللعبة بها الكثير من الحركات ولها إيقاعها، وهناك تجاوزات لا يعرفها سواء كانت الأدوار في اللعبة مفتوحة أو مقفلة، مضيفًا أن بعض اللاعبين، خاصة في حلقات الموالد الشعبية يأتى بحركات تبدو بداية معركة حقيقية.
فهناك - كما يضيف - من يلعب في حركة السلام ثم يأتى بحركة مفاجئة، عبارة عن رمى العصى على فرش البطن لتتوجه العصى إلى صدغ الخصم وضحك اللاعب هنا عبارة عن عدم التفات واهتمام بالخصومة، ولكن هذه الحركة فى عرفنا تعنى أن الرجل له الحق أن يرد ضرباته ويذهب لأبعد الحدود ليعلن له خصومته، ومن هنا ربما تتحول اللعبة إلى معركة حقيقية، لذلك على العوال الذي يكون في وسط الحلقة أن يهدد من يأتي بتلك الحركات بالطرد النهائي من الحلقة.
ويقول المؤرخ بحبح حباظي لـ"بوابة الأهرام " إن قواعد لعبة العصا تحتاج للفهم فأغلب من يشاهدونها لا يعرفون قوانينها، مؤكدًا أن مشاهد الرسومات الفرعونية تعطي بعض الإشارات عن لعبة العصى، خاصة في تل العمارنة بمحافظة المنيا هذا بجانب بعض الرسومات التي رصدت الحياة اليومية للفراعنة في معابد مدينة الأقصر، حيث كانت تمارس بالحطب ثم اكتسبت جذورًا عربية قوية، مضيفًا أن اللعبة التي تم تدوينها في اليونسكو مازالت باقية في الصعيد، وتحتاج إلى دراسات لتدوين كافة لاعبيها القدامى والمحدثين.
"التحطيب" من موالد الصعيد للسينما المصرية
العم مهدي شيخ مشايخ لعبة التحطيب في الصعيد العم مهدي شيخ مشايخ لعبة التحطيب في الصعيد