Close ad

المتحف المصري.. صرح حضاري يشعل الشمعة الـ116 في ذكرى ميلاده |صور

20-11-2018 | 12:01
المتحف المصري صرح حضاري يشعل الشمعة الـ في ذكرى ميلاده |صورالمتحف المصري بالتحرير
مصطفى طاهر

يوم مشهود في التاريخ المصري الحديث، اليوم الذي بدأت فيه مصر مساعيها للسير في خطوات لإنشاء متحف في قلب العاصمة المصرية، يكون عنوانا لحضارتها الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، ووسيلة لمساعدة السائحين والزوار والباحثين في الإبحار وسط عوالم حضارة الفراعنة.

موضوعات مقترحة

ولم يكن "المتحف المصري" الذي نحتفل في نوفمبر الجاري، بذكرى تأسيسه الـ116 في موقعه الحالي بميدان التحرير، في ذلك الموقع من البداية، بل كان أول موقع للمتحف المصري، في حديقة الأزبكية، وكان ذلك في عام 1835م، قبل ما يقرب من 180 عاما، حتى فكر عالم المصريات الفرنسي أوجوست مارييت الذي كان يعمل بمتحف اللوفر، في افتتاح متحف يعرض فيه مجموعة من الآثار على شاطئ النيل عند بولاق، وعندما تعرضت هذه الآثار لخطر الفيضان، تم نقلها إلى ملحق خاص بقصر الخديو إسماعيل بالجيزة، ثم جاء عالم المصريات جاستون ماسبيرو، وافتتح عام 1902م في عهد الخديو عباس حلمي الثاني، مبنى المتحف في موقعه الحالي في ميدان التحرير.
المتحف المصري بالتحرير


ويضم المتحف المصري أكثر من 150 ألف قطعة أثرية، ويتكون المبنى العريق من طابقين رئيسيين، يحتوي الطابق الأول على الآثار الثقيلة من توابيت ولوحات وتماثيل معروضة طبقاً للتسلسل التاريخي، أما الدور العلوي فيحتوي على مجموعات أثرية متنوعة، كان من أهمها مجموعة الملك توت عنخ آمون، والتي انتقلت إلى المتحف المصري الكبير، المقرر افتتاحه في عام 2020م، وكنوز تانيس، بالإضافة إلى قاعتين للمومياوات الملكية.

ومن أهم القطع الأثرية المعروضة بالمتحف صلاية الملك نارمر، وتمثال الملك خوفو، وقناع الملك توت عنخ آمون بالإضافة إلى عدد كبير من الكنوز الملكية، أهمها المجموعات الأثرية التي عثر عليها في مقابر الملوك والحاشية الملكية للأسرة الوسطى في دهشور عام 1894م، وتعبر مجموعة المتحف المصري، عن جميع مراحل التاريخ المصري القديم.
المتحف المصري بالتحرير


وزارة الآثار حشدت قوتها لإرسال رسالة اطمئنان للمواطن المصري داخليا، وللعالم أجمع، بأن المتحف المصري بالتحرير، سيواصل أداء دوره التاريخي في خدمة الحضارة المصرية بكل قوة، ولن يتأثر بأفتتاح المتحف المصري الكبير، ولذلك جاء احتفال مصر بذكرى تأسيس المتحف خلال الساعات الماضية، وسط تغطية اعلامية عالمية ومحلية غير مسبوقة، وبحضور نخبة من الوزراء وسفراء الدول الأجنبية والعربية والمستشارين الثقافيين ووكلاء ورؤساء اللجان واعضاء مجلس النواب والمحافظين وكبار الشخصيات العامة.
المتحف المصري بالتحرير


وتقدم الحضور٣١ وزيرا مصريا، منهم ١٨ وزيرا حاليا، منهم وزير الشباب والرياضة ووزير التخطيط ووزيرة التضامن الاحتماعي، وزيرة السياحة، وزير النقل، وزير التعليم، وزير الاتصالات، وزير التموين، ورئيس لجنه الآثار والثقافة والسياحة أسامة هيكل، ورئيس لجنة السياحة والطيران، بالإضافة لوكيل مجلس النواب، والنائبة سحر طلعت مصطفى، و أكثر من ٥٠ سفيرا ومستشارا ثقافيا من مختلف دول العالم.

وخلال كلمته، أكد وزير الآثار د.خالد العناني، أن الوزارة تحرص من خلال هذا الحفل الكبير على إرسال رسالة مهمة للعالم أجمع، تؤكد على قيمة هذا الصرح العظيم والذي لا تقتصر فقط على مايضمه من كنوز أثرية لا مثيل لها، ولكن أيضا للبعد التاريخي لهذا المبنى العريق، الذي يعد من أوائل المتاحف في العالم، والذي تم تصميمه وإنشاؤه منذ البداية ليكون متحفاً للآثار، لافتا إلى أن المتحف المصري لن يموت أو حتى يتأثر بإنشاء المتاحف الكبرى مثل المتحف المصري الكبير ومتحف الحضارة والذي سينقل إليها عدد من القطع الأثرية بهدف إعادة اكتشاف الكنوز المعروضة بالمتحف المصري بالتحرير من خلال سيناريوهات عرض جديدة تبرز جمالها. ولن يتوقف الأمر على ذلك فحسب، بل سنقوم بالعمل على إثراء المتحف بآثار رائعة من المكتشفات الحديثة ومن الآثار المستردة، وكذلك اختيار مجموعات جديدة متميزة من بين عشرات الآلاف من القطع المحفوظة بالمخازن، ليستمر المتحف المصري درة تاج المتاحف العالمية.
المتحف المصري بالتحرير


وأوضح الدكتور العناني أن االمتحف المصري يظهر في حلته الجديدة بأولى خطوات العرض المتحفي، بإعادة تقديم كنوز يويا وتويا في ثوب جديد، لتعرض كاملة لأول مرة منذ اكتشافها في مقبرتهما بوادي الملوك عام ١٩٠٥.

ويضم العرض الجديد 214 تحفة أثرية متنوعة وفريدة، منها قطعا كانت مخزنة تُعرض لأول مرة للجمهور، مثل مومياوتي يويا وتويا وبردية يويا الملونة، التي يبلغ طولها حوالي عشرين متراً والتي تم تجميعها بأيدي مرممي المتحف المصري.
المتحف المصري بالتحرير


وأعلن وزير الأثار عن افتتاح المتحف مجاناً للزيارة للمصرين والعرب والاجانب المقيمين.، بمناسبة ذكرى التأسيس.

وقد قامت شركة أوراسكوم للاستثمار برعاية هذا الحفل، وذلك في إطار عرض الرعاية الذي تقدمه الشركة لعدد من الاحتفالات الأثرية، وفقا للائحة الرعاية التجارية الحديثة التي أصدرتها وزارة الآثار.

وأعلن وزير الآثار أن العمل مازال مستمرا حتى الآن، لاستكمال أعمال تطويره من خلال التعاون مع متاحف تورين وبرلين واللوفر ولايدن والمتحف البريطاني، للوصول به الى المعايير المعتمدة من منظمة اليونسكو، وذلك من خلال خطة عمل تستمر سبع سنوات، كما قامت وزارة الاثار في الفترة الماضية بجهود حثيثة للترويج للمتحف، فقد تم فتحه لأول مرة ليلا للجمهور يومي الخميس والأحد من كل أسبوع، كما اتخذت خطوات عديدة لرفع كفاءته مثل تغيير الإضاءة، وإعادة فتح منطقة البازرات بعد غلقها منذ عام ٢٠١١، وتركيب ٢٠٠ مروحة حائطية، وتم وضع لوحات إرشادية حديثة منذ أيام بالتعاون مع اليونسكو. وجار التنسيق حالياً مع معالي وزيرة التضامن الاجتماعي لإشهار جمعية أصدقاء المتحف المصري بالتحرير.

من جانبه، قال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن تطوير المتُحف لن يقتصر فقط على تطوير سيناريو العرض المتحفي، بل يتزامن مع تطوير ورفع كفاءة البنية الأساسية للمبنى، وإعادة المتحف الى حالته الأولى وقت إفتتاحه منذ ١١٦ عاما، فتم إعادة الدهانات بالدور العلوي إلى لونها الأصلي، كما تم تغيير زجاج أسقف المتحف إلى تقنيات الـ UV لمنع أشعة الشمس الضارة على القطع الأثرية، كذلك تمت إعادة أرضيات بعض المتحف إلى شكلها القديم.
المتحف المصري بالتحرير


وقالت إلهام صلاح رئيسة قطاع المتاحف، إن المتحف المصري بالتحرير يعد منارة الآثار حول العالم لما يحتوي عليه من قطع أثرية فريدة ومهمة، ويأتي الاحتفال اليوم بذكرى تأسيسه الـ16 بمثابة مرحلة استثنائية ليتم عرض سيناريو متحفي عالمي جديد للقطع الأثرية الموجودة به مع الحفاظ علي هويته وإعادة عرض لأهم القطع وإبرازها. حيث يضم المتحف قرابة الخمسة آلاف قطع أثرية تتنوع بين المعروض، والموجود داخل المخازن الخاصة به، والمكتشفات الأثرية الحديثة، والآثار المستردة من الخارج. وأشارت أن من أهم القطع التي سيتم عرضها اليوم هي المجموعة الكاملة لمقبرة يويا وتويا.

وأشارت أن أعمال التطوير تتضمن المدخل وإعادة سيناريو العرض المتحفي الخاص بالقاعات 46،47،49 ،50،51. كما سيتم وضع رؤية إستراتيجية شاملة وخطط للتسويق والترميم والحفظ وغيرها من الخطط التي تهدف إلى ربط الجمهور بالمتحف وخلق قنوات للتواصل والتفاعل مع مختلف الفئات المجتمعية، ودمج أهم الوسائل التكنولوجيا الحديثة

من جانبها، أوضحت صباح عبد الرازق، المديرة العامة للمتحف المصري، أن مقبرة يويا وتويا تم الكشف عنها عام ١٩٠٥م أي قبل اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون بما يقرب من سبعة عشر عاما، وهي المقبرة رقم ٤٦. ويويا وتويا هما والدا الملكة تي زوجة الملك العظيم أمنحتب الثالث، وجد وجدة الملك إخناتون. وقد حظي كل منهما علي مكانة رفيعة خولت نحت مقبرتهما في وادي الملوك بالبر الغربي بالأقصر، هذا المكان الذي كان مخصصًا فقط لمقابر الملوك.
المتحف المصري بالتحرير


وتظهر أسماء الزوجين يويا وتويا، اللذين ينتميان للعائلة الملكية، على العديد من آثار المقبرة، كما ذُكرا بصفتهما أبوي الملكة تي في نقوش جعرانين تذكاريين من عهد الملك أمنحتب الثالث. وتعود أصول يويا إلى مدينة أخميم، حيث كان ينتمي إلى طبقة النبلاء وكان أحد كبار رجال الجيش، فضلاً عن عمله كاهناً للإله مين المعبود الرئيسي في أخميم. كما شغل عدة مناصب مهمة في القصر، مثل المشرف على الخيول، وقد يشير لقبه "والد الإله" إلى دوره المتميز بصفته حما الملك.

كما حملت تويا العديد من الألقاب الدينية، فضلًا عن لقب "الأم الملكية للزوجة العظيمة للملك"، وهو اللقب الذي اعتزت به كثيرًا، وسجلته مرارًا وتكرارًا على توابيتها ومقتنياتها. وبالإضافة إلى الملكة تي أنجب يويا وثويا ابنًا يُدعى عنن، كان يشغل منصب الكاهن الثاني لآمون.
المتحف المصري بالتحرير


وتعد مقبرة يويا وتويا من أجمل المقابر التي تم اكتشافها لما تحتوي من كنوز عظيمة تعبر عن الحياة اليومية لهما مثل العجلة الحربية ليويا والأسرة والكراسي وصناديق حفظ الحلي المصنوعة من الخشب المذهب والمطعم من الفيانس والعاج والابنوس، وأوان من الألباستر والحجر والحجر الجيرى الملون. كما احتوت أيضاً على مومياء كل من يويا وتويا في حاله جيده من الحفظ والتوابيت الداخلية والخارجية لهما، والأقنعة الخاصة بهما وهي مصنوعة من الكارتوناج المذهب والمطعم بالأحجار الكريمة، كما تم العثور على صناديق وأوانى الأحشاء وتماثيل أوشابتى، وأطول بردية في مصر ويبلغ طولها ٢٠ مترا، وهي البردية الخاصة ليويا ومكتوب عليها كتاب الموتي.

كما تظهر للجمهور وتعرض لأول المرة اليوم بردية "يويا" المدونة بالخط الهيروغليفى المبسط والتي تعد أطول بردية عثر عليها في مصر، وأوضح مؤمن عثمان مدير إدارة الترميم بالمتحف المصري بالتحرير أن البردية ظلت مخزنة داخل دواليب التخزين بالمتحف المصرى منذ اكتشافها في مقبرتهما بوادي الملوك عام ١٩٠٥، وقد عثر عليها متكاملة في شكل لفافة ممتدة وفي حالة جيدة من الحفظ وتحتفظ بالوانها وحالتها جيدة جدا، ولم يكن فى الامكان عرضها بصورتها الكاملة نظرا لطولها الذى يقرب من 20 متر،

وأضاف أنه قد تم فردها وقت الاكتشاف، وتقسيمها الى 34 جزءا بالإضافة إلى جزء صغير خالى من الكتابات ليكون المجموع 35، وقبل البدء في أعمال الترميم استعدادا لعرضها فقد بدأ فريق العمل في فحصها وتوثيق حالتها الأثرية حيث تم استخدام التوثيق الفوتوغرافى عالى الجودة والميكروسكوب الضوئى لفحص البردية وتم فحص حالة الأحبار والألوان المستخدمة التى ظهرت فى غاية الروعة والابداع.

أما عن أعمال الترميم فقال مؤمن إنها شملت تجميع الأجزاء المنفصلة للبردية بشكل جزئى لكل قطعتين حتى نتمكن من سهولة تحريكها وعرضها. استخدم الأسلوب اليابانى فى وضع الحامل الجديد المكون من الورق اليابانى 5جم/متر والمكون من الياف نبات الكوزو الذى ينمو فى اليايان مع استخدام اساليب القطع اليابانية التقليدية والتي اضيف عليها بعض التغييرات التى تتلائم مع ظروف البيئة والحفظ فى مصر.

واستطرد قائلا إن البردية ترجع إلى برديات الدولة الحديثة فى تكوينها سواء من حيث حجم الصفحات المكونة للبردية يتراوح طول كل ورقة من 11.5 الى 14 سم، وتميزت تلك البردية ذات الرسوم المصورة والبطاقات المرسومة بالروعة، وتجسدت روعتها فى دقتها وتعدد الوانها وعنايتها بالتفاصيل، وتتضمن بردية "يويا" اربعين تعويذة من "كتاب الموتى"، أو كتاب "الخروج بالنهار" وهو مجموعة مختارة من التعاويذ والتلاوات والاعترافات والإرشادات، فضلا عن مجموعة أخرى من المتون الجنزية، أكثر من كونها "كتاب" بمعناه الحقيقى .هذه التعاويذ موضوعة بشكل متلاصق وان خلت من التسلسل المتعاقب.

وقالت نيفين نزار معاونة وزير الآثار لشئون المتاحف والعرض المتحفي، أنه قد شارك في فعاليات حفل عيد ميلاد المتحف فريق عمل مشروع حائط المعرفة، تحت إشراف د. فتحي صالح والتابع للمكتبة، بعمل تطبيق على الموبايل والتابلت مستخدما تكنولوجيا augmented reality الواقع المعزز في شرح محتويات مقبرة يويا و تويا وبردية يويا بلغة سهلة و عرضها بطريقة 3D.

وأشارت مايسة مصطفي باحثة ومديرة العلاقات العامة لحائط المعرفة بمكتبة الاسكندرية، أن استخدام تكنولوجيا الواقع المعزز يساعد للوصول لجمهور الشباب و تعريفهم بتراثهم وأيضا يضع مصر في مصاف الدول في الخارج وذلك لمواكبة لغة القرن ٢١ في نقل المعلومات.

وأضافت أن المكتبة ساهمت أيضا بفيلم تسجيلي قصير عن كل خطوات نقل وترميم وعرض بردية يويا و تويا مجمعة، وذلك ليتم توثيق كل خطوات الترميم لأول مرة في تاريخ البرديات في مصر.  

كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة