بدأت وزارة الآثار في مشروع بحثي تطبيقي لدراسة جوانب عمرانية ومجتمعية من القاهرة التاريخية، لما لها من قيمة تاريخية وأثرية بصفتها مدينة مسجلة على قائمة التراث العالمي، وذلك بالتعاون مع جمعيتي "الأثر لنا" و"الفكر العمراني"، ووزارة التضامن الاجتماعي، ومحافظة القاهرة، وبدعم من مؤسسة "فورد".
موضوعات مقترحة
وأوضح محمد عبد العزيز، مدير عام مشروع تطوير القاهرة التاريخية، أن هذا المشروع "يسعى إلى إيجاد حلول مناسبة تعمل على الارتقاء بمنطقة القاهرة التاريخية بما يعود بالفائدة على التراث الأثري بمفهومه الأشمل، كتراث ملموس وغير ملموس، والمتمثل في الثقافة والوعي الأثري لدى المواطنين. ومن المقرر أن يستمر المشروع حتى ديسمبر من العام المقبل".
وقال عبد العزيز إن المشروع "يأتي في إطار اهتمام وزارة الآثار بمختلف المواقع والأماكن الأثرية، بخاصة القاهرة التاريخية"، مضيفًا أن المشروع يقوم على محورين أساسيين: الأول يهدف إلى تحويل منطقة آثار الخليفة إلى مورد مجتمعي يمكن للمجتمع الاستفادة منه، من خلال تأسيس خطة علمية متكاملة تعمل على إدارة موارد الشارع الأثري مما يدفعه إلى الحفاظ عليه.
والمحور الثاني "يقوم على دراسة نموذجين هما: الأحياء العشوائية المتهالكة التي تندمج داخل نسيج المواقع الأثرية، والتجمعات العمرانية المستحدثة الواقعة داخل المواقع الأثرية".
وأضاف عبد العزيز أن المحور الأول للمشروع، الذي يهدف إلى تحويل منطقة آثار الخليفة إلى مورد مجتمعي، تعمل عليه مبادرة "الأثر لنا" بالتعاون مع الجهات المعنية من حكومة وأهالي ومجتمع مدني ومستثمرين منذ عام ٢٠١٢م تحت إشراف وزارة الآثار، حيث اشتملت على ترميم ٤ قباب من العصرين الفاطمي والأيوبي، وهي: قبة السيدة رقية، والجعفري، وعاتكة، وشجر الدر. كما تضمنت تنظيم أنشطة تفاعلية للأطفال لتعليمهم بشأن تراثهم وفهم أهمية المكان للقانطين له لتنمية ارتباطهم به والسعي إلى الحفاظ عليه، وذلك من خلال مدرسة صيفية تعمل يوميًا على مدى شهرين خلال فترة الصيف.
وأشار إلى أن هذا المحور يعمل أيضًا على "إدارة تراث منطقة الخليفة مع التركيز على مشاريع الترميم والتنمية العمرانية، بخاصةً تلك التي تعمل على تخفيض منسوب المياه الأرضية الضارة بالأثر وربطها بمشاريع التطوير العمراني مثل إنشاء حدائق وساحات عامة بالمنطقة، وذلك من خلال إعادة استخدام تلك المياة في ري الحدائق والنظافة وخدمات الحريق وغيرها. فالمشروع - كما يصفه عبد العزيز- يعمل على إعداد خطة متكاملة لإدارة الشارع الأثري وموارده التراثية .
أما المحور الثاني للمشروع، الذي يقوم على دراسة الأحياء العشوائية المتهالكة، والتجمعات العمرانية المستحدثة داخل المواقع الأثرية، فيقول: إن تلك الدراسة تتناول نمطين عمرانيين شديدي الأهمية: النمط الأول يتمثل في المناطق التاريخية المتدهورة التي تفتقر إلى الآثار المسجلة والمباني التاريخية المهمة؛ إلا أنها جزء لا يتجزأ من المدينة التاريخية، كما أنها مسجله في كتب الخطط والرحالة وفي الخرائط القديمة مثل مناطق الحطابة وعرب يسار والخارطة القديمة وعزبة قايتباي.
وأوضح مدير المشروع أن المشروع يعمل على دراسة تلك المناطق من حيث تاريخ نشأتها وتطورها والموارد الاجتماعية والتراثية الموجودة بها، وتقديم المقترحات المناسبة لمعرفة سُبل استغلالها على الوجه الأمثل. حيث يتم التعامل مع تلك المناطق بأسلوب التعامل نفسه مع العشوائيات والمناطق غير المخططة وذلك بسبب حالتها السيئة، مما يؤدي إلى التوجه نحو إزالتها وتفريغها من السكان. وهو ما يفقد القاهرة التاريخية أجزاءً مهمة من نسيجها العمراني.
أما عن النمط الثاني، الذي يبحث التجمعات العمرانية المستحدثة، فقال عبد العزيز إن المشروع "يتناول كيفية التعامل مع الإمكانات غير المستغلة للفراغات بين مشاريع الإسكان الحكومي لمحدودي الدخل الواقعة داخل القاهرة التاريخية، والتي لا تكون متوافرة عادة في المدينة التاريخية بطابعها التقليدي من حواري وشوارع ضيقة وساحات صغيرة، مثل مساكن زينهم والقلعة وعرب يسار وعين الصيرة والأباجية وبركة الفيل".