"أشبع الروائى إبراهيم الكونى عوالم الصحراء الكبرى أسطرة وتأويلا، وأخبرنا عن أبطالها وكائناتها التى تمثلت فى الإنس والجن، والأشباح والأرواح، والحيوانات والجمادات، عبر الخيال تارة والواقعية السحرية تارة أخرى، ولم يغفل الرجل الدخول إلى أبواب المدينة بعدما اختزله بعض القراءات النقدية العربية فى مقولة "أسير الصحراء"، فقرر اخترق أسوار المدينة فى سداسية "الأسلاف والأخلاف"، والكتابة عن البيوت والمجتمع والمقاهى والقصر والقلعة والطبقات المجتمعية بمدينة طرابلس"، على هذا النحو استهل الباحث مصطفى سليم، كلمته أثناء مناقشة رسالته للدكتوراه فى النقد الأدبى بجامعة عين شمس عن أطروحة تختص بالدرس والتحليل سداسية الأديب إبراهيم الكونى.
موضوعات مقترحة
وجاءت الرسالة تحت عنوان "الأسلاف والأخلاف بين السلطة والحرية.. تشكلات السرد فى ملحمة إبراهيم الكونى"، وتكونت لجنة المناقشة من الأساتذة الدكاترة صلاح فضل "مشرفًا ورئيسًا"، وعبدالناصر حسن "مناقشًا"، وحسين حمودة "مناقشًا"، والتى منحت الباحث الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى.
يقول سليم، إن السداسية ملحمة تحكى سيرة خمسة أجيال من الحكام فى ليبيا، استحوذ عليهم صراع السلطة بأركانها الثلاثة "العرش والمال والمرأة"، وبين الحرية ببعدها الوجودى الذى يعنى الزهد والتخلى، وأشار إلى أن الكونى اتخذ فيها البحر معادلاً موضوعيًا للصحراء ليدخل البحر مكانًا روائيًا ، ويغير مسرح أحداثه لأول مرة فى مسيرته السردية، بل هى التجربة الروائية الوحيدة التى صنع فيها هذا التغيير.
وأوضح الباحث أن السداسية هى التجربة الأولى والوحيدة التى دخل بها أسوار المدينة، فكتب عن عالم مدينة طرابلس ما بين القرن الثامن والتاسع عشر، وهو عالم مغاير وجديد على نصوص الكونى، فى إطار الصراع الوجودى بين السلطة والحرية لينتصر فى نهاية المطاف إلى الحرية التى عكس رسالتها عبر تعاليم البحر والصحراء، وفقًا للباحث.
وتابع سليم قائلاً إن "نداء ما كان بعيدًا"، الجزء الأول من الملحمة، اعتمد فيه الكونى على تقنية "الأحلام والرؤى"، أما "فى مكان نسكنه.. فى زمان يسكننا"، الجزء الثانى فقد أسسه على تقنية صوفية الرؤية، وفى "يعقوب وأبناؤه"، الجزء الثالث، فبناه على صراع الإخوة الأعداء على السلطة والمال والمرأة، وأسس "قابيل أين أخوك هابيل؟" على التناص مع سفر التكوين التوراتى، وفى الجزء الخامس من الملحمة "يوسف بلا إخوته" يجمع الراوى شباك الدراما، تمهيدًا للجزء السادس والأخير من الملحمة، "جنوب غرب طروادة جنوب شرق قرطاجة"، ويكشف أوهام وخطايا السلطة التى أودت بأجيال الحكام الخمسة إلى الانتحار أو الانتهاء بهم مـُشرَّدين فى شوارع وأزقة طرابلس.