Close ad

حسام عبد القادر يكتب: مواقع التواصل الاجتماعي المفترى عليها

11-1-2018 | 18:17
حسام عبد القادر يكتب مواقع التواصل الاجتماعي المفترى عليها حسام عبد القادر

يتحسر البعض على أيام زمان، عندما كانت الناس تزور بعضها البعض، وكانت العلاقات الأسرية أقوى والود والوئام يسود الناس، إلى غيرها من المزايا والإيجابيات التي حُرمنا منها هذه الأيام بسبب التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي اللعينة التي جعلت الجميع يجلس وهو يمسك بالموبايل ويضغط على الأزرار دون أي مشاعر.

موضوعات مقترحة

نسيت أن أذكر لكم أن هذه الحسرة، وهذا اللوم ينشر على صفحات التواصل الاجتماعي نفسها، وطبعًا على الأكثر شهرة، الفيس بوك.

وأقول لهؤلاء: إن مواقع التواصل الاجتماعي مفترى عليها، فالكل يصب جام غضبه عليها، فعلماء النفس والاجتماع يقولون إن هذه المواقع هي السبب في حالات الطلاق، وفي فساد العلاقات الاجتماعية الجيدة، ورجال الإعلام يشنون حملة على هذه المواقع التي تنشر إشاعات وتروج لها، وفي انتظار علماء الاقتصاد ليخبرونا أن البورصة في خطر بسبب الفيس بوك.

ولكن دعوني أذكركم بأشياء مهمة جدًّا، لو افترضنا الآن أن موقع مثل الفيس بوك تم غلقه – فرضًا- فمن الذي سيذكرك بعيد ميلاد صديقك، ولا أريد أن أقول زوجتك، وكيف ستعلم بأن فلانًا تزوج، وأن آخر توفي، كيف ستعبر عما بداخلك، من الذي سيشاهد صورك الجديدة في رحلاتك.

صحيح أننا كنا نعيش بدون وسائل التواصل الاجتماعي، ولكننا كنا بالفعل بدأنا في البعد عن بعضنا البعض، والعلاقات أصبحت جافة، فالكل يجري وراء لقمة العيش، ولا وقت لدى إحدى الزيارات والمجاملات، وأيام زمان لن تعود، سواء أغلقنا الفيس بوك أو منعناه.

والشائعات عيب مجتمعي، ليس للفيس بوك وجميع وسائل التواصل ذنب فيه، فمن يطلق الشائعات هم البشر، وهو ما يذكرني بإلقاء التهم على الكمبيوتر عندما أذهب لمصلحة حكومية لأنهي ورقة ويحدث خطأ، فيقول الموظف "الكمبيوتر أخطأ"، فأضحك، فهل الكمبيوتر الذي أخطأ أم الإنسان الذي يعمل أمام الكمبيوتر هو الذي أخطأ.

أليست جلسات النميمة جزءًا أصيلًا من مجتمعنا، أم أنني أدعي ذلك؟ فلماذا نظلم الفيس بوك وغيره؟ أليست لدينا صحافة صفراء تنشر الشائعات، وتعرض الصور الفاضحة لتكون الأكثر مبيعًا؟ فلماذا إذن نتهم وسائل التواصل الاجتماعي بهذه التهم؟

أقول وبكل ثقة: إن الفيس بوك وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي، أعاد الود في العلاقات الاجتماعية، وزاد تواصل أفراد الأسرة مع بعضها البعض، وساعد على صلة الرحم، وفتح مجالًا رائعًا للتعبير عن الرأي، بل وزاد من حصيلة المعرفة للبعض الذي كان قد نسي معنى القراءة والكتابة.

وسائل التواصل الاجتماعي هي وسيط يمكننا أن نستخدمه بشكل إيجابي، ويمكن أيضًا أن نستخدمه بشكل سلبي، ويكفي أن اسمها "تواصل اجتماعي" أي تدعو للتواصل بين البشر، وهو ما نجحت فيه بالفعل كما أرى.

لا أعرف لماذا نتحسر دائمًا على الماضي والذكريات الجميلة، والزمن الجميل، ونحن يمكننا أن نصنع زمننا الجميل وذكريات جديدة جميلة، ويكفي أن الفيس بوك يقوم بتذكيرنا بذكرياتنا وبصداقتنا ويصنع لنا الفيديوهات الجميلة التي تعبر عن ذلك، هل هناك أجمل من ذلك؟

أرجو أن نكف عن إلقاء اللوم على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن ننظر لعيوبنا ونحاول علاجها بعيدًا عن الفيس بوك وأصدقائه.

كلمات البحث
اقرأ ايضا: