ما العلاقة بين جزيرة ميامي وبئر زمزم، أو بين بئر مسعود وبئر زمزم، من الذي أرسل قنينة عطرية من قننيات كليوباترا إلى تلك البقعة المقدسة؟
موضوعات مقترحة
تذكرت نور الدمرداش في فيلم "عنترة بن شداد" (إنتاج 1961) وهو يردد في كل حين: العطر يا ولد!
هل قامت كليوباترا بزيارة للأراضي المقدسة، وشاهدت بئر زمزم، وتركت هناك إحدى قنيناتها الفوّاحة، مثلما تركت إحداها في حمامها الشهير في مرسى مطروح؟
لقد عرف العرب العطور منذ وقت طويل، ويقال إنهم أول من استخدم تاج الزهرة لاستخراج ماء الزهور، ولم يستعملوا تاج الأزهار كعطرٍ فقط بل استعملوها كدواء أيضًا.
عرف العرب الياسمين والبنفسج وزهر الليمون والورد وغيرها من المصادر المهمة لاستخراج العطور، ولكن جوهر العطر يُستخرج من مصادر أخرى غير الأزهار، كالخشب ولا سيما خشب الأرز وخشب الصندل، ومن الأوراق مثل النعناع والغرنوق والخزامى، ومن جذور معينة مثل الزنجبيل والسوسن.
وتكمن الطريقة العربية لصناعة العطور في استقطار تيجان الأزهار مع الماء العاشق للزهور، وتكون عبر وضع رقائق من الزجاج في إطارات خشبية حيث تغلف بدهن نقي وتغطى بتيجان الأزهار وتكدس الواحدة فوق الأخرى. ويجري تبديل التيجان بين الحين والآخر إلى أن يمتص الدهن النقي الكمية المطلوبة من العطر.
ويعد الفيلسوف ابن سينا من أفضل العلماء المسلمين في صناعة العطور، فقد اكتشف طريقة استخراج العطر من الورود عن طريق "التقطير"، كما يعد الفيلسوف الكندي من أبرز العلماء العرب في صناعة العطور وله كتاب بعنوان "كيمياء العطور" ذكر فيه قائمة طويلة لعطور مختلفة، وكان يستخدم المسك والعنبر كجزء أساسي في أغلب العطور التي عرفها العرب والمسلمون بعد ذلك.
كان العرب والمسلمون الأوائل يعرفون قيمة العطور وأهميتها للإنسان، فللتعطير رجاله وصنّاعه ومستخدموه.
العطور العربية جزء من الثقافة العربية بشكل عام ومن أشهر منتجاتها: العود، العنبر، المسك، الياسمين، الريحان. وتختلف طريقة تصنيعها، وبعضها يحتاج للتقطير مثل الورد الطائفي.
قرأتْ كليوباترا عن العطور العربية، وقررت القيام برحلة إلى شبه الجزيرة العربية عام 40 قبل الميلاد، علّها تكتشف أنواعا جديدة من العطور. وهناك شاهدت بئر زمزم في مكة، كانت البئر تتدفق مرحبًا بزيارة الملكة المصرية، وكان الماء العاشق يعيش طفولته في تلك البئر المقدسة.
استمعت كليوباترا لقصة البئر العظيمة التي يبلغ عمقها 30 مترًا، وأعجبت أكثر عندما عرفت أن العيون المغذية للبئر تضخ ما بين 11 إلى 18.5 لتر ماء في الثانية.
قال الماء العاشق الذي لا يبلى ولا يفني ولا يتبخر ولا يتجمد، إنه كان مع جبريل. كانت هاجر المصرية تسعى وتهرول ما بين جبلي الصفا والمروة. كانت تحمل ابنها إسماعيل بعد أن تركه أبوه نبي الله وخليله إبراهيم معها في أرض قفراء لا زرع فيها ولا ماء. كادت تُجن، الطفل يبكي بكاءً مريرًا، الأم ليس لديها شيء تقدمه إليه، حتى لبنها جفَّ في صدرها، حطَّ جبريل على الأرض ضربها بعقبه، انفجرت عيون الماء، لحظتها أدركتُ سر الماء الإلهي، وأدركتُ أن هناك شعوبا وقبائل سوف تجيء لتتعارف في هذا المكان.
أخذت هاجر تزم الماء بيديها خشية أن يتسرب إلى رمال الصحراء الواسعة فتبلعه أو يتبخر سريعًا، لم تدر أن هناك بئرًا تصل عمقها إلى 30 مترًا تتدفق منه عيون الماء المقدسة.
أحست كليوباترا بالفخر عندما عرفت أن هاجر أم إسماعيل كانت مصرية مثلها. شربت كثيرًا من ماء زمزم، وفي كل شربة تعطش أكثر. أخذت معها قارورة كبيرة من ماء زمزم. عادت إلى الإسكندرية بالماء وبالفخر العظيم. ووعدتْ أن تكرر الزيارة في كل عام.
في العام التالي، عادت كليوباترا بعد أن صنعت عطرها الفريد وصبت فيه قطرات من ماء زمزم، حملت عدة قناني معها، وضعت إحداها بجوار البئر على عمق مترين تحت الرمل. وفوجئتْ بأعداد الناس تتزايد حول البئر وحول الكعبة، مجتمعات عربية ويهودية جديدة بدأت تنتشر هناك.
كنت أعرف قدر كليوباترا وأقدر جمالها وذكاءها، وقوة بأسها وثقافتها، فطلبت منها أن أذهب معها إلى الإسكندرية حيث تقيم وتحكم، رحبت على الفور. انتقلتُ من الصحراء العربية ومن جوار بئر زمزم إلى المياه السكندرية وقصر كليوباترا المطل على البحر المتوسط.