Close ad

حفيدة نوبار باشا " لـ"بوابة الأهرام": جدي لم يكن فاسدًا.. و"مصر الجديدة" حيّ تراثيّ عالمي | صور

3-12-2017 | 14:26
حفيدة نوبار باشا  لـبوابة الأهرام جدي لم يكن فاسدًا ومصر الجديدة حيّ تراثيّ عالمي | صور حفيدة نوبار باشا
حوار - منة الله الأبيض

"حبي لمصر لا يُفسر، ورثت من أجدادي وكبار الكُتاب البلجيكيين ذلك الشغف تجاه مصر، ربما أحب مصر لأن لديها التاريخ الأعظم والأكبر، أو لأن القدر اصطفاني لأكون حفيدة أول رئيس وزراء لمصر عام 1878م فتشربتُ عشقه اللانهائي للبلد العظيم".

موضوعات مقترحة

بهذه الكلمات افتتحت الكونتيسة إميلي فان آرسشوت حوارها لــ"بوابة الأهرام"، وهي الباحثة في التاريخ وعلم المتاحف، ومؤلفة كتاب "رواية هليوبليس"، وهو كتاب استغرق 7 سنوات من البحث لجمع وثائق هامة حول عائلة نوبار باشا، وإدوارد إمبان مؤسس "مصر الجديد"، ونابليون بونابرت، ومحمد علي، وإسماعيل باشا، كما أفردت فصلًا لكل من بوغوص نوبار، ونوبار باشا، نظرًا للخلط الشديد بينهما، ففي المدرسة الأرمينية بالقاهرة، يوجد تمثال نصفي ومكتوب عليه بوغوص نوبار، في حين أنه نوبار باشا، علي حد قولها.

تعترف الكونتيسة المختصة بكتابة تاريخ عائلة نوبار باشا، في حديثها لـ"بوابة الأهرام"، أنها خرجت عن الحيادية بعض الشيء في كتابة الرواية، لأنها تسرد انطباعاتها ودراستها لشخصيات عائلة نوبار باشا، فهي تنحاز لتاريخ العائلة من قبيل الجذور، والقيمة التاريخية التي قدموها لمصر، إذ تقول "أحكي حكاية عائلة، بمشاعر إنسانية وبوازع العاطفة، وأعرف أنني قد أتعرض لبعض الانتقاد، لأن كُتّاب التاريخ دائمًا يتعرضون لمثل هذا الاتهام، اتهام الانحياز، لكنني في الوقت ذاته، أيدت حديثي في الكتابة، بالدراسة الموثقة".

ولد جدّها الأكبر نوبار باشا نوباريان، "أول رئيس وزراء لمصر" في أزمير، يوم 4 فبراير 1825 من نسل عائلة عريقة، ترجع أصولها إلى أعالي أرمينيا، وبعد أن أتم دراسته الابتدائية في جنيف، التحق مع أخيه أراكيل بمدرسة سوريز بالقرب من تولوز حيث أمضيا فيها أربعة أعوام من سنة 1836 إلى 1840، وكان نوبار في السابعة عشر من عمره عندما تم استدعاؤه إلى القاهرة من قبل خاله بوغوص بك يوسفيان الذي كان يشغل منصب وزير التجارة والأمور الإفرنجية لوالي مصر محمد علي باشا، وبعد أن عمل نوبار باشا سكرتيرًا في مكتب خاله، أصبح سكرتيرًا ومترجمًا لمحمد علي، ثم التحق بخدمة إبراهيم باشا الذي اصطحبه معه في كل أسفاره.

أسس نوبار باشا، شركة القاهرة للمياه، التي أدخلت المياه الجارية، وأدى إلى إنشاء مدينة مصر الجديدة في منتصف الصحراء. خلال سعيد باشا الأول، كما عُين نوبار نوباريان مدير الخدمات الصحية ثم النائب العام، ومنسق السياسات بين وزارة الشؤون الخارجية والسفارات وكذلك الوالي، وأخيرًا ممثلًا للتجارة في باريس .بعد ذلك، خلال فترة حكم إسماعيل، أصبح نوبار متمركزًا في باريس وأصبح المسئول عن التعامل مع المسائل المالية والقانونية بشأن قناة السويس، ثم في عام 1865 تم تعيينه وزيرا للأشغال العامة، حيث أعد خطة مدروسة للري.

كانت نتائج خطته موفقة، حيث كرمه إسماعيل بقناة جديدة في محافظة البحيرة، أطلق عليها من بعده "النوبارية" أيضًا، كمكافأة تشجيعية لتحسينه أنواع مختلفة من القطن، وكان المنتج الأكثر ربحية في مصر في ذلك الوقت، وهو نوع من القطن طويل التيلة أطلق عليه نوباري. علاوة على ذلك ، نوبار أول رجل دولة مصري طرح القضايا الإنسانية ومبدأ العدالة الاجتماعية في القرن 19. من بين إنجازاته الكبيرة والإصلاحات القانونية وإنشاء المحاكم المختلطة في مصر،  تم تعيينه أول رئيس وزراء مصر في عام 1878 ويحتفظ بحقه في تولي وزارات الخارجية والعدل.

وفي عام 1895، حصل نوبار باشا على وسام النيل الشرفي، أعلى جائزة في مصر، وتقاعد بعد أن خدم ستة خلفاء وولاة، وبذلك بحسب سيرته الذاتية في مذكراته التي كتبها في الفترة ما بين نوفمبر 1890 ومايو 1894، إذ كتبها في عمر يناهز الخامسة والستين، خلال عمله السياسي.

وبالرغم من إنجازاته، فإن نوبار باشا، تعرض لاتهامات بالفساد وموالاته للأجانب على حساب المصريين، وتدافع الكونيسة إميلي كل هذه الاتهامات، إذ تقول لـ"بوابة الأهرام": " أنا ضد اتهامه بالفساد لأنه ذكر في مذكراته جملة مهمة، وهي (أيًّا ما كانت الشائعات التي تثار حولي، أنا لست بريطانيًا أو فرنسيًا وإنما أنا مصري)، وبسبب قوله هذا، تم انتقاده من الفرنسيين لأنه كان علي حق، وعلى سبيل المثال؛ كان نوبار باشا له رؤية فيما يتعلق باستدانة إسماعيل باشا، التي بسببها عرض مصر للإفلاس، وهو ما أدى إلى احتلال بريطانيا لمصر".

وتضيف "عارض نوبار باشا الضرائب بكل أدواتها، والسخرة، لما لها من ضرب للقوة الإنتاجية الأساسية، وجاهد من أجل إلغائها، فهو لم يكن فاسدًا بل كان مصريًا عاشقًا لمصر".

تقف حفيدة نوبار باشا، على مسافة غير متساوية من رؤيتها للاحتلالين الإنجليزي والفرنسي، إذ تعتبر أن الإنجليز هم سبب الأحوال المتردية التي تعرضت لها مصر، واحتلوا مصر لمدة طويلة جدًا قاسى فيها الشعب المصري، بينما الفرنسيون، حكموا مصر ثلاث سنوات، وخلال هذه المدة باستثناء بعض المواقف، قدموا للمصريين علم المصريات، واستطاعوا أن يكشفوا أسرارًا كثيرة حول الحضارة المصرية، بالإضافة إلى الموسوعة المهمة لمصر "وصف مصر".

تقول "أنا أحاول أن أعرض في كتابي، لماذا كان سكان مصر الجديدة يحاولون التحدث باللغة الفرنسية، ولماذا أحبوا الفرنساويين".

في النهاية، لا تحبذ الكونتيسة الحديث في السياسية، وتعتبر كتابها، كتابًا اجتماعيًا وليس سياسيًا، إذ يتوقف كتابها عند مرحلة ترك إدوارد إمبان وبوغوص نوبار لمصر، حيث تأخذ مصر الجديدة بعدًا آخر، وتتطرق لمرحلة ناصر بشكل طفيف، ولا تحمل أي رسالة لأيّة نظام سياسي، لكنها تهيب بقاطني مصر الجديدة أن ينهضوا بمدينتهم وألا يتركوها، وتأمل في أن تتخذ "اليونسكو" قرارًا باعتبار مصر الجديدة مدينة تراثية.




كلمات البحث
اقرأ ايضا: