الإجابة شادية.. وسط حالة من الإرتباك في الإعلام والثقافة نعيشها كمجتمع، في ظل عملية تحول اجتماعي واسعة النطاق تعيشها مصر، بعد الخروج من ثورتين، بآمال كبيرة في بناء الجمهورية الثانية على إعلاء قيمة الفكر والعلم والفنون والرقي واحترام الآخر، لنواجه بها شوكة الإرهاب القذر الذي يحاول حصار مصر - ولن يستطيع أبدًا-، تأتي شادية بالإجابة وافية.
موضوعات مقترحة
في زمن الترافيك، والجري خلف التقاليع، والمتاجرة بأي شيء للفت الأنظار، وقفت السيدة فاطمة أحمد شاكر، التي نعرفها جميعا باسم "شادية"، لتقدم القيمة التي نبحث عنها، عاشت شادية حياتها في مختلف مراحلها على قيمة إنكار الذات، وأي ذات تلك التي تخفيها شادية عنا ؟! .
إنها أحد أعظم حكايات مصر الفنية عبر التاريخ، الفلتة متعددة المواهب على المستوى الفني، والشخصية نادرة الوجود على المستوى الإنساني، فهل يا ترى عندما أعطت شادية لفنها وحياتها بإخلاص، بعيدا عن كذب الزفة وكاذبيها، هل ضاعت قيمتها أو غابت ؟!، لم يحدث.
شادية، التي صاحبتنا في كل مواكب الفرحة بصوت محمل بطمي النيل، وهي تهتف، يا حبيبتي يا مصر يا مصر، تبكيها مصر الليلة، في كل مدنها وقراها ونجوعها وهم يهتفون "يا حبيبتي يا شادية"، يبكون شادية التي اعتزلت، وغابت عن الأنظار، طوال ما يقرب من ثلاثة عقود في نهاية حياتها، ولكنها لم تغب عن القلوب أبدًا، رغم أننا لم نكن نقرأ تصريحاتها على مدار الساعة، ولم تسعدنا برؤيتها على الشاشات آناء الليل وأطراف النهار.
إذن معادلة التحقق الفنية ممكنة، دون اللجوء إلى الابتذال والجري والتنطيط في الفضائيات، ومن لديه قيمة يقدمها سيدافع عنه الناس ويصعدوا باسمه، قبل أن يهتم هو بالتسويق لنفسه، المهم أن يكون لديه ما يقدمه مثل شادية.
وسط كل المنجز الفني الكبير الذي قدمته "شادية" طوال تاريخها الكبير، رأيت الحزن والاشتياق لها وسط البسطاء والعاديين اليوم في ليلة رحيلها، ليس حزنًا على قيمة فنية كبيرة فقط، ولكن حزنًا على واحدة من أفراد الأسرة الكبيرة، التي حافظت على قيم وروح الأسرة، وشرفت كل أفرادها، شرفت كل أفراد الأسرة المصرية، حتى أصبحت كالهرم الرابع.
رددت شادية عبر العقود، يا حبيبتي يا مصر، واليوم تأتيها الإجابة ليلة رحيلها من مصر وطن ومواطنين، يا حبيبتي يا شادية.