Close ad

القومية في "العروبة المصرية" لمصطفى الفقي

2-9-2017 | 14:56
القومية في العروبة المصرية لمصطفى الفقيمصطفى الفقي
الحسين عبد البصير

لكل مفكر مشروع فكري يوضح رؤيته ويمثل حصاد سنينه، ويقوم مشروع المفكر السياسي والمثقف القومي البارز ومدير مكتبة الإسكندرية الدكتور مصطفى الفقي على فكرة تجديد الفكر القومي والإيمان الكامل بالعروبة، والتأكيد على هذا البعد الخاص من أبعاد مصر الحضارية والشخصية المصرية، ابتداءً من اشتغلاله بالعمل السياسي، ومرورًا بكتابه الرائد "تجديد الفكر القومي"، ووصولًا إلى كتابه الجديد، "العروبة المصرية"، (الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2017، 681 صفحة من القطع المتوسط)، حيث يقدم لنا الدكتور الفقي رؤيته السياسية والثقافية الثاقبة لدور مصر العربي والقومي والمحوري في محيطها العربي منذ البدايات، مع التركيز على الحقبة الناصرية، والتي تبلورت فيها الرؤية والمفهوم القومي وما تلاها.

موضوعات مقترحة

ويمثل هذا الكتاب خلاصة فكر ورؤية الدكتور الفقي في هذا الشأن، ومفتاحًا لمشروعه الفكري المبني على بعث الفكر القومي، فمصر هي حجر الزواية في المشروع القومي العربي الذي يعاني حاليًا من تقلبات كثيرة في ظل انحسار المدى القومي وغياب المشروع الناصري الذي كان القوة الدافعة له.

ويقول الدكتور الفقي في تقديمه: "دعنا نعترف أن العروبة السياسية قد ترسخت بعد ثورة يوليو 1952، حيث جسد جمال عبدالناصر رمزًا لقيادة عربية مسموعة من الخليج إلى المحيط".

وجمع هذا الكتاب كتابات الدكتور الفقي العديدة حول قضايا تتعلق بما يطلق عليه "العروبة المصرية" كمكون محوري من البنية الفلسفية للهوية المصرية العريقة، ويؤكد المؤلف على أن: " عروبة مصر كانت دائمًا مصدر إلهام ومركز تأثير لبلد حافظ على تراثه الثقافي وهويته القومية"، فضلًا عن الدور المحوري للأزهر الشريف والبعد الإسلامي للهوية المصرية للحفاظ على اللغة العربية وآدابها وفنونها وعلومها، فكانت تلك الهوية العروبية الثقافية هي الأساس الذي قامت عليه العروبة السياسية التي بزعت من مصر جمال عبد الناصر وثورة يوليو ذات البعد القومي الذي كان أبرز ما قامت من أجله وأعلت من شأنه، ومصر هي حاضرة الثقافة العربية ومركز العروبة وهذه قضية مستقرة لا تحتاج إلى إثبات أو مناقشة.

ويقرأ المؤلف الأحداث ويعيد وضع السياسات في إطارها من خلال رؤية تنظيرية جادة تسعي لبعث الروح العربية، وينتج في النهاية إصطلاحًا جديدًا، هو "العروبة المصرية"، أحد أبرز سمات أدبيات الشؤون العربية التي تنبني على الدور المصري، ويكشف آفاق المستقبل في أبواب الكتب العشرة من خلال طرح العديد من القضايا الإشكالية والمقارنات بين النظم العربية ومشكلاتها المؤرقة بين السياسة والتنمية والقضية الفلسطينية وإسرائيل والرأي العام وحقوق الإنسان وثورة المعلومات وسقوط الحواجز والعرب والعالم وعروبة مصر وثورات الربيع العربي وما لها وما عليها والأطماع الإيرانية التركية وتراث الخلافات العقائدية وتراجع المشروع القومي في مواجهة المد الإسلامي والعديد من القضايا والشخصيات وإشكاليات المستقبل العربي.

ويكمن جوهر الكتاب في التأصيل لما يذهب إليه المؤلف من انتقال الهوية المصرية من مرحلة "العروبة الثقافية" إلى مرحلة "العروبة السياسية"، مركزًا على المفهوم العصري للقومية العربية والبعد الثقافي والتجانس اللغوي كعناصر مشكلة لسبيكة العروبة المصرية والقومية العربية.

وهذا الفكر القومي ليس غريبًا على الدكتور مصطفى الفقي، الذي عمل لأكثر من نصف قرن في العمل العربي المشترك، وعرك الحياة السياسية بكل مستوياتها في عالمنا العربي حين عمل مساعدًا أول لوزير الخارجية المصرية للشؤون العربية، ومندوبًا دائمًا لمصر لدى الجامعة العربية، فضلًا عن ترشيح مصر له لمنصب الأمين العام للجامعة العربية عام 2011.

هذا كتاب كاشف ومفيد لكل المهتمين بالشؤون العربية ومصر العروبة وللأجيال القادمة، فتحية تقدير للدكتور مصطفى الفقي على هذا الكتاب القيم.

كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة