كان طريق قفط ــ القصير من أهم الطرق التجارية في مصر منذ العهود القديمة؛ حيث كان هو الطريق الذي شيده الفراعنة باتجاه البحر الأحمر، وحمل الطريق مسميات عديدة مثل: "طريق الحمامات" أو" طريق الينابيع"، كما كان هو طريق الحج القديم، كما كان طريقًا لجلب الأحجار من المناجم الفرعونية وكذلك الذهب حيث وصفته خريطة الذهب المعروفة بخريطة "تورين".
موضوعات مقترحة
كانت وزارة الآثار أعلنت، مساء أمس الأربعاء، في بيان لها، عن الكشف عن مجموعة من النقوش والكتابات الأثرية تعود للعصر الإسلامي، وذلك في أحد الكهوف الجبلية الموجودة خلف ضريح الشيخ عبد العال بطريق قفط - القصير، وذلك أثناء أعمال المسح الأثري الذي تجريه وزارة الآثار بواسطة بعثة أثرية مصرية لتسجيل المواقع الأثرية الواقعة داخل نطاق المثلث الذهبي التي تمتد قاعدته ما بين مدينتي سفاجا والقصير ورأسه مدينة قنا، وقد أُطلق عليه هذا الاسم نظرًا لوجود أغلب مناجم الذهب القديمة داخل حدوده.
يقول الباحث نور القفطي لـ"بوابة الأهرام"، إن طريق الحمامات أو طريق قفط القصير يضم حمامات كليوباترا، "حيث كانت تستريح بالقرب من البئر حين سلكت هذا الطريق، كما كان هو الطريق الذي يصل لصحراء عيذاب، حيث كان الطريق في عصر البطالمة هو طريق التجارة المطروق لبلاد الهند"، مضيفًا أن البطالمة قاموا بحفر آبار وكذلك مخازن لبضائعه، كما قاموا بإنشاء مدينة البرانيس على ساحل البحر الأحمر.
وأضاف القفطي أن الطريق تم العثور به على عدة آثار مهمة منها "اكتشاف أقدم تعريفة للبضائع في العصر البطلمي، حيث كان هو الطريق الذي يربط مصر بأفريقيا ببلاد الحجاز، كما يضم الكثير من أولياء الله الصالحين في العصر الإسلامي مثل ضريح الشيخ عبد العال والشيخ عبدالغفار وغيرهم"، لافتًا إلى أن القوافل كانت تسلك طريق قوص ومنها لقفط، حيث يعبرون الصحراء حتى ميناء عيذاب، حيث كان يسلكه حجاج المغرب العربي لبلاد الحجاز.
وخريطة الذهب الفرعونية المتواجدة بمتحف تورين وصفت هذا الطريق والمناجم التي تضمه، ويقول الأثريون إن الخريطة رسمها آمون نخت بن آبوي من دير المدينة بالأقصر، وتحدد هذه الخريطة الطريق إلى مناجم الذهب في وادي الحمامات الذي يربط بين مركز قفط في قنا والقصير على البحر الأحمر، وترجع إلى عصر الملك سيتي الأول، أي في الربع الأخير من القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
من هذا الطريق قام الفراعنة بقطع الأحجار لبناء معابدهم في الصعيد والدلتا، مثلما استخرجوا منه الذهب، كما يقول القفطي، لافتًا إلى أنه في عام 1900م، أي منذ 117 سنة، "قامت شركات إنجليزية باكتشاف 17 منجمًا في المنطقة منها منجم الفواخير الذي كان يعمل حتى عام 1958م، حيث توقف العمل به بسبب خلافات سياسية بين قيادة ثورة يوليو وبين إيطاليا التي كانت تقوم شركاتها باستغلال المواد الخام فيه".
وأضاف أن "هذا الطريق زاره الكثير من الملوك الفراعنة لأهميته وكان يستخرج منه حجر البرشتا، كما يمثل منجمًا كبيرًا لمصر"، لافتًا إلى أنه في العصور القديمة عاشت به قبائل الأنباط العربية الذين استخدمهم الرومان في حماية القوافل التجارية، مضيفًا أن "آخر دراسة علمية أكدت أنه غني بالبترول مثلما هو غني بالذهب والأحجار الكريمة مثل دراسة الدكتور عمر عبدالله نصيف، الذي أكد في دراساته الجامعية أن المنطقة غنية بالبترول".
وأضاف الباحث التاريخي ضياء العنقاوي لـ"بوابة الأهرام"، أن ضريح الشيخ عبد الله الذي تم تجديده مؤخرًا يبعد عن عيذاب بمقدار 4 كيلو مترات قبل الميناء القديم في القصير، الذي كانت تمر منه قوافل الحجيج القادمة من بلاد المغرب العربي، حيث كانت تمر منه لبلاد الحجاز، حيث قام الحجاج في هذا الطريق بتدوين الكثير من الكتابات على الأحجار.
وأوضح أنه في عصر الحملة الفرنسية أراد الفرنسيون احتلال هذا الطريق لأهميته التجارية الكبرى، لافتًا إلى أن "الكتابات الفرنسية تذكر الكثير عن أهم معالم هذا الطريق، وهي بئر عنبر التي قام بحفرها عنبر حفيد العالم كمال الدين الأخميمي في القرن الحادي عشر الهجري، وهي البئر التي قام بتجديدها إبراهيم باشا لاعتماد قوافل الحجيج عليها".
ولفت إلى أن هذا الطريق "كان طريقًا معمولا به للتجارة منذ العصر الفرعوني حتى العصر الإسلامي، حيث ذكره الكثير من الرحالة والمؤرخين العرب مثل ابن جبير وياقوت الحموي وغيرهم، مضيفًا أن هذا الطريق "شهد بعثات أجنبية في ثمانينيات القرن الماضي لاكتشاف شواهد الميناء القديم على البحر الأحمر، حيث اكتشفت البعثات الأجنبية آلاف النقوش الفرعونية به".## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ## ##